يوما واحدا بعد انتهاء الزيارة الملكية لابن جرير، نظم سكان جماعة "لبريكيين" بإقليم الرحامنة وقفة احتجاجية، أول أمس السبت، طالبوا خلالها بإصلاح الطريق الرابطة بين مدينة ابن جرير ومركز الجماعة، وفتح أبواب مركز التوليد، ووضع حد للأضرار البيئية والصحية التي تتسبب فيها مقالع الرمال والكَرانيت بالمنطقة. النقطة التي أفاضت كأس الاحتجاجات بجماعة "لبريكيين" كانت حوادث السير المروعة الأخيرة، التي وقعت بالطريق المسمّاة "طريق الموت"، والممتدة على طول 13 كلم، والتي تحصد سنويا العشرات من الضحايا، كان آخرهم صاحب دراجة نارية قضى في اصطدام مع شاحنة لنقل الرمال، تحول على إثره إلى أشلاء، بينما لا زال مرافقه يرقد في غيبوبة بمستشفى ابن طفيل بمراكش. مطلب أساسي آخر رفعه المتظاهرون، الذين كانوا مؤازرين بممثلي هيئات سياسية وحقوقية ونقابية، ويتعلق بمركز التوليد أو "دار الولادة"، الذي تم تشييده، منذ مدة طويلة، ولا زال مغلقا وتنقصه التجهيزات والموارد البشرية، ويضطر السكان إلى نقل نسائهن المقبلات على الولادة إلى المستشفى الإقليمي بابن جرير، والمرور، بالضرورة، ب"طريق الموت". المتظاهرون نددوا، أيضا، بما تتسبب فيه الشاحنات التي تنقل الرمال والكَرانيت من المقالع المنتشرة بالمنطقة، من تردي للطريق الرابطة بين ابن جرير ولبريكيين، فضلا عن الأضرار الصحية والمادية التي تتسبب فيها المقالع نفسها، من قبيل ظهور أمراض تنفسية (الربو والحساسية)، خصوصا في وسط الأطفال، ناهيك عما أدت إليه من نفوق عدد كبير من رؤوس الماشية والدواجن، وتراجع للقطعان التي ترعى الكلأ الملوث بالأتربة، والأضرار البيئية المتمثلة في التدهور الخطير للغطاء النباتي، إذ تراجعت مساحات حقول أشجار الزيتون والعنب والصبار، وظهرت بوادر التصحر على مجموعة من الضيعات الفلاحية المسقية التي كانت تزخر، إلى حد قريب، بأنواع الخضروات والمزروعات، وتشكل مصدر العيش الأساسي لغالبية الأسر. وأوضح المحتجون بأن هذه المقالع، التي قالوا بأن معظمها لا تحترم دفاتر التحملات الخاصة باستغلال الرمال والكَرانيت، تتسبب في إزعاج يومي لراحة السكان وللمناخ التربوي بالمدارس، من خلال اختراق الشاحنات للدواوير، مع ما يترتب عن ذلك من تهديد للسلامة الجسدية للأطفال، وظهور شقوق وتصدعات بالمنازل الناتجة عن الاستخدام المفرط للمتفجرات في مقالع الكرانيت. وأكد العديد من المتظاهرين بأن الشكايات التي وجهوها إلى عامل الإقليم لم تجد آذانا صاغية، ملمحين إلى ما اعتبروه "تواطؤا لبعض الجهات المسؤولة مع مالكي هذه المقالع الذين قالوا بأنهم من ذوي النفوذ ومقربين من السلطة"، مطالبين بالتوقيف الفوري لأشغال استغلال جميع المقالع، وبتشكيل لجنة لتقييم الأضرار الصحية والبيئية الناجمة عن هذا الاستغلال المفرط والعشوائي، وتعويض المتضررين. كما طالبوا لسلطات القضائية بتفعيل المساطر القانونية والنظر في الدعاوى المرفوعة من طرف المتضررين، وبضرورة فتح تحقيق من أجل تحديد المسؤوليات في هذه الكارثة البيئية، والوقوف على مدى احترام مستغلي المقالع لدفاتر التحملات المعمول بها في المجال، وكذا مدى الالتزام بكميات الرمل والكرانيت المسموح باستخراجها يوميا، محملين الجهات المسؤولة، إقليميا ومركزيا، عواقب استمرار هذه الكارثة البيئية، وما تشكله من مس للحق في الحياة والحق في بيئة سليمة لساكنة هذه الجماعة القروية. المحتجون يستغربون كيف أن المسؤولين الإداريين والعديد من السياسيين في الإقليم، يتحدثون عما يعتبرونه "مشروعا تنمويا كبيرا" تشهده المنطقة، في الوقت الذي تعيش فيه جماعتهم، التي لا تبعد سوى بكيلومترات قليلة عن عاصمة الإقليم، ترديا في الخدمات الأساسية الاجتماعية والصحية.