حالة توتر قصوى تعيشها جماعة المعاشات جنوبآسفي بعد عزم شباب المنطقة على اعتراض سبيل أساطيل الشاحنات التي تنقل يوميا أطنانا من الرمال لإعادة بيعها خارج الإقليم، لتجني من خلالها مئات من الملايين يوميا ..تنامي سياسة الريع والامتيازات خلقت مواجهات بين ساكنة المنطقة وأباطرة المقالع والسلطات المحلية التي عبأت رجال الدرك الملكي لتطويق هذا «العصيان القروي» في محاولة ل» تحرير الطريق « لمئات من الشاحنات الكبرى التي تعبر مدينة آسفي في تجاه مدن الرباط والبيضاء ومراكش .. إصرار شباب المنطقة على وضع حد لنهب الثروات المحلية، وتخريب البيئة وتشويه المجال إلى جانب ما يجنيه أصحاب المقالع من ملايير على حساب راحة السكان الذين يعانون الأمرين جراء حوادث السير القاتلة، وغبار المقالع والضجيج وإتلاف المسالك الطرقية ..هو رد فعل من منطقة لم تستفد ساكنتها من أي مجهود تنموي ، إذ تعتبر جماعة المعاشات رغم مؤهلاتها الطبيعية من المناطق الأكثر فقرا بفعل الإقصاء الاجتماعي، وتنامي مؤشرات الهشاشة، وضعف الولوج إلى الخدمات الأساسية .. المواجهات التي شهدها الأسبوع المنصرم، أدت إلى اعتقالات في صفوف المحتجين وإحالة أربعة منهم على النيابة العامة في حالة اعتقال قبل أن تقرر متابعتهم في حالة سراح بعد تنظيم شباب المنطقة لوقفة احتجاجية أمام ابتدائية آسفي تزامنا مع جلسة المحاكمة .. ساكنة الدواوير المجاورة للمقالع بخميس أولاد الحاج وزاوية رتنانة وأولاد الطاهر بنعبد الله والكوادر وسيدي سعيد .. وجهت عريضة احتجاجية إلى الجهات المعنية منها وزارة التجهيز والنقل ، تثير من خلالها الأضرار الصحية والبيئية التي تعاني منها ساكنة المنطقة وكذا التخريب التي تتعرض له البنيات التحتية من طرق وجسور ومسالك ..العريضة توقفت كذلك عند الخروقات المرتبطة باستغلال المقالع كعدم احترام مواقيت العمل، وتجاوز الحمولة القانونية والسرعة المفرطة للشاحنات الكبرى والتي أودت بحياة العديد من الضحايا ... هذا الوضع ساهمت فيه كذلك سلطات الولاية التي قامت في وقت سابق بتنصيب رئيس جماعة المعاشات، وهو برلماني بغرفة المستشارين عن حركة عرشان، رئيسا لجمعية أسمتها « جمعية أرباب المقالع « ومتعته رفقة مقربين بترخيصات جديدة ليجني ومن معه الملايير بحكم موقعه الجديد . ودرءا لاحتجاجات السكان ، فقد قام أرباب المقالع باستمالة البعض من ساكنة المنطقة عبر إتاوات مالية يومية لشراء صمتهم ..لكن فتيل التوتر سيفتح جبهة جديدة مع أباطرة الرمال خاصة بعد أن أقدمت هذه السنة، ولاية آسفي ، وبتزكية من وزارة النقل والتجهيز - القطاع الوصي عن المقالع - على الموافقة على منح تراخيص جديدة على مساحة 200 هكتار لأثرياء ونافذين، في مقدمتهم رئيس جماعة المعاشات الذي أضيفت إليه ثلاثة تراخيص جديدة بعد أن كان يتوفر على خمسة تراخيص سابقة ، وترخيص آخر لرئيس جماعة الغيات الذي كانت وزارة الداخلية قد اتخذت في حقه قرار العزل لنهبه ميزانية الجماعة ، كما شملت التراخيص الجديدة شخصيات نافذة ومقيمين خارج أرض الوطن .. استفادة منتخبين من المقالع حول الرمال المنهوبة بإقليم آسفي وعائداتها الريعية إلى صندوق أسود في يد «نخبة هجينة «، تصنع بها الخريطة التمثيلية بالبرلمان والغرف والجماعات المحلية .. يقع هذا في الوقت الذي صادقت فيه حكومة بنكيران خلال شهر يوليوز الماضي على المقتضيات الجديدة لكناش التحملات المنظم لاستغلال مقالع الرمال، وبررت هذه الخطوة بضمان تكافؤ الفرص بين المستثمرين وتفعيل المراقبة والحفاظ على التوازنالبيئي ..فيما شدد وزيرها في التجهيز والنقل على استعمال رمال الجرف والتفتيت كحل بديل لرمال الكثبان الساحلية .. فهل تمتلك وزارة التجهيز والنقل الشجاعة للكشف عن المستفيدين الجدد للكثبان الرملية بعدد من الأراضي الفلاحية، والناجمة أصلا عن رمال الملك العمومي البحري ؟.. وهل تمتلك الحكومة مفاتيح التنمية الحقيقية للإجابة عن التوتر الاجتماعي الصاعد من جماعة المعاشات جنوبآسفي، والذي ينذر بفصول جديدة من المواجهات .. ؟