تصريح مثير أدلى به المستشار البرلماني والقيادي الاستقلالي، عبد اللطيف أبدوح، أمس الخميس، خلال محاكمته أمام غرفة الجنايات الاستئنافية بمراكش في الملف المعروف ب"كازينو السعدي"، أكد فيه بأن كان سيفوّت البقعة الأرضية وسط فندق السعدي بالحي الشتوي الراقي بالمدينة الحمراء، حتى لو عرضوا عليه درهما للمتر المربع، زاعما بأن البقعة تقع بقلب هذه المؤسسة السياحية ولا يمكن أن تقتنيها أي جهة أخرى غير الفندق الذي كان يستغلها. ومثلما فعل خلال المرحلة الابتدائية من المحاكمة، رفع أبدوح السقف عاليا ملمحا إلى مسؤولية كل من وزير الداخلية الأسبق، إدريس جطو، والوالي الأسبق لمراكش، محمد حصّاد، والكاتب العام لولاية الجهة خلال بداية الألفية الثالثة، عبد السلام بيكرات، في عملية التفويت. المتهم الأول، الذي يتابع إلى جانب 10 متهمين آخرين، في هذا الملف المتعلق ب"الاختلالات المالية والإدارية التي شهدتها بلدية المنارة جليز بمراكش، خلال الفترة التي ترأس أبدوح مجلسها بين 1997 و2003″، صرح بأنه تعرض لضغط قوي من طرف سلطة الوصاية، ممثلة في والي مراكش الأسبق ووزير الداخلية الحالي ، محمد حصّاد، الذي قال بأنه أصر عليه لإدراج نقطة تفويت كازينو السعدي في إحدى دورات المجلس. أوضح، بأن الوالي حصّاد راسله في ثلاث مناسبات، وفي المرة الأخيرة أكد له بأنه سيحضر شخصيا أشغال الدورة من أجل إقناع أعضاء المجلس بضرورة المصادقة على مقرّر التفويت. وأَضاف، بأن حصاد لم يحضر، ولكنه انتدب رئيس قسم الجماعات المحلية لينوب عنه و ليقدم عرضا، شدّد فيه على ضرورة تفويت العقار البالغة مساحته هكتارا للشركة المستغلة للكازينو، والتي قال بأنها كانت تنوي استثمار أكثر من ثلاثين مليار سنتيم وتشغيل أكثر من 300 مستخدم وموظف. وأضاف بأن المجلس البلدي لم يحدد سعر التفويت، وإنما قامت بذلك لجنة للتقويم ترأسها الكاتب العام السابق للولاية،عبد السلام بيكرات، محددة السعر في 600 درهم للمتر المربع. أبدوح لم يكتف برمي الكرة في مرمى الوالي السابق حصّاد و الكاتب العام بيكرات، لا بل إنه رفع السقف عاليا، حين صرّح بأن مقررات المجالس الجماعية لا تصبح نافذة ونهائية إلا بالمصادقة عليها من طرف سلطات الوصاية محليا ومركزيا. وأشار إلى أن المجلس صوّت على مقرر التفويت، في دورة أكتوبر من سنة 2001، وصادق عليه وزير الداخلية آنذاك، إدريس جطو، بتاريخ 12 يونيو من سنة 2002. ولم يجد أبدوح غير تجرع لعابه و اكتفى بأن جحظ بعينيه عندما سأله محامي الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة (ترانسبارنسي المغرب)، باعتبارها الطرف المدني في الملف، حول السر الكامن وراء عدم انتظار انتهاء العقدة المبرمة مع الشركة المستغلة للكازينو، والتي كانت ستنتهي سنوات قليلة قبل التفويت. وهو ما كان سيتيح لمدينة مراكش أن تصبح،في شخص بلدية المنارة جليز،مالكة لأرض عارية في قلب الحي الشتوي الراقي مساحتها 7720 مترا مربعا، فضلا عن البناء المشيد عليه الكازينو والبالغة مساحته 2280 مترا مربعا، وهل كان قرار لجنة التقويم ملزما للمجلس، وهو المفترض فيه قانونيا وسياسيا أن يكون سيدا لقراراته، حتى يصادق على 600 درهم للمتر المربع، في الوقت الذي خلص فيه تقرير رسمي صادر عن المفتشية العامة للإدارة الترابية، التابعة لوزارة الداخلية، إلى أن "أكثر من 46 مليار سنتيم ضاعت في تفويت مجلس بلدية المنارة جليز لأملاك جماعية لفائدة مؤسسات فندقية وخواص بأثمنة بخسة وفي أجواء غابت فيها الشفافية"، مؤكدا بأن سعر التفويت لا يمكنه أن يقل عن مليوني سنتيم للمتر المربع في كل هذه العقارات. هذا، وقد حددت المحكمة 26 يناير الجاري تاريخا للجلسة المقبلة، التي من المقرر أن تشرع خلالها في مناقشة الملف، والتي من المنتظر أن تُستهل بمرافعة محامي "ترانسبارنسي"، عبد الحميد المدهون، تتبعها مرافعة النيابة العامة، قبل أن تعطى الفرصة لدفاع المتهمين.