المؤشرات الحالية تدفع كثيرا من الفلاحين إلى إبداء تخوف من إمكانية تكرار سيناريو الموسم الماضي الذي تميز بموجة جفاف أثرت على المحاصيل، وتأخر الأمطار في شهر يناير قد يعصف بتفاؤل كبير أبدته وزارة الفلاحة من إمكانية تعويض الخسائر المسجلة الموسم الماضي. رغم إبداء وزارة الفلاحة والصيد البحري تفاؤلا كبيرا بشأن الموسم الفلاحي الحالي، خاصة مع موجة التساقطات المطرية التي شهدتها عدد من المناطق بداية الموسم، والتي فاقت المعدلات التي تسجل عادة في سنة فلاحية عادية، إلا أن تأخر التساقطات خلال شهر يناير الجاري، يثير تخوف الفلاحين من تكرار سيناريو الموسم الفلاحي الذي عرف موجة جفاف أثرت بشكل كبير على المحاصيل. وقال خالد بنسليمان، أحد أكبر مهنيي الحبوب بالمغرب، إن الزرع "البكري" ما يزال يقاوم، في حين أن "المازوزي" يحتاج إلى الأمطار في أسرع وقت وإلا شهد خسارات كبيرة، خاصة أن الأمر يتعلق بفترة "الليالي" التي كانت تعرف في الماضي بوفرة التساقطات التي تضمن تسجيل نتائج جيدة في المحاصيل، شريطة استمرار التساقطات إلى شهر مارس. بنسليمان أضاف "أن مدة الشهر التي تفصلنا عن آخر تساقطات شهدتها المملكة، يدفع كثيرا من الفلاحين إلى التوجس من مستقبل مزروعاتهم من الحبوب، خاصة أن الفترة فترة تفريخ السنابل، والتي تحتاج إلى أسمدة لدعمها، وهو ما يتعذر في غياب الأمطار، وهذا يعيد شبح تكرار سيناريو الموسم الماضي، وحتى التنبؤات الصادرة عن الأرصاد الجوية لا تعطي أي مؤشرات بإمكانية تساقط الأمطار خلال الأسبوعين المقبلين، وهذا أمر غير مشجع بالمرة". وكانت وزارة الفلاحة قالت نهاية نونبر الماضي إن التساقطات المطرية التي فاقت المعدل المسجل في سنة عادية، يعزز آفاق موسم فلاحي جيد ذي مؤشرات واعدة. إذ بلغ متوسط التساقطات المطرية التراكمية على المستوى الوطني نحو 116,5 ملليمترا إلى حدود يوم 28 نونبر، مشيرة إلى أن هذا الحجم يمثل زيادة تقدر بأكثر من 14 في المائة مقارنة مع سنة عادية في التاريخ نفسه (102 ملليمتر)، وحوالي 79 في المائة مقارنة بالموسم السابق (65,1 ملليمترا) في التاريخ نفسه. وكان الموسم الفلاحي الماضي عرف موجة جفاف أثرت بشكل كبير على المحاصيل، إذ تراجعت التساقطات المطرية في الموسم الزراعي الماضي، في حدود 45 في المائة، ما تسبب في تقلص محصول الحبوب بنحو 70 في المائة الذي استقر في حدود 33 مليون قنطار فقط مقارنة مع المحصول القياسي للموسم التي قبله، والذي شهد إنتاج 110 مليون قنطار، في الوقت ذاته تأثرت الأشجار المثمرة بقلة المياه وارتفاع درجات الحرارة في الصيف، فضلا عن أنها تعتبر أسوأ حصيلة خلال العشرية الأخيرة بعد رقم 20.5 مليون قنطار التي سجلت سنة 2007 التي شهدت موجة جفاف. من جهته، قال محمد بلعوشي، خبير الأرصاد الجوية، إن "التغييرات التي صار يشهدها المناخ أدت إلى تغير المواسم بشكل كبير، والعالم بدا يشهد خللا في الدورة المائية، والمغرب لا يشكل استثناء، لكن مع ذلك، فرغم تأخر الأمطار خلال بداية يناير الجاري، فهذا لا يعني الحديث عن ضياع الموسم نهائيا، لأننا عشنا في المغرب سنوات مماثلة تأخرت فيها التساقطات، وبدأ الفلاحون يتحدثون عن ضياع الموسم، وكانت هناك انعكاسات على الدورة الاقتصادية، لكن تغيرت الأمور بعد ذلك، ولهذا فالمعطيات التي تصدرها مديريات الأرصاد، تبقى مجرد تنبؤات لا تستند على قاعدة صلبة، وفي أي لحظة قد تتساقط الأمطار بغزارة ما يساهم في إنقاذ الموسم الفلاحي". وحسب معطيات وزارة الفلاحة، فقد بلغت المساحات المزروعة إلى حدود نهاية نونبر 1,44 مليون هكتار، كما تم تسويق 1,04 مليون قنطار من البذور من مجموع 1,9 مليون قنطار من الكميات المتوفرة. كما أن السدود ذات الاستخدام الفلاحي تسجل مستوى ملء يقدر بحوالي 5,71 مليار متر مكعب، بحقينة تقدر بنسبة 42 في المائة، وبشكل عام، تتوفر جميع الجهات على فائض من التساقطات المطرية مقارنة مع سنة عادية.