الريسوني: اعتماد تيفيناغ خطأ يجب تصحيحه والحرف العربي هو الأصلح عصيد: المقترح يتعارض مع ما تبنته المؤسسة الملكية قبل عشر سنوات بعد الزوابع الإعلامية والسياسية التي أثارتها دعوات اعتماد الدارجة كلغة للتعليم في المدارس المغربية، يبدو أن معركة لغوية أخرى تلوح في الأفق، بمناسبة إصدار القوانين التنظيمية الجديدة التي نصّ عليها الدستور، من بينها تلك التي تهم الشأن اللغوي والثقافي. الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، بادر إلى إعداد مقترح قانون تنظيمي متعلق بالمجلس الأعلى للغات، حمل بالإضافة إلى عدد من النواب ورئيس الفريق نور الدين مضيان، توقيع الأمين العام للحزب، حميد شباط. المادة 14 من المقترح، تنصّ على أن من حقّ جميع المغاربة أن يكتبوا اللغة العربية بالحرف العربي، «واللغة الأمازيغية بحرف تيفيناغ ويمكنهم أن يكتبوها بالحرفين معا». العبارة الأخيرة تفتح الباب من جديد أمام إمكانية كتابة اللغة الأمازيغية بالحرف العربي، وتعيد بالتالي، فصول معركة طاحنة شهدها المغرب قبل أكثر من عشر سنوات، وانتهت بحسم الصراع بين الحرفين العربي واللاتيني، لفائدة خيار ثالث هو حرف تيفيناغ. الناشط الحقوقي والثقافي الأمازيغي أحمد عصيد، قال إن المقترح يتعارض مع قرار رسمي اتخذته الدولة يوم 10 فبراير 2003، بعد مشاورات مطولة مع الأحزاب السياسية. «القرار اتخذته المؤسسة الملكية وتبنت من خلاله مقترح المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية القاضي باعتماد حرف تيفيناغ، بل وبعث الديوان الملكي برقية تهنئة إلى المعهد لقيامه بهذا الاختيار». وأضاف عصيد أن المقترح الاستقلالي يعيد إلى الواجهة «كون هذا الحزب إلى جانب حزب العدالة والتنمية، كانا الوحيدين اللذين تحفظا على حرف تيفيناغ خلال المشاورات التي قادها كل من المستشارين الملكيين مزيان بلفقيه، ومحمد معتصم، مقابل موافقة أكثر من ثلاثين حزبا آخرين، ما يعني أنهم لا يمثلون إلا الأقلية ورغم ذلك يحاولون فرض رأيهم في نزاع حُسم من سنوات». في المقابل، كانت الشهور الأخيرة قد عرفت عودة قوية للنقاش حول الحرف المعتمد لكتابة اللغة الأمازيغية، حيث اعتبر البعض أن حرف تيفيناغ شكّل عائقا أمام تدريس هذه اللغة وانتشارها. المستشار الملكي السابق عباس الجيراري، كان صاحب الخرجة الأبرز في هذا السياق، حيث قال في ندوة علمية حول اللغة والهوية، إن استعمال تيفيناغ كان خطأ كبيرا لكونه «حرف غريب». وذهب الجيراري إلى أن استعمال الحرف العربي كان سيشكل غنى للأمازيغية لو تم اعتماده. وذكّر الجيراري بكون علماء سوس وفقهاءها «كتبوا وتواصلوا مع الناس باللهجة السوسية ورغم ذلك لم ينزعج أحد في استعمال السوسية في الموعظة والتدوين لأن الكتابات كانت بالحرف العربي». فقيه حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية، أحمد الريسوني، عاد بدوره إلى هذا الموضوع في الأيام القليلة الماضية، وكتب في موقعه الرسمي مقالا حول المسألة اللغوية في المغرب، داعيا إلى مراجعة «خطأ» استعمال تيفيناغ لكتابة الأمازيغية معتبرا أن كتابتها بالحروف العربية، «هو أقرب طريق نحو تقويتها وتعميمها على كافة المغاربة بسهولة وتلقائية. ثم هو الأمر الذي ارتضاه الأمازيغ وعملوا به على مدى القرون الماضية، وكان ذلك بتلقائية بعيدة عن الحسابات النخبوية الإيديولوجية، التي تتحكم في الموضوع اليوم». وذهب الريسوني إلى أن كل حرف غير الحرف العربي يستعمل لكتابة الأمازيغية، «سيشكل قطيعة مع التراث الأمازيغي المكتوب بالحرف العربي، بينما الكتابة بالحرف العربي تعزز وتنمي الوحدة الوطنية والأصالة التاريخية، وتسهل توسيع الخريطة الجغرافية والديموغرافة لاستعمال اللغة الأمازيغية». وذهب الريسوني إلى أن اللغة تتمثل حقيقتها وشخصيتها أساسا في نطقها لا في كتابتها، «فالوجود الحقيقي للغة هو اللسان وليس الخط، ولذلك يعبَّر عن اللغة باللسان والألسُن والألسِنة، فنقول: اللسان العربي، واللسان الأمازيغي، واللسان الفرنسي…». دفاع ومؤاخذات على استعمال خط تيفيناغ، قال أحمد عصيد إن أصحابها لم يدخلوا أقساما لتعليم الأمازيغية بحرف تيفيناغ، «وعليهم أولا دخولها ليروا كيف يتعلم الأطفال الأمازيغية بسهولة كبيرة، بينما هم يُسقطون على الجميع حالة البالغين الذين لم يعرفوا سوى خطين اثنين، العربي واللاتيني». أما الأطفال، يضيف عصيد، فيمكنهم تعلم جميع الحروف لأنها جميعا جديدة عليهم، «وهناك دراسات علمية تُفيد باستطاعة الأطفال تعلم خمس لغات مرة واحدة، بل هناك أطفال عربوفونيون تعلموا الأمازيغية بسهولة كبيرة وبحرف تيفيناغ، لكونه أسهل حتى من الحرف العربي الذي يتغيّر حسب موقعه في الكلمة ويحتاج إلى الشكل». وشدّد عصيد على أن حرف تيفيناغ راكم اعترافات وطنية ودولية من بينها إدماجه من طرف «مايكروسوفت» في برامجها المعلوماتية بعد 2008، «والعودة إلى المطالبة بكتابة الامازيغية بالحرف العربي، يشبه المطالبة بكتابة العربية بالحرف اللاتيني».