مع اقتراب يوم ذكرى المولد النبوي، حج، منذ بداية الشهر الجاري، الآلاف من المريدين إلى العاصمة الإسماعلية. بطقوس تمتزج فيها البدع بالشعوذة، وبعض من الأذكار الروحية، كل هذا، يحدث في حضرة موسم "الشيخ الكامل". وتحول موسم "الكامل"، بفعل انخراط أحياء مكناس، ودروبها، وسكانها في طقوسه سنوياً، إلى محفل يستقطب الآلاف، بل إلى تراث محلي، يجمع حوله المريدين والمهتمين به. "الجذبة" و"التحيار"، ممارسات ترافق حج مريدي "الشيخ الكامل" مع اقتراب ذكرى المولد النبوي، حيث ينخرط هؤلاء في الطقوس حفاة يبحثون عن الدم، وينتظرون الأضحية، كشرط أساسي لاكتمال "التفاعل الروحي"، الذي يربطهم بما يرونه عالم "التسامي". وتستمر هذه الطقوس، على الرغم من كل الانتقادات، التي باتت توجه إلى القائمين على الضريح، من قبل المسؤولين، وهي الانتقادات التي كادت تهدد استمرار احتفاءهم بالذكرى. يذكر أن الروايات، التي يتداولها سكان العاصمة الإسماعيلية والتي تؤرخ لمرحلة استقرار الشيخ الهادي بنعيسى في مكناس، ترجع إلى مرحلة حكم السلطان مولاي اسماعيل، وهي المرحلة التي عرفت أزهى أيام الدولة العلوية. وقد تميز الولي "الشيخ الكامل" بصلاحه وزهده، حسب التراث الشفهي، ولما بلغ خبره إلى السلطان، أمره بالخروج من المدينة، "فأخذ جرة، وبدأ ينفخ فيها حتى بدأ السلطان ينتفخ"، حسب الأسطورة. وكان "كلما زاد في نفخه، انتفخ معه جسد السلطان، إلى أن أمر السلطات بإحضاره طالباً منه الاستقرار في العاصمة الإسماعيلية. اختار "الشيخ" منطقة خارج المدينة، وأسس بها زاوية، وعرف بعدها ب"الكامل"، وهي الكنية، التي يسمى بها "اعترافاً له بمساهماته الكبيرة في تلقين العلوم الشرعية، وإرساء مبادئ الصلاح، والمحبة، والإخلاص".