إنها حقا أيام عصيبة تلك التي يعيشها خوان كارلوس، وقد بلغ من العمر عتيا، فقد أنهكه المرض وأضعفته الفضائح، ولم يعد مستبعدا البتة أن يتنازل عن العرش لفائدة الأمير فيليب، الذي مازال من القلائل الذين يحظون بالاحترام داخل الأسرة الملكية الإسبانية ظهر خوان كارلوس يوم5 يناير الجاري خلال حفل عسكري نظم بمناسبة عيد ميلاده ال76 متعبا، وهو يتكئ على عكازين. وفي أول خروج علني له منذ عدة أسابيع، قدم الملك، الذي خضع لعملية جراحية في الركبة وفي الورك خلال سنتين، لرعاياه صورة تؤشر عن نهاية عهد طويل. وفي اليوم الموالي، تعرض الملك لضربة قاسية، فقد وجه قاضي «بالما دو مايوركا» الاتهام إلى ابنته الشابة، كريستينا ب «تبييض الأموال والتملص الضريبي». ويشتبه في كون الأميرة البالغة من العمر 48 سنة متورطة في الاختلاسات المالية، حيث يتهمها زوجها التي أنجبت منه أربعة أبناء: «إينياكي أوردرغارين»، لاعب كرة اليد الذي سبق له الحصول على ميدالية أولمبية، ويشتبه في اختلاسه ل1،6مليون أورو من الأموال العمومية المخصصة لمؤسستها، ومعهد noos ما بين 2004 و2006. أيضا، يشتبه القضاء في كون الرياضي الباسكي السابق «دوق بالما دو مايوركا» قام بإيداع الأموال المخصصة للأطفال المعاقين بإحدى الجهات الضريبية. وكانت المحكمة العليا الإسبانية قد تقدمت في شهر أبريل الماضي بطعن في الاتهام الأول الموجه للأميرة. وهكذا، قدمت حكومة ماريانو راخوي المحافظة فواتر يفترض أن تبرئ الأميرة، ولكن القاضي العنيد خوسي كاسترو، يرى أن تلك الوثائق مزورة. وسيتم إذن، توجيه استدعاء إلى كريستينا، المقيمة في سويسرا للمثول أمام المحكمة في جزر البليار يوم 8 مارس المقبل. ويشتبه في كون الأميرة وزوجها استخدما المال من أجل إدخال إصلاحات على قصر «بدرالبيس» الذي في ملكيتهما قرب برشلونة، مع العلم أنها تعرف أن ثروة والدها حسب تقديرات مجلة «فوربس» تبلغ8،1 مليار أورو.
فرع ميت؟ وما إن بدأت مشاكل صهره القضائية في 2011، حتى أصبح ممنوعا من طرف الملك لحضور الحفلات الرسمية مثلما يتم قطع فرع شجرة ميت. ولكن إذا ثبت تواطؤ ابنة الملك، فإن الوضع لن يسمح بالدفاع عنها، وسيصبح غير محتمل داخل قصر «ثارثويلا»، لاسيما وأن الرعايا الإسبان أصبحوا يتساءلون بكل جدية بماذا يفيد القصر الملكي، خصوصا بالنظر إلى ميزانيته التي تبلغ4،8 مليون أورو. وحسب استطلاع للرأي أنجزته في بداية يناير الجاري صحيفة «إلموندو»، فإن 49 في المائة فقط من الإسبان هم الذين يساندون الملكية، مقابل 75 في المائة في 2012 و90 في المائة قبل بداية الأزمة الاقتصادية. وأبدى 62 في المائة من المستجوبين رغبتهم في تنازل خوان كارلوس عن العرش، حتى أن منطقة كاتالونيا التي تنتشر فيها الميول الجمهورية أكثر من كل المناطق الإسبانية الأخرى، تعتزم أخد مسافة من إسبانيا وتنظيم استفتاء في نونبر يعرض فيه على سكانها الاستقلال. وكان الأمير فيليب(45سنة)، شقيق كريستينا، ووريث العرش قد استقبل في شهر ماي الماضي في برشلونة بالصفير والاحتجاجات.
طلاق مع الشعب يبدو أن الطلاق بين خون كارلوس والشعب قد دخل مراحله النهائية، ليس فقط بسبب مشاكل ابنته وصهره. ففي شهر أبريل 2012، كان الملك ضحية سقوط مؤذ خلال سفره بشكل سري إلى بوتسوانا. ونشرت الصحافة آنذاك صورة الملك وهو يضع بندقية في يده أمام جثة فيل قتل خلال رحلة صيد. كان للصورة وقع كارثي، ولم تغير اعتذارات خوان كارلوس العلنية أي شيء، فقد أرعبت الصورة الفرع الإسباني «لمؤسسة حماية الحياة البرية»، الذي طرد الملك من منصب الرئيس الشرفي، ولم يعتبر هذا السلوك بمثابة فضيحة لدى أصدقاء الطبيعة فقط، بل أدى إلى غضب الإسبانيين، الذين يوجد واحد منهم من أصل أربعة في وضعية بطالة، عندما بلغ إلى علمهم أن الملك صرف مبلغ 30 ألف أورو في رحلة الصيد هذه. وبلغ سخطهم مداه عندما علموا أن منظمة الرحلة ليست سوى عشيقة الملك الشقراء «كورينا زو ساين ويتزنستين»، وهي أميرة ألمانية في نفس عمر الأميرة كريستينا. ولأن خوان كارلوس لا يصطاد الطرائد الضخمة فقط، فقد نسبت إليه الصحفية «بيلار ييت» في كتابها «الملكة الوحيدة» الصادر في 2012، ما مجموعه 1500 علاقة نسائية! حتى أن شخصا يسمى «ألبرطو صولا» من كاتالونيا(56سنة) وأخته «أنغريد سارتيان»(بلجيكية،46 سنة) يدعيان أنهما أبناء الملك. ويطالبانه -بدون نتيجة- بإجراء اختبار لإثبات البنوة. وبتواضع تخلى الزوج الملكي في صيف 2012 عن الاحتفال بالذكرى الخمسين لزواجهما. وفي زمن الأزمة حيث ينتحر الإسبان المطرودون من مساكنهم، رأى خوان كارلوس أنه من الأفضل التخلي عن «فورتينا»، وهو اسم يخته الذي تبلغ قيمته 21 مليون أورو، وأن تكلفة خزان واحد من محروقاته تصل إلى 20 ألف أورو. ونسي الإسبان الذين نفذ صبرهم من هذه الفضائح المتكررة، أن ملكهم الشيخ قدم الكثير للبلاد. فبعد أن سال الكثير من الدم خلال الحرب الأهلية(1936-1939) والفرنكوية(1939-1975)، كان خوان كارلوس دو بوربون، الذي عينه الجنرال فرانكو خلفا له، هو من قاد في الواقع المرحلة الانتقالية، ولم يسمح فقط بأن يكون لإسبانيا دستور ديمقراطي ولامركزي انطلاقا من 1979، بل أنقذ الديمقراطية الفتية بمعارضته لمحاولة الانقلاب العسكري التي جرت يوم 23 فبراير 1981. ومهما حصل، فإن العديد من المحللين يدعون إلى تنازل خوان كارلوس عن العرش لفائدة الأمير فيليب. وهكذا، يرى الصحفي الفرنسي المتخصص في «الرؤوس المتوجة»، ستيفان بيرن، بأنه «أصبح ضعيفا لدرجة لم يبق أمامه أي خيار آخر». ولكن يجب علينا الانتباه إلى أنه في التقاليد الملكية الإسبانية، يصبح العرش من حق الابن الأكبر، ولم يبق سوى أن يتجرأ «ألبرطو صولا» هذا الكاتلاني الذي، يقول إنه ابن الملك من علاقة زنا والذي يكبر الأمير فيليب ب10 سنوات، المطالبة بالعرش !!