بقلم: مصطفى شفيق علام تبدأ الدول الغربية، الإثنين، تطبيق الاتفاق المؤقت، الذي توصلت إليه مجموعة «5+1» مع إيران بشأن برنامجها النووي، والذي تم التوصل إليه في نوفمبر الماضي، والذي تعهدت طهران بموجبه بتعليق تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 20% لمدة 6 أشهر، مع الاستمرار في أجزاء أخرى من برنامج التخصيب، مقابل تعهد الغرب بعدم فرض عقوبات إضافية عليها خلال تلك الفترة. وتنطلق العملية بإعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أن إيران أوقفت أنشطة تخصيب اليورانيوم عالي المستوى، ليكون بوسع طهران بعدها استئناف تجارة الذهب، وتصدير المواد البتروكيماوية وغيرها من الأنشطة التجارية، التي كانت محظورة، لتودع طهران نحو ثمانية أعوام من العقوبات الغربية على أنشطتها الاقتصادية والتجارية المختلفة. بدأت العقوبات الاقتصادية على إيران بسبب برنامجها النووي، منذ عام 2006، حيث بدأت تلك العقوبات أوروبية، قبل أن تتحول إلى عقوبات أممية تم فرضها من قبل مجلس الأمن الدولي بموجب القرارين 1696 و1737 لعام 2006، والقرار 1747 لعام 2007، والقرار 1929 لعام 2010. وفي شهري مايو ونوفمبر من عام 2011 قرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة على إيران، بسبب عدم استجابتها لرغبة المجتمع الدولي في وقف عملية تخصيب اليورانيوم في مشروعها النووي. العقوبات الدولية الأوروربية والأممية المفروضة على إيران منذ عام 2006، على خلفية البرنامج النووي المثير للجدل، كانت تسير في مسارين، الأول يتعلق بالنظام البنكي والمصرفي الإيراني، والثاني يتعلق بقطاع النفط، الذي يوفر لطهران نحو 75% من النقد الأجنبي للموازنة العامة الإيرانية. كما ارتكزت معظم العقوبات على كل الأنشطة ذات العلاقة ببرنامج التخصيب النووي، وإعادة المعالجة، وبحوث التطوير ذات الصلة، وجميع الأشخاص والمؤسسات ذات الصلة بالبرامج النووية والصواريخ الباليستية لإيران، ووقف شراء الأسلحة من إيران، وحظر مد إيران بالأسلحة الثقيلة والمتطورة، بالإضافة إلى حظر التبادل التجاري للسلع ذات الاستخدام المزدوج، العسكري والمدني، وإجراء عمليات تفتيش للشحنات البحرية والجوية من وإلى إيران، للتأكد من عدم تضمنها أي سلع تدخل في دائرة الحظر. ورغم تلك العقوبات الاقتصادية والعسكرية الصارمة، فإن الحاصل أن الاقتصاد الإيراني لم يتأثر كثيرًا جراء توالي العقوبات الدولية على مدى سنوات الحظر الثماني. حيث نجحت إيران في كسر الطوق عن تأثيرات الحظر السلبية عبر شركائها الدوليين والإقليميين، ولا سيما روسيا والصين، نظرًا لحاجة أولئك الحلفاء للسوق الإيرانية الواعدة والمغرية بالكثير من الفرص التجارية والاقتصادية، سواء لاعتبارات سياسية أو اقتصادية أو كليهما معًا. ولعل هذا ما أرغم المجتمع الدولي والقوى الغربية الكبرى على إعادة النظر بشأن منظومة العقوبات كأداة لإجبار طهران على الانصياع لرغبة المجتمع الدولي بشأن برنامج تخصيب اليورانيوم، والجنوح نحو الحل السياسي التفاوضي مع طهران، وهذا ما نجحت إيران في إنجازه عبر اتفاقية نوفمبر الشهيرة مع مجموعة «5+1»، وهو ما رفضته إسرائيل والسعودية، وفسره المحللون بأنه اعتراف ضمني غربي بإيران كقوة نووية محتملة في المنطقة. ومع بدء مهلة الأشهر الستة، التي تم الاتفاق عليها لرفع الحظر الاقتصادي على إيران، يبدو مستقبل الاتفاقية المبرمة بين طهران والقوى الكبرى أمام أحد احتمالين؛ الأول استمرار خيار الصفقة، والثاني خيار الانتكاس. في السيناريو الأول قد يتحول الاتفاق المؤقت بين الجانبين، والمقدر بستة أشهر، إلى اتفاق دائم، تدمج طهران بموجبه في ترتيبات واشنطن لمستقبل المنطقة، خاصة ما يتعلق بالملف السوري، والوضع الأمني في الخليج والعراق وأفغانستان ولبنان، لتصبح طهران شريكًا أمنيًا لواشنطن في مستقبل الشرق الأوسط. وفي السيناريو الثاني، قد تجبر الخلافات المحتملة بين واشنطنوطهران، ولا سيما ما يتعلق بالملف السوري، الطرفين على إعادة النظر في الصفقة النووية، فتنزع واشنطن يدها من اتفاقية «5+1»، وتعاود فرض العقوبات مجددًا على طهران، خاصة إذا ما تم إبعاد طهران عن سياقات مؤتمر جنيف 2 المزمع عقده خلال ساعات بعد إصرار الائتلاف السوري المعارض على رفض حضور طهران فعاليات المؤتمر إلا بعد وقف تعاونها العسكري واللوجيستي مع نظام «الأسد».