نشبت من جديد حرب الأرقام بين الحكومة والمندوبية السامية للتخطيط، ويصر كل طرف على أن معطياته هي الصائبة. ويذهب محمد الوفا، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة إلى حد اتهام الحليمي بالإساءة إلى الاقتصاد الوطني واستهداف بنكيران ما تعليقك على الأرقام التي قدمها المندوب السامي للتخطيط حول الاقتصاد الوطني؟ { توقعات المندوبية تأتي دائما خاطئة، وعلى سبيل المثال، توقعت في يناير من العام الماضي أن يكون عجز الميزانية في حدود 6.5 في المئة، وتبين اليوم أننا حققنا التوقعات التي وضعتها الحكومة وهي 5.4 في المئة.
هل تشعر الحكومة أنها مستهدفة من طرف مندوبية التخطيط؟ { لقد قررنا عدم السكوت على ما يقوم به الحليمي.
لكن هذه مندوبية سامية، دورها هو رصد التوقعات الاقتصادية؟ { لا، هذه ليست مندوبية ولا هم يحزنون، وتوقعاتها تأتي كلها «فالصو». لقد سبق لبنك المغرب أن أعلن توقعاته في دجنبر الماضي، كما تابعنا توقعات صندوق النقد الدولي، حول الاقتصاد المغربي، وهي المؤسسة التي ترسم صورتنا في الخارج، وكلها كانت توقعات معقولة، أما السيد الحليمي، فإنه يستهدف بنكيران فقط، لكنه في الواقع يُسيء للاقتصاد المغربي. فهل يريد السيد الحليمي أن يرسم صورة مخيفة وقاتمة عن الاقتصاد المغربي ويجعل مؤسسات التمويل الدولية ترفض التعامل مع معنا.
هل ناقشتم تقرير الحليمي في مجلس الحكومة؟ { لقد قلت لرئيس الحكومة، إنه لا يجب أن نسكت عما يفعله الحليمي، فهذا سلوك خطير جدا. فهذا الرجل (أي الحليمي)، له بناية فخمة في الرباط، لا يتوفر رئيس الحكومة نفسه على مثلها، وهي تكشف درجة تبذير المال العام، كما أن مكتبه كتب عليه عبارة «وزير»، وفيه بيت للنوم.
لماذا هذا الهجوم على الحليمي؟ { أنا أقول هذا الكلام، وأؤكد أن السيد الحليمي صديقي، لكن عليه أن «يحشم». لقد ذهب إلى مدينة الدارالبيضاء، القطب الاقتصادي للمغرب، حيث توجد البورصة وعقد ندوة صحافية، وذلك لتخويف رجال الأعمال، وهذا غير معقول.
لكن الحليمي يقول إنه يقوم بعمله في إطار مندوبية مهمتها إنجاز دراسات وتوقعات؟ { السيد الحليمي يعتمد نموذجا اقتصاديا متجاوزا، ويعتمد على فرضيات متجاوزة. فعلا إنه يعتمد على الأرقام التي تقدمها وزارة المالية، لكن، عندما يطبق عليها نموذجه المتجاوز، فإنه يصل إلى نتائج غير صحيحة. وطالما نبّههُ أطره إلى ضرورة تغيير النموذج الذي يعتمده، ولكنه يرفض، وقد سبق أن تسبب في المشاكل نفسها مع إدريس جطو، عندما كان هذا الأخير وزيرا أول.
لكن من المفروض أن المندوبية السامية للتخطيط، لها ارتباط بالحكومة؟ { لقد سألت رئيس الحكومة عبدالإله بنكيران عما إذا كان الحليمي أخبره بتنظيمه ندوة صحافية، فقال لي إنه لا علم له بذلك، وأنا لو كنت رئيسا للحكومة لما تركت الحليمي يقوم بما يقوم به، مهما كان السند الذي يستند عليه. إن المندوبية تتلقى ميزانيتها من رئيس الحكومة، وقد كانت تسمى وزارة التخطيط، قبل أن تتحول لمندوبية بمرسوم، وتم تعيين الحليمي بظهير من طرف جلالة الملك، وأعطاه إطارا مماثلا لوزير في الحكومة، ولهذا يكتب على مكتبه عبارة «وزير»، ولذلك يمكن اعتبار الحليمي أقدم وزير عين منذ 1998. لقد عرضنا داخل الحكومة وضعية المندوبية، وتبين أنه يجب أن نصبر عليها قليلا، لأن البرنامج الحكومي يتضمن مشروعا لإحداث «وكالة للإحصاء والتوقعات الاقتصادية»، لتعوض المندوبية. وأعتقد أن الحل يكمن هنا.