يرتقب أن يحسم يوم غد الجمعة أزيد من 15 مليون ناخب الذين يفترض توجههم نحو مكاتب التصويت، في الحزب السياسي الذي سيقود الحكومة المقبلة، ل5 سنوات أخرى. وستضع "الحرب" الانتخابية أوزارها اليوم الخميس على الساعة 12 ليلا، بعد 15 يوما من السجال السياسي، التي تميزت بتبادل واسع للاتهمامات. واحتد الصراع خلال الحملة الانتخابية بين حوالي 4 أحزاب فقط، وهي حزب العدالة والتنمية، وحزب الأصالة والمعاصرة، وحزب الاستقلال، وفيدرالية اليسار الديمقراطي، باعتبار الآلة الانتخابية التي يتوفر عليها هؤلاء الأحزاب، لاسيما في مواقع التواصل الاجتماعي. وفي المقابل بدت حملة بعض الأحزاب باهتة، من قبيل حزب الحمامة وحزب الاتحاد الدستوري، والحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية، ناهيك عن الأحزاب السياسية الصغيرة الأخرى. ففي الوقت الذي حسمت فيه بعض الأحزاب توجهها المستقبلي في التحالفات، من قبيل التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية، اللذين حسما موقفهما، وأعلنا أنهما سيكونان إلى جانب بعضهما سواء في الحكومة أو في الأغلبية الحكومية، لا تزال الأحزاب الأخرى تراوح مكانها في التعبير عن موقفها. ولم تلعن بعض الأحزاب، المرشحة لاحتلال المراتب المتقدمة، عن موقفها المسبق، من قبيل حزب الاستقلال الذي بدا موقفه متدبدبا، إذ لمح قبل الانتخابات إلى أنه سيكون مع القوى الديمقراطية، في إشارة إلى حزبي العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية، لكن بعد انطلاق الحملة ظهر أنه لا يتردد في مهاجمة من قال إنه سيتحالف معهم، أي العدالة والتنمية. هذا الموقف المتدبدب لحزب علال الفاسي جعل عبد الاله بنكيران يقول إنه لا يعرف شباط "علاش ناوي" في هذه الانتخابات، في إشارة إلى عدم وضوح موقفه. وفي المقابل لزم حزبا التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية الصمت، عن منطق تحالفاتهم المقبلة. مما جعل بعض المراقبين يفسرونه على أنه تكتيك سياسي من أجل التموقع مع الجهة الرابحة في هذه الانتخابات. وفي هذا السياق، اعتبر محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية، بجامعة الحسن الثاني المحمدية، أن هذه الانتخابات تعد الأشرس من نوعها في تاريخ المغرب المستقل. ورغم أن زين الدين قال إنه من الصعب الجزم بمن سيفوز بهذه الانتخابات، إلا أنه شدد، في حديثه ل "اليوم24" على أن المنافسة حول المراتب الأولى لن تخرج عن ثلاثة أحزاب. وتوقع أن يتصدر حزب العدالة والتنمية المشهد الانتخابي، متبوعا بحزب الاستقلال، ثم حزب الأصالة والمعاصرة. وفسر زين الدين هذا التوقع بالنظر للمؤشرات القوية التي تشير إلى فوز البيجيدي بهذه الانتخابات، أولها النتائج التي وصفها بأنها "غير مسبوقة"، التي حققها في آخر انتخابات، وهي انتخابات 4 شتنبر 2015. واعتبر أن طبيعة الحملة الانتخابية التي قام بها حزب بنكيران والالتفاف الجماهيري القوي الذي التف حول حملته، كما أظهرته التقارير الاعلامية، تشير إلى أنه من الراجح أن يتصدر هذا الحزب الانتخابات. وأضاف الأستاذ الجامعي بجامعة المحمدية، أن تمرس العدالة والتنمية في التدبير خلال الخمس سنوات من عمر الحكومة، واستقطابه لفئة مهمة من الأطر، الذين يعتبرون الخزان الاستراتيجي للحزب، بعدما كان يعاني على هذا المستوى في السابق، تساعده على الفوز. ومن جانب آخر، يرى الباحث في العلوم السياسية، أن ما حققه حزب الاستقلال، من نتائج جد ايجابية في الانتخابات الأخيرة، خاصة المتعلقة بمجلس المستشارين هو الآخر تؤهله للفوز بهذه الانتخابات. وأضاف محمد زين الدين، أن مراكمة حزب الاستقلال لتجربة تاريخية مهمة في التدبير الحكومي، وتوفره على خزان مهم من الأطر، وتوفره على دعم كبير من رجال الأعمال، هو الآخر يجعله من الأحزاب المرشحة للفوز في هذه الانتخابات. ولم يستبعد أستاذ العلوم السياسية، أن يكون حزب "البام" أحد المرشحين للفوز في الانتخابات، معتبرا أن هذا الحزب راهن كثيرا على الأعيان لتحقيق الفوز، فضلا عن أنه طور حملته الانتخابية في وسائط التواصل الاجتماعي. واستبعد زين الدين أن تكون المنافسة حول المركز الأول ستجري أساسا بين البيجيدي والبام، وقلل من هذا السيناريو. وقال :"هناك صراع بين الحزبين، صحيح، لكن لا يجب أن نستهين بقوة حزب الميزان في هذه الانتخابات". وتوقع الجامعي، أن تكون النتائج بين المرتبة الثانية والثالثة والرابعة متقاربة. كما توقع أن يتراجع الحزب الأول على مستوى عدد المقاعد المحصل عليها بالمقارنة مع انتخابات 2011. وفسر المتحدث، هذا التراجع المرتقب، بالنظر إلى المتغيرات التي طرأت على الساحة الانتخابية في الانتخابات الجارية، أبرزها التقطيع الانتخابي، وتخفيض العتبة، وتشتيت الناخبين على مكاتب تصويت بعيدة عن مقرات سكناهم. يذكر أن اللجنة الحكومية لتتبع الانتخابات، التي يرأسها كل من وزيري الداخلية، محمد حصاد، والعدل والحريات، المصطفى الرميد، سبق وأعلنت أنه تم حصر 15 مليون و 702 ألف و 592 ناخبة وناخبا تسجلوا في هذه الانتخابات. ويتنافس في هذه الانتخابات 27 حزبا سياسيا، بالإضافة إلى لائحة اللامنتمون، حيث توجد لائحتان بدون انتماء تتنافس إلى جانب الأحزاب السياسية حول هذه الانتخابات. ويعتبر كل من حزب العدالة والتنمية والاستقلال والأصالة والمعاصرة، الأحزاب الثلاثة التي تمكنت من تغطية جميع الدوائر الانتخابية ال 92، بنسبة 100 في المائة، متبوعة بحزب الاتحاد الاشتراكي، الذي تمكن من تغطية 91 دائرة، ثم حزبا التقدم والاشتراكية وفيدرالية اليسار الديمقراطي، اللذين تمكنا من تغطية 90 دائرة انتخابية. وبلغ عدد لوائح الترشيح المقدمة برسم كافة الدوائر الانتخابية المحلية والدائرة الوطنية، ما مجموعه 1410 لائحة، وتشتمل على 6992 مترشحا ومترشحة، منها 1385 لائحة ترشيح تم إيداعها في الدوائر المحلية، وتتضمن 4742 مترشحا ومترشحة، أي بمعدل 15 لائحة عن كل دائرة محلية، حسب ما أفادت به وزارة الداخلية.