كشف الجدل الذي بزغ عبر وسائل الإعلام، أمس الأحد، بين رئيسي اللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات، وزيري العدل والحريات، المصطفى الرميد، والداخلية، محمد حصاد، عن معطيات مقلقة، تهم مسار الانتخابات الجاري تنظيمها، و"سوء الفهم" الحاصل بين رئيسي لجنة ملكية مكلفة بالاشراف على انتخابات البلاد. وزاد من خطورة هذا الجدل، أنه يعري لأول مرة، في ظل حكم الملك، محمد السادس، عن حالة "الكولسة" داخل جهاز إداري، يعمل بتوجيهات ملكية، للإشراف على نزاهة، وشفافية العملية الانتخابية في البلاد. ولم يعد انتقاد حالة "الكولسة" اتهامات تقليدية من قبل الأحزاب المعارضة أو المقاطعة تجاه الداخلية، بل صارت لأول مرة تصدر من قبل كبير المشرفين على الانتخابات، هو وزير العدل والحريات، حينما ذهب لوصف ما يجري من تحضيرات لانتخابات سابع أكتوبر ب"العجائب والغرائب". ولم يتأخررد وزير الداخلية، محمد حصاد، أكثر من ثلاث ساعات، حينما وصف ما يجري بينه وزميله على رأس لجنة الإشراف على الانتخابات، مصطفى الرميد، ب"سوء الفهم"، إلا أنه كان من دون إجابة مقنعة عما إن كانت "آياد" في وزارته، هي من نظمت مسيرة "أخونة الدولة" ضد بنكيران. ولم يشر حصاد، ضمن رده، الذي ورد مطولا، على تدوينة الرميد، إلى فتح تحقيق حول ما إن كانت "جهات عميقة" في أم الوزارات، متورطة في تحريض مئات المواطنين في مسيرة ضد بنكيران. وظلت الرسائل بين الأول والثاني مشفرة، وتعري عن حالة من "الكولسة"، و"الغموض"، التي باتت تقلق الأحزاب السياسية المشاركة، بخصوص انعدام ضمانات السير الطبيعي، والنزيه للانتخابات، خصوصا بعد "التصدع الفادح"، الذي ظهر بين رئيسي لجنة الإشراف على الانتخابات. انعدام التواصل بين المؤسسات وكشف الجدل القائم بين وزيري العدل والحريات، مصطفى الرميد، والداخلية، محمد حصاد، أول معطى، والذي يتجلى في "انعدام التواصل المؤسساتي الرسمي"، بينهما، على الرغم من أنهما رئيسان لأكبر جهاز إداري يشرف على الانتخابات، ويعمل وفقا لتعليمات الملك. ولجأ الرميد، بعدما ضاقت به السبل، وعاين ما قال إنها "غرائب وعجائب"، باتت تجري قبل ثلاثة أسابيع من انتهابات سابع أكتوبر، إلى "الفايسبوك"، بدل التواصل الرسمي المباشر، مع زميله، محمد حصاد. ويرى المتتبعون للشأن السياسي أن خطوة الرميد هذ ه يسعى من خلالها إلى "فضح"، و"تنبيه" تحركات وزارة حصاد، عبر الإعلام. ونأى حصاد من جانبه عن التواصل المباشر مع زميله على رأس لجنة الإشراف على الانتخابات، مصطفى الرميد، وسارع إلى نشر تصريح عبر موقع "هيسبريس"، للرد على تدوينة وزير العدل، مفيدا أن ما حصل بينهما ناتج فقط "عن سوء فهم"، مرتبط بمسيرة "أخونة الدولة"، في البيضاء ضد عبد الإله بنكيران. وبذلك، يكشف هذا السلوك التواصلي، الذي اعتمده كل من الوزيرين، حالة من "انعدام التنسيق"، بين مؤسسات الدولة، لا سيما أن الرجلين مسؤولان على لجنة الإشراف على الانتخابات. تهديدات الرميد تبرأ وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، في تدوينته، موضوع رد وزير الداخلية، محمد حصاد، من أي "نكوص أو تجاوز"، قد يمس بمسار نزاهة الانتخابات. وكتب: "وزير العدل والحريات لايستشار، ولايقرر في شأن ذلك، مما يعني أن أي رداءة، أو نكوص، أو تجاوز، أو انحراف لايمكن أن يكون مسؤولا عنه". وهي الإشارة، التي قرأ فيها مراقبون أنها بمثابة "تهديد ضمني" ب"الانسحاب" من رئاسة اللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات، إذ إنه "لا يكون مسؤولا عن أي تجاوز" يعني، عمليا، تقديم استقالته من رئاسة اللجنة. انتقاد حصاد للرميد رد حصاد، هو الآخر، تضمن رسالة مشفرة، مفادها انتقاد زميله مصطفى الرميد، كونه "لا يمارس اختصاصاته القانونية، إذا ما سجل خرقا أو تجاوزا معينا". وقال حصاد في معرض رده على الرميد :"إن بين يديه (مصطفى الرميد) سلطة كاملة خارج اللجنة المركزية لتتبع الانتخابات، من خلال وكلاء النيابة العامة لتحريك البحث في من يقف وراء التظاهرة، ووزارة الداخلية لا إشكال لديها في مسايرة وزير العدل". وهو كلام، سعى حصاد، من خلاله إلى توجيه انتقادات إلى الرميد لعدوله عن ممارسة سلطته بصفته رئيسا لجهاز النيابة العامة في البلاد، من أجل التحقيق حول من يقف وراء تحريك مسيرة "أخونة الدولة" ضد بنكيران. إقحام إسم الملك في الجدل وسجل الباحث في العلوم السياسية، عزيز أدمين، في تصريح خص به "اليوم24″، بخصوص الجدل الحاصل بين الرميد وحصاد، إقحام اسم الملك، خصوصا في رد وزير الداخلية، على وزير العدل والحريات. وأوضح، الباحث نفسه أن قول حصاد، إن "عمله مع الرميد، يندرج في نطاق تعليمات الملك، محمد السادس، التي أعطاها لهذه اللجنة الحكوميّة، للسهر على ما تبقّى من المسلسل الانتخابي في المملكة"، قول مبطن بأن وزارة الداخلية تشتغل وفق توجهات الملك بشكل مباشر. وأفاد المتحدث ذاته أن وزير الداخلية، من خلال رده أعاد رسم، بشكل فردي، حدود واختصاص تدخل وزارة العدل، ومجال تدخل وزارة الداخلية. وقال إدمين إن لجوء مصطفى الرميد، إلى مواقع التواصل الاجتماعي، ومحمد حصاد إلى موقع إلكتروني إخباري، يدل بشكل قطعي على "انعدام التواصل بين الرجلين، سواء بشكل شخصي أو عبر قنوات التواصل المؤسساتية".