احتفلت حركة التوحيد والإصلاح، الحليف الدعوي لحزب العدالة والتنمية، بالذكرى العشرين لتأسيسها، على صدمة توقيف واعتراف اثنين من قيادييها بربط علاقة أقل ما يقال عنها إنها منافية لقوانين البلد. وصادف الفرح، في بيت الحركة، قرحا، دفنت فيه الحياة الحركية لاثنين من أبرز قيادييها، بدل المطالبة بدفن قوانين، مرفوضة حقوقيا وممجوجة أخلاقيا، تُجرِّم العلاقة الرضائية بين شخصين بالغين، لا تضر ولا تهم أحدا غيرهما؟ احتفال الحركة بذكراها العشرين صادف، أيضا، استعداد شريكها حزب العدالة والتنمية لخوض "معركة" 7 أكتوبر البرلمانية، والتي اختار الحزب فيها، ولا يزال، الانفتاح على أسماء يسارية، لم يشترط فيها سوى التقائها معه على شعار "مواجهة التحكم"، وهو الأمر الذي قبله بعض هؤلاء اليساريين ورفضه بعضهم الآخر ولسان حالهم يقول: وماذا بعد حسم معركة التحكم السياسي. ألن نجد أنفسنا أمام تحكم آخر، أخلاقوي إيديولوجي، لحزب مازال "ذراعه الدعوي" يصنّف غير المحجبات كمواطنات غير عفيفات، ويخوض في سبيل ذلك حملة وطنية تحت شعار: "حجابي عفتي"؟ مواقف كهذه، إذا كانت تجعل عددا من الديمقراطيين، يساريين وليبراليين، يتهيبون من الذهاب أبعدَ في التنسيق والتحالف مع حزب العدالة والتنمية في مسار بناء الديمقراطية، تجعل أيضا مسؤولي الدولة، وأغلبهم ليبراليون سلوكا، يتوجسون من الحزب الإسلامي، ويعتقدون أو يتذرعون بأن قول العدالة والتنمية بالديمقراطية ليس إلا تقية، سيعود عنها متى تجاوز الحكومة إلى الحكم. وهذا ما يوسع قاعدة السلطوية وتمثلاتها السياسية، ويجعلها مشكَّلة من تحالف بين: صادقين مصابين برُهاب الإسلاميين، وأصحاب مصالح مصابين برهاب الديمقراطية والشفافية وخائفين على مصادر ريعهم من الزوال وثرواتهم من المحاسبة. ما العمل؟ ليس مطلوبا طبعا من أعضاء التوحيد والإصلاح والعدالة والتنمية أن ينزعوا المناديل من فوق رؤوس زوجاتهن وبناتهن، أسوة بعدد من السلفيين الوطنيين وعلى رأسهم محمد الخامس وعلال الفاسي وبوشتى الجامعي.. الذين رأوا في الحجاب قشرة تحجب المرأة عن التقدم وترهن الإسلام في ذوق ولباس لا تاريخي، تشترك فيه المسلمات مع الراهبات المسيحيات واليهوديات الأورثودوكسيات. كما أنه ليس مطلوبا من بنكيران والشيخي الدخول إلى الحانات أسوة بالسلفي الذي أحس أن عون سلطة يتعقبه لمعرفة الأماكن التي يتردد عليها، فدخل إلى خمّارة، ليكتب العون تقريرا قال فيه: "لقد تحسن سلوكه". ليس مطلوب منهم أيضا حلّ حركتهم. المطلوب من حركة التوحيد والإصلاح، انطلاقا من شقها التربوي والدعوي، أن "تصلح" فقط، سلوكيات المنتمين إليها، وأن تنظر بالمقابل إلى اختيارات غيرها على أنها اختيارات واعية وجب احترامها. عليها أن تعي بأن الإصلاح الحقيقي هو إصلاح حالة الناس الاجتماعية والاقتصادية والديمقراطية التي إن فسدت واستبدت، فسدت أخلاق الناس، وليس العكس بالضرورة. عليها أن تقارن اختياراتها باختيارات ثقافات مجاورة لتتأكد بأن ما قد تعتبره خصوصية وهوية، ما هو إلا إفراز وتعبير ثقافي "متخلف" لمرحلة من مراحل التطور. عليها أن تتجاوز الخلاصات المانوية التي تشبه نتيجة مقابلة في الكرة، حيث فريقان يتواجهان، والنتيجة: غالب ومغلوب. فريق في الجنة وفريق في النار.