تنص المادتان 14 و15 من الدستور المغربي على حق المواطنين في تقديم اقتراحات على شكل ملتمسات في مجال التشريع كما تنص على حقهم في تقديم عرائض للسلطات العمومية بهدف خدمة المصلحة العامة. لكن تفعيل هذه المقتضيات الدستورية لم يتحقق إلا قبل مدة وجيزة على نهاية ولاية الحكومة الحالية، عندما صادق البرلمان بغرفتيه على القانونين التنظيميين 14/64 و14/44. ويتعلق الأول بحق المواطنين في تقديم ملتمسات تتضمن اقتراحات وتوصيات واضحة مدعمة بمذكرة تفصيلية تحدد الأسباب والدوافع دون أن يكون هدفها تعديل الدستور أو القوانين التنظيمية أو قانون العفو العام. أما القانون الثاني، فيهم رفع العرائض إلى السلطات العمومية محددا كلا من الشروط الشكلية والموضوعية لتقديم تلك العرائض وكيفية تقديمها بالإضافة إلى مقتضيات مختلفة. ولعل ما أثار حفيظة العديد من مؤسسات المجتمع المدني تضمين تلك القوانين بعض الشروط التي تعرقل ممارسة ذلك الحق كما هو الشأن بخصوص اشتراط 25 ألف توقيع بخصوص الملتمسات التشريعية، و5000 توقيع بالنسبة للعرائض المقدمة إلى السلطات العمومية، بالإضافة إلى اشتراط التسجيل في اللوائح الانتخابية. ويبدو أن مثل هذه الشروط لا يمكن أن تحد من رغبات المجتمع المدني في تحقيق التغيير عن طريق هذه الآليات، خاصة إذا تحقق التنسيق المفترض بين الفعاليات المعنية، وإذا توفرت الإرادة والرغبة الصادقة في الإصلاح وتحقيق الصالح العام، فإنه بالإمكان استقطاب التوقيعات إلكترونيا، كما أن عدد الجمعيات المؤطرة للمجتمع المدني في المغرب تجاوز المائة ألف. لكن وبغض النظر عن ذلك، فإن تواصل المغاربة عن طريق الشبكة العنكبوتية أصبح ينافس ما تعرفه البلدان المتقدمة في هذا المجال، فقد تجاوز عدد الهواتف المحمولة هذه السنة 43 مليون وحدة نصفها يندرج ضمن الهواتف الذكية. كما أن آخر الإحصائيات تثبت أن 43% من المغاربة منخرطون في الأنترنيت، ومن تم فإن التوقيع الإلكتروني سيسهل بالتأكيد عملية تقديم الملتمسات والعرائض ويمنح الفرصة لأكبر عدد من السكان للتعبير عن مواقفهم. هل نحن– والحالة هذه– بصدد الحديث فعلا عن ديمقراطية تشاركية تمكن المجتمع المدني من أن يكون قوة اقتراحية حقيقية تساهم مباشرة في عملية اتخاذ القرار بعيدا عن تأثير اللوبيات والجماعات الضاغطة، وتجعل من قاعدة القانون ومفهوم المصلحة العامة انعكاسا حقيقيا للحوار الوطني الإيجابي؟.. محمد تاج الدين الحسيني عن إذاعة ميدي 1