بقلم: أولف لايسينج مع دخول الاضرابات فيموانيء النفط الليبية شهرها السادس وتسببها في تقليص ايرادات الحكومة بدرجة كبيرة تلوح في الافق أزمة في ميزانية هذا البلد الذي يعاني من الفوضى منذ الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمعمر القذافي. وتحذر الحكومة من أنها قد تعجز عن دفع الاجور كما أصبح انقطاع الكهرباء مشهدا مألوفا في وقت لا تستطيع فيه السلطات مواجهة ميليشيات تحتل الوزارات وتستولي على منشات نفطية وقتما تشاء. وتراجعت صادرات النفط من أكثر من مليون برميل يوميا في يوليوز الى 110 الاف برميل يوميا فقط. وتمثل عائدات تصدير النفط من الناحية الفعلية جميع الايرادات السنوية للحكومة والتي تبلغ نحو 50مليار دولار. وتقول الحكومة انها فقدت عائدات نفطية تزيد قيمتها على أكثر من عشرة مليارات دولار منذ ذلك الحين بما يمثل نحو خمس الايرادات المستهدفة سنويا لكن هذا قد يكون تقديرا متحفظا نظرا لان العجزا لبالغ مليون برميل يوميا كان سيجلب نحو 100 مليون دولار يوميا مما يشير الى أن النقص الشهري في الايرادات قد يصل الى نحو ثلاثة مليارات دولار. ورغم ذلك لا يوجد مجال لتقليص النفقات اذ يخصص أكثر من نصف الميزانية السنوية التي تزيد على 50 مليار دولار لرواتب موظفي القطاع العام والدعم الحكومي لعدد من المنتجات من بينها الخبز والوقود وخدمات مثل العلاج في المستشفيات. ويمثل الدعم قضية ذات حساسية سياسية. وقال اليكس وارين من مجموعة فرونتير الاستشارية التي تدير موقع ليبيا ريبورت الالكتروني //لا أعتقد أنهم سيخفضون الرواتب أو الدعم لانني أعتقد أن ذلك ينطوي على مخاطر بالغة.// وتتجه ميزانية الاجور الى الارتفاع مع استحقاق العاملين في قطاع النفط الذي يمثل نحو 80 بالمئة من الناتج المحلي الاجمال يزيادة نسبتها 67 بالمئة في الرواتب اعتبارا من يناير وهو اجراء حكومي يهدف الى تخفيف مشاعر الاستياء. وقد تلجأ حكومة رئيس الوزراء علي زيدان المحاصرة - والتي تخضع في بعض الاحيان لحصار فعلي من مسلحين يحاصرون مبانيها - الى خفض الانفاق على البنية التحتية لكن ذلك أيضا لا يخلو من العواقب في بلد لم يحقق تقدما يذكر نحو اصلاح الاضرار التي صاحبت الانتفاضة والفترة التي تلتها. ويتمثل الدافع وراء بعض الاحتجاجات التي تسبب حالة من الشلل في البلاد في الحالة المتردية التي وصلت اليها البنية الاساسية مثل المستشفيات التي عانت بالفعل من الاهمال لعدة سنوات في عهد القذافي. وأدى التشاحن السياسي بين حكومة زيدان والمعارضة الاسلامية في المؤتمر الوطني العام الى تأخير بعض مشروعات البنية التحتية ل نتلك المبالغ التي لم تنفق ساعدت الحكومة في كسب قليل من الوقت. ويمكن أن يزيد انتاج النفط بواقع 300 ألف برميل يوميا في الايام القادمة بعد أن أعلنت الحكومة نهاية احتجاج في حقل الشرارة النفطي الكبير. ومع ذلك فان وزير العمل والتأهيل محمد سوالم تحدث لمدة ساعة عبر التلفزيون الاسبوع الماضي لتوضيح الحاجة الملحة لانهاء محاصرة المنشات النفطية. وقال انه اذا استمر الوضع على ما هو عليه فانه سيؤدي الى الانهيار والى نفق مظلم يقود الى المجهول. ويقول دبلوماسيون ان أزمة الميزانية قد تحدث بحلول نهاية الربع الاول من العام اذا استمرت المواجهة بين زيدان والجماعة التي تطالب بحكم ذاتي في شرق ليبيا وتسيطر على ثلاث موانئ نفطية هناك. وقال مسؤول من البنك المركزي لرويترز الشهر الماضي في مقابلة ان ليبيا أنفقت سبعة مليارات دولار من احتياطاتها منذ الصيف وقد تنفق خمسة أو ستة مليارات أخرى بحلول نهاية عام 2013. ونفى البنك في وقت لاحق هذا النبأ بعد أن لقي اهتماما كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال المسؤول ان ليبيا ما زال لديها احتياطات كبيرة نسبيا تبلغ119 مليار دولار في نهاية نوفمبر تشرين الثاني وقد تنفق المزيدلتجنب أزمة طاحنة في الميزانية ولكن معظم الاموال تستثمر في الخارجأو في أصول غير سائلة. واقتراض الحكومة من بين الخيارات المطروحة رغم أنه من المستبعد أن يقدم المقرضون الاجانب المساعدة نظرا لان وكالات التصنيف الائتماني لم تصنف ليبيا منذ عام 2011 ونظامها المالي لا يتمتع بعلاقات كبيرة مع العالم الخارجي بعد عقوبات استمرت عقودا بسبب تورط ليبي في تفجير طائرة تابعة لشركة بان امريكان فوق لوكربي باسكتلندا. وقال وزير الاقتصاد الليبي مصطفى أبو فناس لرويترز الشهر الماضي ان بلاده تواجه الان مشكلة في السيولة وربما تتجه الى مصادرأخرى مثل البنك المركزي والمؤسسة الليبية للاستثمار. وقد يلجأ البنك المركزي الى اعادة تمويله ببيع صكوك ولكن لم يصدر التشريع الذي يسمح بذلك حتى الان. وسيضطر البنك أيضا الى عرض عوائد كبيرة على الصكوك نظرا لغياب الثقة في المؤسسات العامة. وقال بعض المحللين ان الحكومة قد تلجأ الى البنوك المحلية التي تتمتع بوفرة في النقود بسبب قلة نشاط الاقراض في اقتصاد توقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش بنسبة 1ر5 بالمئة في عام 2013. وقال خبير اقتصادي ليبي ان ذلك سيكون سهلا لان الدولة تمتلك بعضا من أكبر هذه البنوك. ولكن معظم أصول البنوك المحلية مقومة بالدينار مما لا يساعد على تمويل شراء الواردات. وقال الخبير الاقتصادي //أتوقع أن يرتفع التضخم هذا العام.// /الدولار يساوي 2365ر1 دينار ليبي/