عادت قضية حرية المعتقد في المغرب إلى الواجهة مجددا، بعد البلاغ الأخير الذي أصدره المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والذي يستنكر فيه ما يتعرض له مواطن مغربي وأسرته من مضايقات وتخريب لمزرعته بمراكش بسبب اعتناقه للدين المسيحي ويدعو فيه إلى الإسراع بفتح تحقيق حول الجهات التي تقف وراء هذه الاعتداءات، مطالبا بضمان حرية المعتقد في المغرب، وبحماية المواطنين وممتلكاتهم، ووقف الحملة التي تشنها بعض الجهات الصحفية والسياسية على مواطنين مغاربة بسبب اختياراتهم العقائدية والمذهبية. عمر أربيب، عضو المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أكد ل «اليوم24» بأن فرع المنارة للجمعية بمراكش، سبق له أن توصل بالعديد من الشكايات من المواطن «عبد المطلب»، المتحدر من جماعة الويدان القروية بضواحي مراكش، يشير فيها إلى أنه يتعرض منذ مدة طويلة إلى مضايقات ممنهجة بسبب اعتناقه للدين المسيحي، قبل أن تتم إحالة الشكاية على المكتب المركزي للجمعية. روى عبد المطلب بحرقة أمام بعض أعضاء المكتب المحلي للجمعية بالمنارة ما يعتبره مضايقات يتعرض لها قبل أكثر من 12 سنة، منذ أن غيّر ملته واعتنق الديانة المسيحية. يصمت هذا الرجل الخمسيني، قبل أن يجهش باكيا.»بدأت محنتي منذ أن علم أهلي ومعارفي والجيران بأنني أصبحت مسيحيا. أصبحت منبوذا ومعزولا يقاطعني الجميع، قبل أن يتحول ذلك إلى اعتداء صريح على حقي في حرية المعتقد» ،يقول عبد المطلب، ثم يستطرد: «لم تعد المضايقات تطالني وحدي، بل مست أيضا أفراد أسرتي. وضعوا أمام ابنتي، التي تتابع تعليمها الابتدائي بمدرسة الدوار، لوحة كتبوا عليها عبارة «أنا مسلمة..أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله»، وصوروها ثم بثوا الصور على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي». لم يشأ عبد المطلب أن يكشف عن هوية الشخص أو الأشخاص أو المؤسسة التي أقنعته بتغيير دينه، كلما يصر عليه هو أن القانون المغربي يحمي حرية المعتقد. وعلى هذا الأساس، تقدم بشكايات أمام القضاء حول تعرض تجهيزات التقطير بمزرعته الكائنة بجماعة الويدان للتخريب، «غير أن شكاياتي ظلت تراوح مكانها، ولم تتخذ في حق المتهمين أية إجراءات قانونية»، يقول عبد المطلب، الذي يؤكد بأنه تعرض مؤخرا لاعتقال تعسفي دام 48 ساعة بتهمة حمل أدوات حادة، بعد أن تم اعتقاله وهو راجع من سوق الخميس بمراكش يحمل بعض الأدوات الفلاحية. يشار إلى أن شخصيات علمانية مغربية تنشط ضمن «مجموعة الديمقراطية والحداثة»، سبق لها أن نظمت مؤتمراً دولياً برعاية السفارة البريطانية بالرباط، وأوصت ب «تشكيل لوبي علماني ضاغط على الحكومة والبرلمان من أجل إقرار حرية المعتقد دستورياً»، وهو ما أثار جدلاً بين مؤيد ورافض لهذه الدعوات، حيث ميّز الشيخ أبو حفص محمد عبد الوهاب رفيقي، بين الكافر الذي لم يُسلم أبداً، وهو لا يُكره على تغيير دينه في قول جمهور الفقهاء، وبين مَنْ كان مسلماً ثم أراد تغيير دينه، مضيفا بأن «المرتد» إذا أقدم على ذلك في بيته وخلوته، فلا حق لأحد في التجسس عليه.»، لكن المجاهر المعلن بذلك يشكل خطراً على بنية المجتمع، حيث إن إعلانه لابد له من تأثير على بعض ضعاف القلوب ومن قلت معرفته بدينه وأصوله»، يقول الشيخ أبو حفص.