كل عناصر الإثارة متوفرة في قضية وضعت، قبل، على مكتب الوكيل العام للملك بفاس، حيث يجري البحث فيها من قبل مصلحة الشرطة القضائية بولاية الأمن لنفس المدينة، وقائعها شذوذ جنسي وشعوذة ونصب واحتيال. كان صباحا عاديا، الأربعاء الماضي، بولاية أمن فاس لما تقدم شاب في العشرين من عمره إلى مصلحة الشرطة القضائية يقول إنه يحمل شكاية، طلب منه الشرطي الذي تبدو عليه علامة الملل، والذي تكلف بالاستماع إليه الجلوس وقول ما عنده. لكن ما إن بدا الشاب في السرد حتى تبددت خيوط الملل التي كانت على وجه الشرطي لترتسم محلها ملامح الدهشة. فقد قال الشاب العشريني إنه تعرض للاغتصاب والاستغلال الجنسي لمدة أربعة سنوات، أي منذ أن كان في عمره 16 سنة، على يد ضابط شرطة محسوب على المنطقة الأمنية الرابعة بنسودة، والذي مارس عليه شذوذه الجنسي بمختلف أشكاله، من جنس فموي واغتصاب من الدبر. وبعد الاستماع إليه حجزت الشرطة هاتفه النقال لأجل إحالته على مختبر الآثار الرقمية التابع للشرطة القضائية بفاس، وإجراء خبرة تقنية عليه، خصوصا وأن الشاب كشف عن وجود رسائل قصيرة(SMS)، تلقاها من هاتف رجل الأمن، فيها غزل وإعجاب وحب، بالإضافة إلى مكالمات هاتفية ساخنة وأخرى تهديدية بعد أن فسدت علاقتهما. وعلمت «أخبار اليوم» من محامي هذا الشاب أنه جرى عرضه مساء الجمعة الماضية، على طبيب خبير متخصص في جراحة المخرج ومحلف لدى المحاكم، الذي أخضعه لفحص طبي دقيق، بعد أن كشف الشاب للمحققين بأنه يعاني من انتفاخ مؤلم في الأوردة ويخشى تعرضه لشق شرجي. وأظهرت الشهادة الطبية للطبيب، والتي حصلت «أخبار اليوم « على نسخة منها، أن مخرج الشاب تظهر عليه أثار اغتصاب جنسي وهتك لعرضه، بالإضافة إلى آثار خدوش وبقعة سوداء بأسفل إبطه الأيمن، قال الشاب إنها من آثار العنف الذي كان يتعرض له أثناء ممارسة الضابط المشتكى به للجنس عليه.
علاقة غريبة وتعود فصول هذه الفضيحة المثيرة، والتي هزت أركان ولاية أمن فاس، كما حكاها ل «أخبار اليوم»، الشاب إبراهيم، إلى صيف سنة 2010، وكان بالكاد قد تجاوز ربيعه ال16، حيث تعرف على الشرطي بمقر عمله، على إثر مساعدة قدمها له بخصوص شكاية تخص دين، قدمتها امرأة ضده، وتمكن الشرطي من إبرام صلح بينهما، فكانت بذلك نقطة بداية علاقة غريبة ومثيرة بين هذا الشاب والشرطي، على الرغم من فارق السن بينهما، تحولت إلى «مغامرات جنسية». ويقول الشاب إن رجل الأمن كان يقدم له مشروبات بها مادة مخدرة، قبل أن يعبث بجسده ويمارس عليه الجنس بشكل سطحي ويجبره على «الجنس الفموي» لمرات عديدة في سيارته بأماكن مهجورة بضواحي مدينة فاس، قبل أن يغتصبه ويهتك عرضه في نهاية غشت 2013 . ومضى الشاب يحكي لماذا ظل صامتا كل هذه المدة، وقال إن المشتكى به «ظل يستغله جنسيا لمدة 4 سنوات تحت التهديد بإدخاله السجن إن هو كشف أمر علاقتهما الجنسية، آخرها في شهر غشت من العام الجاري، حين افتضح أمر علاقتهما الجنسية بمنزل رجل الأمن، حيث تقيم زوجته و أبناؤه الأربعة. وأضاف أنه على مدى الأربع سنوات التي قضاها برفقة الشرطي، اصطحبه إلى الحانات والمطاعم الفاخرة والمقاهي وحمام شعبي قريب من مقر سكنى رجل الأمن. ويقول إبراهيم إن المشتكى به «استغل فقر عائلته، وأغراه بالهدايا من هاتف ذكي وملابس ومساعدات مادية له ولعائلته المكونة من أب عاطل وأم خادمة في البيوت، و 4 إخوة هو أصغرهم». وحول أسباب لجوء الشاب إلى تفجير فضيحته برجل الأمن، قال «إبراهيم» في حديثه ل «أخبار اليوم»،» أنا عييت من كثرة استغلاله لي جنسيا، خصوصا وأن أبناء الحي الشعبي الذي أقطن فيه، باتوا على علم بعلاقتي الجنسية بالشرطي، حيث واجهوني مؤخرا بأنهم شاهدونا نمارس الجنس نهارا بسيارة الشرطي بمكان خال قريب من حيينا». وأردف، «ظلت أتردد في أمر فضحه، بعد أن انقطعت علاقتي به منذ شهر غشت، حين أقدم على اغتصابي وهتك عرضي بالقوة وأنا فاقد للوعي، بعدما تدخلت عائلة الشرطي لدى عائلتي، وحصلت حينها منها على هدايا ومساعدات، مقابل التزامي الصمت، إلى أن فاجأني الشرطي برسالة قصيرة أرسلها لي من هاتفه الشخصي، مساء الثلاثاء الماضي، حيث أبدى فيها رغبته في رؤيتي بمحاذاة حمام شعبي، والذي كنا نلتقي به في السابق، وذلك لأجل تسوية خلافه معي، وهناك تفجر شجار بيننا عقب محاولة الشرطي إرغامي على ولوج الحمام برفقته». إذاك تخلص الشاب من تردده وتسلح بما تبقى له من شجاعة ودخل إلى ولاية الأمن، صبيحة اليوم الموالي، ليفجر أمام زملاء ضابط الأمن المشتكى به ما سكت عنه لمدة 4 سنوات.
مذنب أم ضحية؟ ولكن ضابط الأمن المشتكى به، وهو متزوج في عقده الخامس وأب لأربعة أبناء، قدم رواية مخالفة تماما لما سرده الشاب إبراهيم، وقال في اتصال هاتفي أجرته معه «أخبار اليوم»، «أنا ضحية شبكة للنصب والاحتيال يقودها الشاب وطبيبين بفاس، على علاقة وطيدة بالشاب، والذي طالبني بمبلغ 5 مليون سنتيم، ولما رفضت اتهمني باغتصابه واستغلاله جنسيا»، قبل أن يضيف «أنا من عائلة جد محافظة، وأكره المثليين، وكل ما ورد على لسان الشاب من اتهامات في حقي، كذب وافتراء، وستكشف أبحاث الشرطة الحقيقة، لكنني أعترف أنني كنت ساذجا في تعاملي مع هذا الشاب والذي جعلني أثق بتخاريفه تجاه خطيبتي». ولم ينكر رجل الأمن في حديثه للجريدة معرفته بالشاب الذي قدم شكاية ضده، و قال إنه تعرف عليه بمقر عمله بأمن «بن سودة» منذ سنتين فقط، بخلاف ما صرح به الشاب، مؤكدا أنه بعد مدة عن لقائهما الأول، بات الشرطي يلتقي بالشاب والذي كان في عمره 18 سنة ونيف، حيث «فتحت له قلبي «، يقول رجل الأمن قبل أن يضيف «وحكيت له عن مشاكلي مع عائلتي، بعد أن قررت الزواج من شابة، لكنني كنت مترددا في الزواج منها قبل التأكد من أخلاقها وسمعتها، فتكلف الشاب بإجراء هذه المهمة لفائدتي بعد أن أطلعته على هوية خطيبتي». بعد مرور أزيد من شهر، يضيف رجل الأمن، «حمل لي الشاب معلومات أكد لي فيها، على أن خطيبتي تخدعني وأنها لجأت للشعوذة لكي تفقدني رجولتي، وأوهمني الشاب بأنني بعد معرفتي بالفتاة أصبحت أعاني من البرودة الجنسية، فكان أن وعدني بحل كل مشاكلي، حيث منحني طلاسم سحرية، مازلت أحتفظ بها كدليل، ومساحيق من الأعشاب لأجل شربها، مقابل مبالغ مالية وذبائح لحوم بيضاء وحمراء وأثواب»، سكت قليلا ثم أضاف بنبرة متحسرة، «بلغ مجموع ما كلفتني أعمال الشاب السحرية ما يزيد عن 3 مليون سنتيم». شعوذة الشاب الذي كان يستعين فيها بالحواس والشبكة العنكبوتية، بحسب رواية رجل الأمن، لم تتوقف عند الخطيبة، بل تعدته إلى عائلة الشرطي، حين قام الشاب ب «صرع الجن» لدى ابنته الوحيدة المتزوجة، عقب نوبات قلبية وإغماءات مفاجئة أصيبت بها ، فيما عالج طفلتها التي أصيبت بمرض في الحنجرة، حيث قدم لها الشاب/ الساحر، محلولا تسبب لها في تعفن وتم إخضاعها لعملية جراحية بمستشفى طب الأطفال بفاس.بل يقول الضابط المشتكى به إن إبراهيم أوهمه بوجود كنز تحت شجرة بباب منزله، وظل يطلق «البخور» ويقيم الولائم بمنزل الشرطي لأجل الحصول على إذن « أصحاب لمكان» لاستخراج الكنز، لكن لا شيء من كل هذا تحقق، يقول ضابط الأمن، حيث «كانت مفاجأتي كبيرة حين اكتشفت بأنه كان ينصب علي بتنسيق مع خطيبتي والتي غابت عن أنظاري بحجة أن عائلتها منعتها من الخروج». وكشف رجل الأمن، وهو يكمل قصته الغريبة مع الشاب، أنه عمد في شهر شتنبر 2013 إلى دعوة المشتكي وعائلته إلى منزله في حضرة زوجته وأبنائه وشهود من الجيران، حيث طلب من الشاب إعادة مبلغ 3 ملايين سنتيم في أقساط، كما اطلع الجميع عن فك ارتباطه بخطيبته وعدوله عن فكرة الزواج، قبل أن يتفاجأ رجل الأمن بظهور الشاب برفقة طبيبين، أضحوا يرابطون، كما يقول، بالقرب من مكان إقامته، على متن سيارة ويضيف: «بل عمدوا مؤخرا إلى اعتراض سبيلي ودعوتي إلى مقهى، وهناك طالبني الشاب بمبلغ 5 ملايين سنتيم، ولما رفضت بحكم أنه هو من يتوجب عليه تمكيني من 3 ملايين سنتيم حازها مني مقابل أعماله السحرية، انتفض في وجهي وهددني بتشويه سمعتي وتقديم شكاية ضدي يتهمني فيها باغتصابه واستغلاله جنسيا». وعقب المشتكي على هذا الاتهام بقوله إن: «غيرة ضابط الأمن من علاقتي بالطبيب الذي يعالجني من ارتجاج بفكي العلوي، هي من تحكمت في اتهامه له بتحريضي والانقلاب عليه». ويتساءل الكثير من المتتبعين بالعاصمة العلمية، كيف ستتمكن الشرطة من الوقوف على الحقيقة، خاصة وأن رواية طرفي هذه القضية المثيرة تتناقض بشكل كامل؟