تحول المغرب في السنوات الأخيرة من منطقة عبور إلى منطقة استقرار للمهاجرين الأفارقة خاصةتحول المغرب في السنوات الأخيرة من منطقة عبور إلى منطقة استقرار للمهاجرين الأفارقة خاصة وهو تحول ازداد معه الضغط الدولي على المغرب من أجل الإقرار بهذا الواقع بكل متطلباته القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. لقد أصبح مطلوبا منه بلورة سياسة متكاملة للهجرة واللجوء، بعدما كان هو نفسه يلعب دور الدركي إزاء أوربا. التحرك المغربي الذي عبّر عنه اللقاء الشهير في أكتوبر الماضي برئاسة الملك وحضور رئيس الحكومة ووزراء ومستشارين للملك، ثم الإفراج عن الدراسة التي أنجزها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كشف أن المقاربة المغربية تركز على البعد الإنساني، والحقوقي، ثم السياسي والتنموي في علاقته بدول إفريقيا. لكن المسكوت عنه هو أن وجود ما يزيد على 21 ألف مواطن إفريقي فوق تراب المغرب يطرح تحديات أمنية كذلك. محمد بن حمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، اعتبر أن «الهجرة في حد ذاتها لا تشكل تهديدا أمنيا»، لأن «المهاجرين السريين هم ضحايا» بالأساس، لكنها قد تحمل مخاطر للمغرب، منها أن المهاجرين قد يكون من بينهم «محاربون قدامى»، خاصة بين أولئك الذين يأتون من مناطق توتر ونزاع مسلح، كما يمكن أن يكون بينهم «عناصر إجرامية» قابلة للتوظيف من قبل شبكات الجريمة المنظمة. وكانت السلطات الأمنية قد أوقفت أكثر من مرة مهاجرين يهربون المخدرات الصلبة في بطونهم على شكل «كبسولات» الكوكايين والهيروين وغيرها. هناك مخاطر أكبر، مثل أن يكون بين هؤلاء حاملون لمرض السيدا، وقدم محمد بن حمو رقما يؤكد أن 0.03 في المائة بين هؤلاء المهاجرين مصابون بهذا الداء، الأمر الذي يشكل تهديدا للأمن الصحي. أما التحديات الأكبر فتتمثل في إدماج هؤلاء المهاجرين في المجتمع، بسبب اللغة والدين والثقافة. في حالة الدين، مثلا، يقول بن حمو، إن من بين هؤلاء المهاجرين من يدينون بديانات وثنية، ورغم ذلك فتمكين هؤلاء المهاجرين من حقوقهم يقتضي الاعتراف بحقهم في معتقدهم، وهو التحدي الذي سيُطرح مع الاعتراف لهؤلاء بحق أبنائهم في الالتحاق بالمدرسة العمومية. في أوربا، ونظرا إلى عدد المهاجرين المسلمين في دولها، أعاد اختلاف الدين والثقافة طرح سؤال الهوية، وتحدث باحثون عن «الأمن الهوياتي»، وهي تجربة من الممكن أن يصل إليها المغرب كذلك في المستقبل، خاصة إذا كانت، مثلا، نسبة المسيحيين من المهاجرين الأفارقة أكثر من نسب ذوي الديانات الأخرى، أو تصدرت الكنائس الأوربية الموجودة في المغرب، من وراء الستار، للدفاع عن هؤلاء وتنظيمهم.