خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2013، حجزت السلطات الأمنية 333 ألف قرص هلوسة، مصدرها الأول هو الجزائر. لقد تضاعف الرقم خمس مرات مقارنة بسنة 2012، حيث احتجزت مصالح الأمن 71 ألف قرص هلوسة. وتعتبر الحدود الوهمية مع سبتة ومليلية المصدر الثاني لهذا النوع من المخدرات التي تقول وزارة الداخلية إن لها نتائج مباشرة على طمأنينة المواطنين وأمنهم، لصلة أقراص الهلوسة بأحداث الإجرام والعنف التي تزايدت خلال السنوات الأخيرة، وباتت تفوق 380 ألف جريمة. وتهرب من سبتة ومليلية بالأساس السلع والمواد الغذائية، التي تخلف أضرارا على أكثر من صعيد، فهي أولا تلحق أضرارا بالغة بالمنتوج الوطني، إذ تقدر قيمة المواد المهربة نحو 3 ملايين درهم، وفق بعض التقديرات غير الرسمية. ويرى عبد الرحمان المكاوي، خبير أمني ودفاعي، أن الأخطر في ذلك هو أنها سلع غير مراقبة، ويمكن أن تهدد الأمن الصحي للمواطنين، خاصة إذا كانت فاسدة، مشيرا إلى المخاطر التي خلفها استهلاك زيوت فاسدة في الستينات على الآلاف من سكان مدينة مكناس. في المقابل، هناك تهريب المخدرات التقليدية نحو الخارج، إذ يُعتبر المغرب في هذا الصدد من المنتجين الكبار للقنب الهندي (الكيف)، حيث تنتشر زراعة الكيف على مساحة تقدر ب60 ألف هكتار، يعيش منها حولي 800 ألف فلاح، وتدر مداخيل تقدر ب200 ألف يورو. وحسب تقارير لمكتب الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات، فإن المغرب منتج ومصدر للكيف ومشتقاته، بنسبة تفوق 20 في المائة ضمن مجموع الإنتاج العالمي. طبيعة التهديد الذي تمثله هذه التجارة لا تكمن فقط في أن لها علاقة مباشرة بتفشي الجريمة والعنف اللذين يمزقان النسيج الاجتماعي، بل لكونها تعد مجالا خصبا لنشاط «عصابات مافيا» لها علاقات دولية مع نظيراتها في أوربا، ومن ثم أمريكا اللاتينية، التي تزايد نشاطها في المغرب عبر استعمال طائرات خاصة صغيرة الحجم للتهريب، أو عبر زوارق صغيرة وسريعة. وهي أنشطة تندرج من الناحية القانونية ضمن الجرائم المنظمة التي تسعى إما إلى تحصيل أموال أو الحصول على السلطة، ما يجعلها من بين أخطر التهديدات. تكمن خطورة هذه الشبكات في قدرتها على توظيف المال لاختراق رجال الأمن والدرك والمخابرات، بل والوصول إلى أخطر المواقع الأمنية. في سنة 2004 مثلا، وحينما تم اعتقال التاجر الدولي في المخدرات، منير الرماش، المحكوم عليه حاليا ب20 سنة سجنا، ثم «الشريف بين الويدان»، تم الكشف عن كثير من الخيوط التي تُظهر خطورة مافيا المخدرات، وكيف أنها وصلت إلى اختراق محيط القصر الملكي، حين تمت إثارة اسم «عبد العزيز إيزو»، مدير أمن القصور الملكية سابقا، كما أثير في المحكمة من قبل الرماش اسم حميدو لعنيكري، الجنرال القوي ومدير «الديستي» ثم مدير الأمن الوطني سابقا. ثالث المخاطر التي تأتي من التهريب تتعلق بتهريب الأموال إلى الخارج، التي تهدد سمعة البلاد ومصداقية نظامها المالي والاقتصادي أمام الرأسمال العالمي، وتبعث على القلق في صفوف رجال الأعمال، لأنها تشير إلى عدم الثقة التي تعتبر الضمانة الرئيسية لحركية الأموال في أي بلد. وفق هيئة «النزاهة المالية العالمية»، في آخر تقرير لها، يحتل المغرب الرتبة 45 عالميا من حيث تفشي هذه الظاهرة، حيث أفاد التقرير بأنه تم تهريب 12.8 مليار دولار خلال الفترة ما بين 2001 و2010. أما وزير الميزانية، إدريس الأزمي، فقد أكد، استنادا إلى إحصائيات للبنك الدولي، أن حوالي 4 ملايير دولار يتم تهريبها سنويا إلى خارج التراب الوطني، وهو ما يعادل 34 مليار درهم سنويا. واعتبر عبد الرحمان المكاوي أن تهريب الأموال أو تبييضها من أكبر الجرائم الاقتصادية، مؤكدا أن «هناك أخطبوطا» ينشط في المغرب، «وهو محمي من جهات داخل الدولة»، لأن «المهرب يحتاج بطبيعته إلى حماية» من جهات داخل الإدارة تساعده على القيام ب«عمله غير القانوني»، وتلحق بذلك «ضررا جسيما بالاقتصاد الوطني»، سواء من الناحية الضريبية أو ناحية «السمعة والثقة».