في كل مرة يصدر فيها تقرير دولي يصنف المغرب في مرتبة أسوأ من حيث تفشي الفساد، يعتبر ذلك تشكيكا، ولو غير مباشر، في نزاهة الممارسات الاقتصادية، بل ويلحق أضرارا بالغة بمصداقية الاقتصاد الوطني وثقة المستثمرين فيه، لكن الأخطر من كل ذلك هو تحالف المفسدين في الداخل مع نظرائهم في الخارج ضد المصالح العليا للوطن، مادام «المال الحرام ليس له إحساس وطني»، يقول عبد الرحمان المكاوي، المختص في الدراسات الأمنية والدفاعية. في آخر تقرير لها ظهر هذا الأسبوع، صنفت منظمة الشفافية العالمية المغرب في الرتبة 91 من بين 175 دولة شملها التقرير، حيث تراجع بثلاث درجات. محمد خيي، برلماني ومختص في الاقتصاد، اعتبر أن تراجع المغرب «ليس بسبب ارتفاع الممارسات الفاسدة عندنا أو بسبب انتشار أكبر للرشوة، ولكن لأن دولا أخرى نجحت في تجاوزنا»، لأنها «استطاعت أن تحسن من موقعها على سلم محاربة الفساد» وهو نفس التفسير الذي قدمه رئيس الحكومة في آخر مجلس حكومي. لكن خطورة مثل هذه التقارير الدولية تكمن في أنها تعتبر مقياسا للشركات العالمية من أجل الاستثمار في بلد معين أو لا. وفي حالة المغرب، فإن تقرير منظمة الشفافية العالمية يعتبر مستفزا لرجال الأعمال، ومانعا لهم عن القدوم إلى المغرب من أجل الاستثمار. وينتشر الفساد في المغرب، وفق التقرير نفسه وتقارير أخرى، على مستوى أكثر في قطاعات: الإدارة، التعليم، الأمن، الصحة والقضاء. المكاوي اعتبر أن الأخطر هو حينما يستطيع المفسدون تشكيل لوبيات لحماية مصالحهم، وهي لوبيات قد تكون ممتدة داخل أجهزة الدولة وخارجها، ولها تحالفات مع نظيراتها في دول أخرى. وضرب المكاوي المثل بلوبي في الأقاليم الجنوبية، الذي له تحالفات في دول جنوب الصحراء، ويستطيع تحريك الناس للتظاهر باسم حقوق الإنسان أحيانا كلما تم المس بمصالحه الاقتصادية، أو مافيا المخدرات حين تستطيع اختراق الأجهزة الأمنية والقضائية وغيرها. وفي مبادرة للناتو حول «تعزيز النزاهة والحد من الفساد في مؤسسات الدفاع» (2009)، اعتبر أن الفساد من شأنه أن يقوض القدرات الأمنية والدفاعية لكل دولة، لأنه يتسبب في تبذير المال، وتوزيع الموارد توزيعا سيئا، وشراء المعدات غير المناسبة أو ذات النوعية المتدنية، وأكد أن الموظفين الفاسدين لا يمكن الوثوق بهم، لأنهم قد يتلقون المال من الأعداء المحتملين.