من بين 1500 مغربي أحصتهم الأجهزة الاستخباراتية المغربية، الذين سافروا إلى الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» في سوريا، عادت حفنة منهم إلى بلدهم، حيث التقت بهم صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. انتقل أبو إلياس من الجهاد الافتراضي إلى الأشغال التطبيقية في نهاية مرحلة نضج بطيئة. كان هذا الإسلامي خلال التدخل الأمريكي في العراق يلقي المواعظ على مواقع ومنصات الأنترنيت. وأصبح في وقت لاحق مسيرا لموقع للتجنيد للحرب في سوريا. «فتحت «الدولة الإسلامية» طريقا جديدا، من خلال تقديمها لشيء مهم لم يعطه تنظيم القاعدة أهمية كبرى: إقليم وطريق آمنة للوصول إليها ووضع اجتماعي وامتيازات»، يقول أبو إلياس. من مساعد محاسب في المغرب، انقلب من تنظيم القاعدة إلى تنظيم «داعش» في سوريا للعيش في فيلا رفقة زوجته وأطفاله الثلاثة الصغار. في الرقة، كان يتنقل في شاحنة صغيرة من نوع تويوتا هايلوكس، وكان يتمتع بمرتب «جيد»، مضيفا: «كنت أطمح للحصول على وضع اجتماعي أفضل، وكنت أريد المشاركة في القتال ضد الشيعة. ومن وراء ذلك، المشاركة في قتال الغربيين». تدرج أبو إلياس في المناصب: «قاض» بمحكمة الرقة، ثم أصبح مسؤولا عن الدعاية في قسم وسائل الإعلام والصحافة التابع لتنظيم داعش. وكان قد أصدر عدة أحكام بالإعدام، وطالب ببتر أعضاء لصوص في الساحة العمومية وإعدام جنود بشار الأسد تحت عدسة كاميرات التصوير من نوع «Canon». وكانت خاتمة هذه المغامرة، في نهاية 2014، داخل زنزانة في أحد سجون بلده الأصلي. كان هذا المتطرف، صاحب اللحية القصيرة والمفتول العضلات، وصاحب الشعر الأملس المصفف إلى الخلف، يتحدث تحت مراقبة عنصر من المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، كما هو الحال بالنسبة إلى جميع الدواعش التائبين، المستجوبين خلال إنجاز هذا الروبورطاج داخل سجون المملكة وبموافقة طوعية للجهاديين السابقين، وبترخيص من السلطات المغربية». أبو إلياس هو واحد من العديد من الأسماء المستعارة من هذه السلفية. مناطق الظل «عند وصولي إلى سوريا، التي كانت تربطني فيها علاقات مع الجهاديين، بدأت الرحلة من معسكر التدريب في دورة تكوينية إجبارية. وهناك تمت ملاحظة مؤهلاتي بصفتي واعظا. وهكذا أصبحت أؤم الصلاة»، يوضح أبو إلياس. كانت رحلته ومساره داخل خبايا وأسرار تنظيم «داعش» تضم، كما يروي ذلك، مناطق ظل وأسرار. فقد مر أبو إلياس خلال رحلته إلى الرقة، عبر حلب وحمص. وفي الرقة، التي أصبحت القلعة القوية لتنظيم داعش انطلاقا من يونيو 2014، كان له موقع قاض في المحكمة الإسلامية: «كنا حوالي 15 قاضيا نصدر أحكاما بتطبيق الشريعة بعد أخذ رأي لجنة استشارية. وكان علي كذلك أن أتخذ قرارات للحسم في النزاعات بين الأفراد أو بين القبائل كما هو الحال بالنسبة إلى الجرائم والمخالفات. فقد قمت على سبيل المثال بالنظر في ملف تهريب اللحم من تركيا. لقد كان التاجر يبيع منتوجاته المستوردة من الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبالتالي هو منتوج غير حلال. وصدر في حقه حكم بالغرامة وبمصادرة سيارته والبضاعة». أكد كذلك أنه أصدر حكما بالإعدام ضد زوج شرعي: «كان قرارا فظيعا. لكنه رسالة إلهية مكتوبة في القرآن»، يبرر القاضي أبو إلياس حكمه في نوبة من الضحك. كان المحكوم عليهما مربوطي اليدين في مكان أمام الجمهور وأكوام من الحجارة الموضوعة رهن إشارة موظفي داعش.. وتمت دعوة الجمهور للمشاركة».