ما هي الخلفية التي يحملها الجدل حول تحديد تاريخ الانتخابات التشريعية؟ هل الأمر يتعلق بنقاش برهانات سياسية حقيقية، أم بمجرد «بوليميك» يفرضه تصور للعمل السياسي باعتباره مجرد لعبة لتبادل الأدوار؟ ينص الفصل 62 من الدستور، على أن أعضاء مجلس النواب ينتخبون بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات، وتنتهي عضويتهم عند افتتاح دورة أكتوبر من السنة الخامسة التي تلي انتخاب المجلس. أما المادة الأولى من النظام الداخلي لمجلس النواب، فتنص في فقرتها الثالثة على أن مستهل الفترة النيابية في حالة ولاية تشريعية كاملة، هو الجمعة الثانية لدورة أكتوبر من السنة التشريعية الأولى لهذه الولاية. كل هذا يعني بالبداهة المطلقة أن الانتخابات التشريعية المقبلة، من المفروض دستوريا أن تنظم بما يسمح بافتتاح دورة أكتوبر من السنة الأولى للولاية التشريعية العاشرة، في شروط طبيعية، وهو ما يعني احترام سقف الجمعة 14 أكتوبر 2016. استحضار الحرص السياسي على الدورية الطبيعية للانتخابات، وعلى انتظامية المسلسل السياسي من جهة، وضمان استمرارية وسلاسة العمل المؤسساتي من جهة أخرى. مع التفكير في الموضوع بمنطق احترام الزمن الدستوري، والشروط اللوجستيكية، وبرمجة العطل وأجندة الاستحقاقات السابقة عن يوم الاقتراع (ترسانة القوانين والمراسيم والقرارات /آجال الترشيحات / الحملة الانتخابية)، يجعل هامش تحديد التاريخ جد ضيق، ولا يتجاوز بضعة أسابيع قليلة، ويكاد يُخْتصر عموما في شهر شتنبر والأسبوع الأول لأكتوبر. وعموما، يمكن أن نتصور بسهولة، استحالة الإجماع والرضا الكامل، لجميع الأحزاب، حول تاريخ واحد، في الوقت نفسه الذي يجب أن نطرح جديا الحاجة إلى إعمال المقاربة التشاركية «العجيبة»، في موضوعٍ بمثل الإكراهات المطروحة. وهنا، فإنه خارج النقاش الذي يُثار حول مسألة الاختيار الدائم للجمعة يوما للاقتراع، وهو نقاش تتوفر موضوعيا الحجج المتبادلة حوله، لا يمكن العثور على دفوعات مقنعة في كل الجدل الذي أثاره إعلان عبدالإله بنكيران وهو يعلن باسم الحكومة تاريخ 7 أكتوبر 2016 موعدا للتشريعيات المقبلة. النقاش – الغائب- في العمق، يرتبط مع ذلك بملاحظة – مُستحقة – في الشكل، حيث إن إعلان موعد الاقتراع النيابي من طرف رئيس الحكومة، في إطار اجتماع حزبي حضره بقبعة الأمين العام لحزب المصباح، لم يكن بالتأكيد عملا موفقا. دون ذلك، فإن أمورا أكثر أهمية تستحق نقاشا حقيقيا، من ضمنها شروط الإصلاح السياسي والانتخابي، التي تسمح بانبثاق سلطة تنفيذية قوية، وتُحفز على عقلنة المشهد الحزبي بناءً على تقاطبات واضحة، وتقطع الطريق على نوعية الحكومات التي تنهض على منطق الأغلبيات الهشة، وقاعدة التوافقات غير المنتجة التي تساعد على تسلل البنية التقنوقراطية وممثلي الأحزاب فاقدة الاستقلالية إلى أغلبيات تقودها مبدئيا قوى ذات نزعة إصلاحية. التاريخ ليس هو المشكلة. المسألة هي أن يشكل 7 أكتوبر تقدما في المسار الديمقراطي.