في أول احتفال باليوم الوطني للأرشيف، الذي بات يصادف 30 نونبر من كل سنة، حرص رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، على الانتقال شخصيا لحضور اليوم الاحتفالي الذي أقامته مؤسسة أرشيف المغرب. حاملا خطابا يربط حماية الأرشيف الرسمي وتوثيقه بمنع تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، وبشرى تخصيص قطعة أرضية لبناء مقر للمؤسسة المحدثة في السنوات القليلة الماضية. ابن كيران قال في كلمة ألقاها في ضيافة المؤسسة بالرباط، إن صدور القانون الخاص بالأرشيف، 69-99، كان تجسيدا لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وواحدا من التدابير "الرامية إلى تعزيز المنظومة الحقوقية في بلادنا وتقوية دعائم دولة الحق والقانون". وبعدما اعترف بالوضعية المزرية التي يوجد عليها الأرشيف في المغرب، حيث يعتبر مكانه هو الأقبية المظلمة للإدارات المغربية، ويشتغل فيه الموظفون غير المرغوب فيهم؛ دعا ابن كيران إلى العمل على تجاوز هذه النظرة الضيقة للأرشيف ورد الاعتبار إليه كإنتاج حضاري ودعامة للتنمية. " ما خاصناش نحشمو من الأرشيف ديالنا، داكشي للي قالولينا نشوفوه فالمرايا ونزيدو القدام"، يقول رئيس الحكومة. هذا الأخير قال إن الأرشيف في المغرب يوجد في حالة مزرية بعدما طاله النسيان طيلة عقود، معلّقا على ذلك بالقول إن "النسيان أحيانا يكون مقصودا". وأضاف أن التحقيقات التي همّت مرحلة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في المغرب، "أثبتت بالملموس الحاجة الملحة لتنظيم وتقنين الأرشيف وجعله مرجعا يحتكم إليه لضبط الوقائع والاختلالات...". لينتقل رئيس الحكومة من التشخيص المؤلم إلى التبشير بكونه راسل مختلف القطاعات الحكومية الممثلة في مؤسسة أرشيف المغرب، كي تعيّن من يمثلها في لجنة أوكل إليها دراسة الإجراءات الواجب اتخاذها لتدارك الوضع الحالي، مضيفا أن هذه اللجنة ستكشف عن ثمارها قريبا. ومن بين الثمار الذي استبق بنكيران إعلانها، تخصيص قطعة أرضية بمنطقة تكنوبوليس بسلا الجديدة، "لانجاز مشروع بناء مقر جديد لمؤسسة أرشيف المغرب تتوفر فيه المعايير والمواصفات التقنية الدولية ويشكل مفخرة لبلادنا". المستشار الملكي اندري أزولاي، قال بدوره إنه ومن خلال إقرار يوم 30 نونبر كيوم وطني للأرشيف، "يعبر المغرب عن إرادته وعزمه الحفاظ على ذاكرته وتاريخه، مشددا على أن هذا الخيار ليس عبثيا ولكنه رسالة للمجتمع الدولي مفادها أن المغرب بلد يؤمن بالتعددية ولا يتنكر لتاريخه". فيما أوضح مدير مؤسسة أرشيف المغربي، جامع بيضا، أنه ورغم التأخر الذي راكمه المغرب، "هناك إرادة سياسية حقيقية للسير قدما قصد المحافظة على إرث وهوية المغرب المرتبطين بشكل وثيق بتدبير الحاضر والمستقبل". وأضاف بيضا أن التعاطي الرسمي الجديد مع الأرشيف، "يعكس انخراط بلادنا على طريق الديمقراطية حيث الوصول إلى المعلومة يشكل أحد انتظارات المجتمع وحق كرسه دستور 2011".وطشف بيضا عن أن مؤسسة أرشيف المغرب، أبرمت اتفاقيات شراكة وتعاون مع مؤسسات فرنسية لتدبير الأرشيف للاستفادة من تجاربها في هذا المجال، خاصة تكوين الفرق الإدارية ورقمنة الوثائق والدعم التقني الضروري.