قرار مثير صدر، أخيرا، عن محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش، قضى بتأكيد انتخاب مكتب مجلس الجماعة القروية "سكورة الحدرة" بإقليم الرحامنة، على الرغم من أنه لا يتوفر على الثلث المخصص للنساء، الذي تشدد عليه مقتضيات المادة 17 من القانون المتعلق بالجماعات الترابية. وتنص المادة المذكورة على أنه "يتعين العمل على أن تتضمن لائحة ترشيحات نواب الرئيس عددا من المترشحات لا يقل عن الثلث"، بعد أن أدلى الرئيس المطعون في انتخابه، خلال المرحلة الابتدائية واستئنافيا، بإشهادين صادرين عن مستشارتين جماعيتين، ترفضان فيه الترشح لتولي منصب نائب رئيس المجلس الجماعي، للدفع باستحالة تطبيق مقتضيات المادة المذكورة. قرار محكمة الاستئناف الإدارية ألغى الحكم الابتدائي الصادر عن إدارية مراكش، بتاريخ 4 نونبر الماضي، القاضي بإلغاء انتخاب نواب الرئيس، وبإعادته من جديد طبقا للقانون، وهو الحكم الابتدائي الذي عللته هيأة الحكم، التي ترأستها القاضية رشيدة علمي مروني، بأن رفض العضوتين الترشيح بناءً على معيار شخصي، ومن دون مبرر موضوعي، لا يتأتى معه تطبيق الظرف الاستثنائي على هذه الحالة. وأضافت القاضية أن فوز المترشحتين في انتخابات الرابع من شهر شتنبر الماضي، يقتضي التزامهما بالانخراط في تدبير المرفق العام، وذلك بانضباطهما لما يفرضه القانون من ضرورة مشاركة المنتخبات بنسبة الثلث على الأقل في لوائح الترشيح لنواب رؤساء الجماعات الترابية. وأوضحت القاضية أن ضمان مشاركة المرأة في تسيير الجماعة ليس حقا للمترشحة فقط، وإنما له أبعاد اجتماعية وسياسية، تتمثل في التزام المغرب بحماية الحقوق السياسية للنساء والنهوض بها كأحد أهم دعائم بناء دولة الحق والقانون. الحكم الابتدائي أوضح أن المحكمة عقدت جلسة بحث، بناءً على حكمها التمهيدي الصادر بتاريخ 13 أكتوبر الماضي، والقاضي بإجراء بحث في الموضوع، وتأكد لها أن إحدى المنتخبات الفائزات بعضوية مجلس "سكورة الحدرة" طالبت الرئيس بتضمين اسمها ضمن لائحة نوابه، غير أنه رفض على الرغم من أنها تنتمي إلى نفس هيأته السياسية (حزب الأصالة والمعاصرة). وشدّد الحكم الابتدائي على أن المشرّع نصّ في المادة 17 من القانون التنظيمي، المتعلق بالجماعات، بصيغة الوجوب والإلزام على ضرورة إشراك النساء في تسيير الجماعة، وعلى أن تتضمن لائحة نواب الرئيس على الأقل نسبة الثلث من المترشحات. وهذا المقتضى، الذي أكدت المحكمة أنه ينسجم مع ما جاء في الفصل 19 من الدستور، الذي سعى إلى الإدماج الممنهج لمقاربة النوع في السياسات العمومية والحكامة على المستوى الجهوي لتعزيز مشاركة النساء في العمل السياسي، وهو "النهج نفسه الذي جاء في مجموعة من الاتفاقيات الدولية، التي صادق عليها المغرب، بما فيها اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، وكذا الاتفاقية الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة عام 1952". وتقول ديباجة الحكم، الذي خلص إلى أن لائحة انتخاب نواب الرئيس مخالفة للقانون، إن عملية انتخاب رئيس ومكتب المجلس القروي لجماعة "سكورة الحدرة" باطلة للعلة المستند إليها. وقد سبق للمستشار الجماعي الطاعن، والمنتمي إلى الحزب نفسه، الذي ينتمي إليه الرئيس، أن تقدّم بطعن فرعي أمام محكمة الاستئناف الإدارية، لفت فيه الانتباه إلى أن الحكم الابتدائي أكد أن لائحة انتخاب نواب الرئيس مخالفة للقانون، وعملية انتخاب الرئيس ومكتب المجلس القروي لجماعة "سكورة الحدرة" باطلة. غير أن منطوق الحكم اقتصر فقط على إلغاء انتخاب نواب الرئيس، مطالبا بأن يتم إلغاء المكتب مجتمعا (الرئيس ونوابه) انسجاما مع التعليل الوارد في الحكم الابتدائي، قبل أن تلغي محكمة الاستئناف الإدارية الحكم الابتدائي وتؤكد عملية الانتخاب، ليتقدم المستشار بطعن في القرار الاستئنافي أمام محكمة النقض بالرباط.