استطاع برنامج تلفزي إيطالي إثارة الإنتباه إلى أن حملة الترحيل التي تقوم بها السلطات الإيطالية بعد الأحداث الإرهابية التي عرفتها العاصمة الفرنسية باريس، قد تحدث فيها تجاوزات، لأن المطرودين في غالبيتهم هم أرباب أسر وقد تركوا وراءهم عائلاتهم وأبناءهم في إيطاليا، علما أن القضاء لم يدِنهم في القضايا التي رُحِّلوا بسببها. الصحفي يدعى "غايطانو بيكوراور"، ويعمل لبرنامج "لي يّييني" أحد اكبر البرامج التلفزية متابعة في إيطاليا. وقام الصحفي الإيطالي بخطوة جريئة تمثلت في البحث عن أُسر ثلاثة مغاربة مطرودين لإسماع كلمتهم رغم جو الخوف الذي تعيشه إيطاليا بعد تلقيها تهديدات من تنظيم "داعش"، ورغم أن غالبية البرامج الإذاعية والتلفزية إستمرت في "جلد " المسلمين بتواطئٍ مع جهات يمينية بسبب ما وقع في باريس. المغاربة الثلاثة سبق وأن طردتهم السلطات الإيطالية بسبب زعمها أنهم يشكلون خطرا على أمنها القومي رغم أن محاميهم قال في تصريح للبرنامج بأنه سبق وتمت محاكمتهم وبأنه لا توجد دلائل تدينهم. وتمكن الإعلامي الإيطالي من الحصول على نسخة من مرسوم الطرد الذي وقعه وزير الداخلية الإيطالي شخصيا، ومن بين حيثيات المرسوم أن من يفترض في كونه رئيس الخلية (ع.ع.ب) تم طرده للشكوك التي تحوم حوله بتبنيه فكرا متطرفا يمجد تنظيمي "القاعدة " و "داعش" ولشكوكٍ في نواياه الجهادية. مقدم البرنامج أعطى الكلمة لإخوانه الذين دافعوا عنه لدرجة إنخرط فيه أحدهما في نوبة بكاء هستيري لكونه لم يُصدق طرد اخاه الذي ترك زوجةً وراءه، والتي إلتحقت به قبل شهر فقط. ومن جهة أخرى قال الاخوان ان أخاهم معتقل الآن في المغرب ولا أحد يمكنه رؤيته. أما زوجة المطرود الثاني (س..ر) فقد حكت عن حضور رجال الأمن على الساعة الخامسة صباحا لبيتها لكي يأخدوا معهم زوجها الذي تركها رفقة ابنيها الصغيرين. كما أشارت إلى أن الأمنيين أخبروا زوجها بأنه سيُرحَّل إلى المغرب وحينما سألتهم عن السبب أجابوها "هذا أفضل لنا وللجميع". زوجة (م.ا) ثالث المغاربة المطرودين، وأم أبنائه الثلاثة الذين بقوا بدون أب وبدون معيل، والتي اعتبر الصحفي قصتها أكثر إيلاما، حيث استقبلته في بيتها بتلاوة آية من القرآن لتؤكد له أن الإسلام لا يدعو إلى الإعتداء على الآخرين. وقالت ان البوليس حضر في ال5 صباحا وطلبوا من زوجها مرافقتهم للقيام بمراقبة روتينية فقط، لكنه إختفى بعد ذلك قبل ان تكتشف أنهم رحّلوه الى المغرب. وانتقل الصحفي للإلتقاء برب عمل المغربي والذي اشتغل معه لمدة 13 سنة، إذ أكد أنه كان يمارس شعائره الدينية لكنه كان عاملا منضبطا ومتخصصا، ومن بين ما أشار إليه أن كل ما قامت به السلطات الإيطالية هو بمثابة "تمثيلية " لا أقل ولا أكثر. ورغم صمت نسبة كبيرة من المجتمع المدني الإيطالي على ما يحدث، فإن خطوات السلطات الإيطالية بترحيل الأشخاص بشكل فجائي ودون محاكمات تثير انتقادات المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين لا يريدون، حسب بعضهم أن تتحول إيطاليا إلى امريكا بعد هجمات 11 شتنبر 2001. انتقادات رد عليها وزير الداخلية الإيطالي أنجيلينو ألفانو من خلال جواب على سؤال بخصوص مدى قانونية طرد المشكوك في تبنيهم فكرا متطرفا دون محاكمات ودون أن تتوفر لهم الضمانات القانونية للدفاع عن أنفسهم قائلا : "أفضّل تحمل تأنيب الضمير بسبب طرد شخص غير متطرف على الإحتفاظ بشخص قد يضع لك يوما قنبلةً".