ما أن غادر الشاب المغربي عبد المجيد الطويل أسوار سجن ميلانو يوم أمس الأربعاء، بعد أن حكم القضاء الإيطالي ببراءته لعدم وجود أدلة تدينه في الهجوم الدامي على متحف باردو بتونس شهر مارس الماضي ورفض تسليمه لتونس ، حتى دخل "سجنا " من نوع آخر، إذ تم الزج به في مركز "تحديد الهوية والطرد " التابع لمدينة طورينو، في انتظار استكمال إجراءات ترحيله إلى بلده المغرب، لكونه مهاجرا سريا لا يتوفر على وثائق تسمح له بالإقامة بشكل قانوني فوق التراب الإيطالي. وقال محامو المغربي الطويل، أنهم زاروا موكلهم بالمركز المذكور، وبأنه في وضعية نفسية جد حرجة، إذ أثرت فيه الشهور التي قضاها خلف قضبان السجن رغم براءته ، ذلك انه لم يعد يتكلم مع أحد، ولم يستطع التعرف على صوت والدته في الهاتف، وأكد موظفو مركز الإحتجاز والطرد بطورينو أنه يعاني من مضاعفات كثيرة بسبب سجنه لشهور . وحذر محامو الشاب المغربي من ان تسليمه للمغرب قد يؤدي إلى تسليمه إلى السلطات التونسية، وبالتالي تعريض حياته للخطر ، إذ ان تونس لازالت لم تلغِ بعد عقوبة الإعدام في محاكمها، وهذا بالضبط أحد الأسباب ، إن لم نقل السبب الرئيسي الذي جعل القضاء الإيطالي يمتنع عن تسليمه إلى تونس، بالإضافة إلى اقتناع قضاة محكمة إستئناف ميلانو بكون الطويل، كان يتواجد طيلة أيام هجوم باردو في ضواحي ميلانو، وكان يتابع دروسا في تعلم اللغة الإيطالية، كما تؤكد ذلك سجلات الحضور في المدرسة التي تقع في تراب بلدة "غادجانو" غرب ميلانو. من جانب ذكر محامو المتهم السابق في هجوم باردو، أن طرد هذا الأخير سيجعل السلطات الإيطالية تقع في خطأ جسيم يشبه الخطأ التي ارتكبته سنة 2013 عندما رحّلت ألما شالاباييفا ، زوجة المعارض الكازخستاني المختار أبليازوف ، والتي تم اعتقالها و ترحيلها إلى جانب ابنتها التي لا تتعدى ست سنوات بسبب الإشتباه في كون جواز سفرهما مزور، قبل أن تكتشف جسامة خطئها بعد صدور حكم من محكمة روما يقضي بكون جواز سفر زوجة السياسي الكازخستاني وابنتها ليس مزورا بل جوازا صحيحا صادرا من إفريقيا الوسطى ، وبالتالي طالبت السلطات في البلد بتصحيح خطئها وإلغاء قرار الطرد وبالتالي القبول بعودتهما إلى البلد إن أرادتا ذلك .هذه القضية خلقت ضجة كبيرة في إيطاليا وعرضتها لانتقادات منظمات حقوق الإنسان. وناشد المحامون ، من خلال بيان وزعوه على الإعلام ، السلطات الإيطالية باحترام حقوق الإنسان ومراعاة كون تونس ، التي لا تربطها بإيطاليا وأوروبا أية اتفاقية لتحويل عقوبة الإعدام إلى السجن المؤبد ، قد تطلب من المغرب تسليمها المهاجر المغربي الطويل، وإن حدث ذلك فهذا يتعارض مع توصيات حكم محكمة ميلانو، التي أكدت على رفض تسليمه رغم تلقيها طلبا بذلك من الشرطة التونسية، وذلك أولا حتى لا يواجه عقوبة الإعدام وثانيا لغياب أدلة إدانة.