تسلمت السلطات الأمنية الإيطالية، أمس الأربعاء، من نظيرتها التونسية ملفا يحمل معلومات مثيرة عن الشاب المغربي عبد المجيد الطويل، الذي أوقفته مصالح الأمن بإيطاليا على خلفية الاشتباه في مشاركته في الهجوم الإرهابي الذي شهدته العاصمة التونسية شهر مارس الماضي. الملف يتضمن قرائن تقول سلطات تونس إنها تثبت مشاركة الشاب المغربي في الهجوم الذي استهدف متحف باردو، والذي خلف مقتل 24 شخصا، وقد أوردت صحيفة "لاريبوبليكا" أن ملف الاتهامات الذي بعثته تونس ليس إلا خطوطا عريضة وعامة، "ولا يتضمن تفاصيل دقيقة مقنعة". ويشير الملف التونسي الذي توصلت به إيطاليا إلى أن عبد المجيد الطويل قدم دعما لوجيستيكيا لأفراد "الكومندو" الذين نفذوا الهجوم الدامي، وهو ما ينسجم مع الفرضية التي يشتغل عليها المحققون الإيطاليون، بعد أن توصلوا، بشكل أقرب إلى التأكيد، بأن الطويل لم يغادر التراب الإيطالي مذ دخله، وبأنه كان يتواجد لحظة الهجوم على المتحف فوق التراب الإيطالي، استنادا إلى شهادات من العائلة ومن خارجها. وبعد أن اقتصر دور فرق التحقيق الإيطالية على استجواب شاب اعتقل بناء على مذكرة بحث دولية صدرت عن الأمن التونسي، سيتسع دورها لدراسة اعترافاته ثم مقارنتها بصك الاتهام التونسي. ويتولى الملف وكيل النائب العام بمحكمة ميلانو، بالإضافة إلى فرقتي "الديغوس" "وروس" المكلفتين بالتحقيق في هذه القضية. وقد كشفت الأبحاث إلى الآن تناقضا بين تصريحات الأم وابنها بخصوص جواز سفره، إذ تلح الأم، التي قدمت تصريحا للدرك يفيد بفقدان ابنها لجواز سفره، على أن ابنها فقده فوق التراب الإيطالي، فيما يورد المعني بالأمر رواية أخرى ويصر على أنه لم يكن يملك جواز سفر عند دخوله إلى البلد. من جهة أخرى، وفي الوقت الذي تصر الأم على أنها لم تساعد ابنها في رحلته الطويلة التي قادته إلى عدد من دول أوربا، بل تدبر أمره لوحده، صرح "الطويل" بأن أمه ساعدته ماديا. وفي حالة صحة أقوال الأم، لا يستبعد الأمنيون أن يكون الشاب المغربي قد باع جواز سفره من أجل الحصول على ثمن رحلة القارب الذي أوصله حتى السواحل الإيطالية، وهي خطوة لم يقدّر مدى خطورتها، ذلك أن من سقط في يدهم الجواز ربما أعادوا بيعه حتى وصل إلى منفذي هجوم "باردو" الذين استعملوه لإخفاء هوياتهم. ويواصل القضاء والأمن التحقيقات في هذه القضية التي يتابعها الرأي العام الإيطالي لحظة بلحظة، وحين الانتهاء من التحقيق في ميلانو ستحال كل الوثائق على محكمة مدينة روما، لأنها صاحبة الاختصاص في هذه القضية بعد أن فتحت تحقيقا فيها منذ شهر مارس الماضي عند وفاة أربعة إيطاليين جراء الحادث الإرهابي. إلى ذلك لايزال المغربي يقبع في سجن "سان فيتوري " بميلانو منذ إيقافه يوم 19 ماي الجاري، ولا يزال يصر على براءته من كل ما نُسب له. ورغم توصل السلطات الإيطالية بملف تقول تونس إنه يثبت تورط الطويل، إلا أنها إلى حدود اليوم لم تتوصل بطلب رسمي لأجل ترحيله لمحاكمته في تونس، وأمامها أربعون يوما منذ تاريخ القبض عليه لأجل طلب ذلك. ومن جانبه فالمتهم رفض رفضا باتا فكرة تسليمه إلى تونس، حسب ما صرحت به محاميته.