كشف بحث ميداني قدمته جمعية عدالة ضمن دراسة حول الحق في الولوج إلى العدالة والحق في محاكمة عادلة، أمس بالرباط، أن 66 في المائة من المغاربة يواجهون صعوبات في الولوج إلى القضاء، سواء كانوا متمدرسين أو غيرهم، وسواء كان المتقاضي ذكرا أو أنثى. وأفادت الدراسة أن أنواع العراقيل والصعوبات التي يواجهها المتقاضي أمام المحاكم مختلفة، وتأتي على رأسها صعوبة الحصول على المعلومات، ومنها الجهل بالإجراءات ومكونات الملف، بنسبة 33.3 في المائة، وبطء المسطرة مثل «التأخير لأتفه المبررات» بنسبة 19 في المائة، ثم سير أطوار القضية مثل الانتقال من محكمة إلى أخرى بنسبة 18 في المائة، وكذلك مصاريف الملف بنسبة 15.2 في المائة. وهي مشاكل دعت الدراسة بصددها وزارة العدل والحريات إلى سنّ إجراءات بسيطة وفعالة لمساعدة المتقاضين على الولوج إلى القضاء مثل إقرار مجانية التقاضي وإحداث مؤسسة عمومية للمساعدة القضائية تعمل تحت مسؤولية رئيس الحكومة. وتوقفت الدراسة عند تمثل المتقاضين لمكونات العدالة، بدءا بالمحامي، إذ كشفت أن 66 في المائة لديهم صورة إيجابية عن المحامين، لكن 34 في المائة لديهم صورة سلبية عنه، حيث ترسخ في أذهان المتقاضين أنه من أبرز الفاعلين الذين «يتلاعبون» بحقوق المواطن، أو يعمل على الدخول في لعبة الرشوة مع الخصم. هذا التمثل حاصل لدى المتقاضي قبل الولوج إلى العدالة والاحتكاك المباشر بالمحامي. أما بعدما دخل في علاقة مباشرة معه فقد تغيرت النسب، حيث أصبح 58 في المائة فقط يحملون صورة إيجابية عنه، في حين ارتفعت نسبة الذين يحملون صورة سلبية عنه إلى 42 في المائة. لكن يبقى تمثل المتقاضي للمحامي يختلف عن ذلك الذي يحمله تجاه القاضي، فحسب الدراسة، هناك 54 في المائة من المغاربة يحملون تمثلا سلبيا عن القضاة، مقابل 46 في المائة يحملون صورة إيجابية. وهو تمثل لا تؤثر فيه عوامل الدراسة أو الجنس أو المنحدر الجغرافي. لكن الدراسة كشفت أن ذلك التمثل يرتكز أساسا على طبيعة الأحكام التي صدرت في حق المتقاضين بنسبة 45 في المائة، في حين أن تمثل 42 في المائة تجاه القاضي أساسه الصورة المتداولة حول القضاة في المجتمع، أو الرشوة والفساد، وعدم الاستماع بما يكفي للمشتكي، وأيضا إلى تورط القضاة في العلاقات الزبونية وغيرها من الأسباب التي تدفع المتقاضي إلى حمل تمثل سلبي عن القاضي. بيد أن الدراسة توقفت عند المتقاضي نفسه وكيف ينظر إليه الفاعلون في حقل العدالة مثل القضاة والمحامين، لتكتشف أن المشكل الأول هو جهل المتقاضي بالقانون وبالإجراءات والمساطر التي تهم موضوع الشكاية أو الدعوى التي يرفعها. وجهل الواقع وسير الإجراءات في المحاكم. وكذا جهل المتقاضي بعمل المحامي الذي مهمته الدفاع وليس ضمان النتيجة. جهل المتقاضي للإجراءات والمساطر والقانون يؤدي إلى مشاكل لا حصر لها، كأن يطلب من المحامي أو القضاة أمورا تتجاوز الاختصاص، مما يسقطه ضحية كثرة السماسرة الذين يقدمون له معلومات خاطئة، أما عندما يتوجه إلى المحامي، فهو يفعل ذلك بحذر منه، وعندما يجد نفسه أمام بطء مساطر التنفيذ لا يصدق ذلك مما يجعله يفقد الثقة في المحامي، وحين يصدر الحكم القضائي في غير صالحه، يفقد الثقة في الجهاز القضائي برمته، وقد يرفض دفع أتعاب المحامي. وفي سياق كل ذلك، ظهر أن المتقاضي يجهل تماما إمكانية استفادته من نظام المساعدة القضائية، إذ بيّنت الدراسة أن 93 في المائة لا يستفيدون منها كما أقرها القانون، أما 7 في المائة الذين استفادوا منها فمنهم نسبة 71 في المائة استفادوا من خدمات الدفاع بالمجان، فيما استفاد 29 في المائة من الإعفاء من أداء الرسوم. أما لماذا لا يستفيد المتقاضي من نظام المساعدة القضائية، فقد أجابت الدراسة أن 66 في المائة من المتقاضين يجهلونها ولا يعرفون عن وجودها شيئا.