مع كل دخول برلماني، يحدث أن تقع نوادر وطرائف تطبع ذاكرة البرلمان المغربي، وتنقش، أحيانا بالكلمة ومرة أخرى بالصورة، في ذاكرة الناس ممارسات قلّما تنسى. قبل عام بالتمام، عاش الرأي العام على إيقاع حدث غير متوقع، يتعلق الأمر بالمواجهة الشهيرة بين حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، وعزيز اللبار، برلماني حزب الأصالة والمعاصرة، قبل أن يطرد منه. المواجهة تمت مباشرة عقب اجتماع لأحزاب المعارضة للتنسيق في عملها ضد الحكومة. وجه الغرابة والمفاجأة في الحدث أنه تم مباشرة بعد خطاب للملك محمد السادس يدعو فيه إلى تخليق العمل البرلماني، ويقترح وضع ميثاق أخلاقي، وقبل أن يغادر الملك ومرافقوه من رجال الدولة والحكومة مقر المؤسسة التشريعية. وقد وثّقت الصور التي أذيعت بشكل واسع للحظات التي كال فيها شباط اللكمات إلى خصمه عزيز اللبار، وآثار العض التي تنزف دما. الصور كانت صادمة ومثيرة للتعليقات، لكن شباط وكعادته حاول تسييس الواقعة بالحديث عن أن اللبار مدفوع من قبل حزب العدالة والتنمية، ليغطي على حجم الغضب الذي انتشر في الأرجاء، بينما هدد اللبار بالانتحار في أوج غضبه. حدث آخر وقع في سنة 2011، حيث انقطع التيار الكهربائي عن مؤسسة البرلمان. عبد الحي بنّيس، الموظف المتقاعد من البرلمان والرجل الذي يلقب ب«ذاكرة البرلمان» في الصحافة الوطنية، كان شاهدا على ما جرى، وروى ل« اليوم24» قائلا: «انطفأ الضوء بسبب عطب تقني، وخلّف ارتباكا داخل المؤسسة»، وأضاف «كان المقرئ قد انتهى للتو من قراءة آيات من القرآن الكريم، كي يبدأ بعدها مباشرة الملك في إلقاء خطابه على البرلمانيين، لكن المفاجأة أن الكهرباء انقطع»، وأضاف «في تلك اللحظة، سمعت «تنحنيحة» مخزنية صاعدة من تحت، بينما طلب الملك من المقرئ أن يواصل قراءة القرآن». طلب الملك محمد السادس بعدها فتح تحقيق في الأسباب التي أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي، وثبت أن عطبا تقنيا حدث، وليس أي شيء آخر. من بين إحدى الطرائف، كذلك، التي حدثت في افتتاح السنة التشريعية يوم 14 أكتوبر من سنة 2011 ، أن نائبا بمجلس النواب اسمه محمد قوبة، عن حزب الاتحاد الدستوري، رمى برسالة إلى الملك محمد السادس، على عادة المواطنين البسطاء، في خطوة استفزت حرس الملك، وأربكت البروتوكول، وخلفت غضبا وسط البرلمانيين. قوبة يروي ما حدث قائلا: «ناديت على الملك أربع مرات لأسلمه رسالة ولم يسمعني، فرميتها بالقرب منه، وهذا عمل لا عيب فيه»، المشكل الذي دفع قوبة إلى هذا السلوك، غير المتوقع من برلماني مثله، أن مدير وكالة بنكية رفض إعطاء ابنته قرضا لتسيير شركتها. في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، حدثت طريفة لم تتكرر فيما بعد. ففي سنة 1980 تم تعديل في النظام الداخلي لمجلس النواب، يقضي بأن يرتدي النواب اللباس الوطني في الافتتاح، لكن برلمانيي الاتحاد الاشتراكي وعلي يعتة من التقدم والاشتراكية أبدوا مقاومة لهذا التغيير. وفي يوم الافتتاح، جاؤوا يرتدون لباسا عصريا (كوستيم)، فما كان من إدارة البرلمان سوى منعهم من حضور جلسة الافتتاح. عبد الحيّ بنّيس يتذكر ذلك بالقول إن رئيس المجلس، الداي ولد سيدي بابا، تدخل في الموضوع، وسمح لهم بأن يتابعوا الخطاب الملكي من مكتب الرئيس وليس من القاعة العامة. . أما أبرز النوادر والطرائف التي تتكرر كل سنة في افتتاح البرلمان، فهي التسابق على الحلوى الملكية في مشاهد متكررة، إذ لا يكتفي البرلمانيون بالأكل والشرب من المائدة الملكية فقط، بل هناك من يُحضر معه أكياسا بلاستيكية ليملأها بالحلوى الملكية، ظنّا منه أنها «حلوى ديال الشرفا»، وأنها «مباركة»، وبالتالي يأخذ منها ما يكفي ليوزعها على أبنائه وعائلته.