بعد نحو 4 شهور من الشروع في العمل به، يظهر أول تقييم رسمي لفعالية الخط الأخضر للتبليغ عن الرشوة أنجزته وزارة العدل والحريات، عن نقاط القوة ومكامن الضعف في «الحرب الهاتفية» على المرتشين بالمغرب. وبحسب تقييم عرضته وزارة العدل والحريات في اجتماع عقد مؤخرا، فقد تلقى الرقم الأخضر للتبليغ عن الرشوة أزيد من ربع مليون مكالمة في أقل من شهر ونصف، أي منذ إطلاقه من لدن الوزارة في 19 يونيو الفائت وحتى 31 يوليوز، بيد أن القضاة الثلاثة المكلفين بتلقي هذه المكالمات لم ينجحوا طيلة هذه الفترة سوى في استقبال 3642 مكالمة بسبب الضغوط على الخط المذكور. وبحسب تقرير عرض على اجتماع داخلي لوزير العدل لتقييم الخط الأخضر، فإن مجموع المكالمات الواردة على الرقم الأخضر من 18 يونيو حتى 31 يوليوز بلغ 285 ألفا و217 مكالمة، بمعدل يومي وصل إلى 6632 على الخطوط الثلاثة الموجودة لدى القضاة المعنيين، بمعدل 2210 مكالمة لكل خط. ولم يستقبل القضاة بشكل فعلي طيلة الفترة المتبقية من شهر يونيو سوى 2021 مكالمة، بينما استقبلوا طيلة شهر يوليوز 1621 مكالمة فحسب، أي بمعدل يومي يبلغ 85 مكالمة. وتهم أغلب المكالمات الواردة على الخط الأخضر بشكل رئيسي قطاع الصحة والعدل والداخلية والتربية الوطنية والجماعات المحلية والمحافظة العقارية والأمن الوطني والدرك الملكي، بحسب تحليل خلية وزارة العدل والحريات. ويوضح تقييم وزارة العدل والحريات أن طبيعة المكالمات الواردة على الخط الأخضر تتوزع بين مكالمات نتج عنها ضبط الجناة في حالة تلبس بالرشوة، ومكالمات تتعلق بعمليات باءت بالفشل. فيما لاحظ وجود عدد ضخم من المكالمات التي لا تتعلق بالتبليغ عن الرشوة، وإنما هي عبارة عن طلب الاستشارة تخص مواضيع مختلفة تدخل في اختصاص قطاعات حكومية أخرى، علاوة على مكالمات ترتبط بتظلمات المواطنين من الإدارة أو تظلمهم بشأن ملفات معروضة على القضاء لاسيما فيما يتعلق بطول أمد البت في القضايا، وفضلا عن ذلك، هنالك نصيب للمكالمات غير الجادة ضمن مجموع المكالمات التي تلقاها قضاة الخط الأخضر. ويظهر كشف للمكالمات التي نتج عنها ضبط الجناة في حالة تلبس بالرشوة، عرض خلال الاجتماع، وجود خمس حالات ناجحة تتعلق برئيس الجماعة القروية بني وينجل تفراوت بتاونات، كان قد طلب مبلغ 6 ملايين سنتيم مقابل تمكين مقاول من تنفيذ صفقة إصلاح الطرق والقناطر، وصدر ضده حكم بسنتين سجنا نافذا، ثم مديرة الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات بخنيفرة، بسبب طلبها لمليون سنتيم مقابل تشغيل ابنة شخص بلّغ عنها بواسطة الخط الأخضر، ومازالت قيد المحاكمة. وهناك، أيضا، عون سلطة بالدارالبيضاء كان قد طلب مليون سنتيم مقابل تمكين سيدة من شهادة السكنى، وأدين ب8 شهور حبسا نافذا وغرامة قدرها 5 آلاف درهم. إضافة إلى ذلك، يقضي رئيس الجماعة القروية الدخيسة عقوبة حبسية مدتها عام واحد بعدما ضبط وهو يتلقى مبلغ 5 ملايين سنتيم من مقاول نظير تمكينه من أوامر الخدمة الخاصة بأشغال صفقة رست على شركته، ومستخدم بمكتب الصرف في الدارالبيضاء، يقضي حاليا عقوبة حبسية من سنتين، كان قد طلب 5 ملايين سنتيم من سيدة مقابل تمكينها من وصل إعفاء شركته من الخضوع لمراقبة مكتب الصرف. وتوجد حالات أخرى ناجحة ترتب عنها توقيف موظفين أو مسؤولين عموميين متلبسين بالرشوة، لكن لم يجر ذكرهم في التقرير، لأن «التقرير تضمن فقط، الحالات الناجحة قبل موعد بدء المسلسل الانتخابي في البلاد في غشت الفائت»، كما يقول مصدر مأذون بوزارة العدل، مثل رئيس جماعة تولال بمكناس، وقد أودع السجن بعد تسلمه رشوة قدرها 5 آلاف درهم بغرض تسهيل مسطرة إدارية لفائدته، وترشح المعني في الانتخابات، وفاز بمقعده، ثم جرى إطلاق سراحه. زد على هذا، رئيس جماعة قروية في تيزنيت، ضبط وهو يتسلم رشوة قدرها 8 ملايين سنتيم من لدن شخص بلّغ عنه، نظير وساطته لدى جهات قضائية لإطلاق سراح أحد أقربائه، وقد جرت متابعة المعني في حالة سراح. إلى جانب الحالات الناجحة، أورد كشف وزارة العدل حالات لعمليات باءت بالفشل، كقائد كوكبة الدراجات النارية للدرك الملكي بقلعة السراغنة، إذ زعم المبلغ أن المعني طلب منه مبلغ ألف درهم مقابل عدم وضع سيارته بالمحجز، لكن الضابط في الدرك رفض تسلم مبلغ الرشوة حينما عرض عليه تحت مراقبة الشرطة. وهناك، أيضا، عون سلطة بمدينة المحمدية زعم المُبلّغ عنه أنه طلب مبلغا ماليا مقابل منحه شهادة للسكنى، لكن عون السلطة رفض لقاء المبلغ بعد إخبار النيابة العامة. وباءت عملية أخرى بالفشل تتعلق بصاحب مدرسة لتعليم السياقة بالدارالبيضاء طلب مبلغ 500 درهم قصد منحه للمهندس التابع للمكتب الوطني للنقل، مقابل حصول المبلّغ على رخصة السياقة، لكن العملية لم تتم من لدن المبلغ بالرغم من محاولة النيابة العامة والشرطة الاتصال به لمرات متتالية. ومثلها أيضا حالة موظف في بلدية وجدة زعم المُبلغ طلبه لمبلغ ألف درهم مقابل تمكينه من شهادة الإبراء الضريبي، لكن المعني رفض تسلم المبلغ المالي بعد إخضاعه لمراقبة الشرطة. وعلاوة على ذلك، هناك حالة لعون سلطة بالرباط طلب مبلغ ألف درهم مقابل تمكين المُبلغ من وثيقة لإنجاز جواز سفر، لكن عون السلطة رفض بعد ذلك، أن يلتقي بالمُبلغ عنه، فباءت العملية بالفشل. وأخيرا، هناك حالة لتقني تابع لوزارة الفلاحة طلب مبلغ 2000 درهم نظير تمكينه للمبلغ عنه من رخصة لاستغلال محل تجاري، لكن المُبلغ لم يعد لربط الاتصال بالنيابة العامة بعد المكالمة الأولى، وفشلت العملية.