نشرت بعض الجرائد في الأسبوع الماضي أخباراً غير مُؤكدة حول اعتزام مكتب مجلس النواب إحالة لائحة بأسماء النواب الذين يقترح على المجلس الدستوري تجريدهم من الصفة البرلمانية بسبب تغييرهم لانتمائهم السياسي، وهو ما يقتضي التذكير بالإطار الدستوري والقانوني المنظم لمسطرة التجريد، وطرح بعض الخلاصات الأساسية حول الموضوع. لقد نص الدستور في فصله 61 على أنه يُجرد من صفة عضو في أحد المجلسين، كل من تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها. من جهته، جاء النظام الداخلي لمجلس النواب في مادته العاشرة، لتدقيق فعل «التّخلي»، حيث اعتبر أن هذا الأخير يعتبر «تصرفاً إرادياً وشخصياً يثبت من خلال الإفصاح عنه كتابة أو التصريح به، أو من خلال ثبوت واقعة منصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل». قبل أن ينتقل في باقي فقرات المادة إلى تحديد مسطرة التصريح بشغور المقعد البرلماني، من خلال قيام مكتب المجلس بالتأكد من واقعة التخلي، عبر دعوة المعني بالأمر لتأكيد مواقفه كتابة داخل أجل 15 يوماً من تاريخ توصله بمراسلة المكتب، مع التأكيد على أن الدعوة تكون بإحدى وسائل التبليغ القانونية، ليصدر المكتب بعد ذلك مُقرراً يثبت واقعة التخلي ويردفه بطلب التجريد من العضوية الذي يحيله رئيس مجلس النواب على المحكمة الدستورية في أجل محدد. أما القانون التنظيمي للأحزاب السياسية رقم 33.15، فانطلاقاً من المادة 20 منه، عمل على توسيع جزاء التجريد المرتبط بالتخلي، عن العضوية كذلك، في مجالس الجماعات الترابية أو في الغرف المهنية. الاجتهادات التي جاء بها المجلس الدستوري في قراراته الصادرة في صيف 2015، وهو ينظر في مطابقة القوانين التنظيمية الأربعة المتعلقة بالجهات، بالجماعات، بمجالس العمالات والأقاليم، وبالأحزاب السياسية، أكدت على العناصر التالية: – التجريد من صفة عضو في أحد مجلسي البرلمان ينحصر في من تخلّى إراديا وشخصياً عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها. – عندما يتعلق الأمر بجزاء ربطه الدستور بسبب محدد، فإنه لا يجوز للمُشرع إضافة سبب آخر لترتيب الجزاء نفسه. – أهمية عملية التأكد من التخلي التي يباشرها مكتب مجلس النواب داخل مسطرة التجريد من الصفة البرلمانية، والتي تنتهي بقرار للمحكمة الدستورية. – تعميم القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية لعملية التجريد من صفة عضو في أحد مجلسي البرلمان، على كل من تخلى عن الانتماء إلى الحزب السياسي الذي تم الترشح باسمه للانتخابات في مجالس الجماعات الترابية والغرف المهنية، يظل في نطاق الفصل 61 من الدستور الذي قصر التجريد من صفة عضو في أحد مجلسي البرلمان على كل من تخلى عن انتمائه السياسي الذي تم الترشح باسمه للانتخابات أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها. – إن وضع الحزب حداً لانتساب أحد أعضائه الذين يزاولون انتداباً انتخابياً، لا يمكن تكييفه كواقعة تخلي عن الانتماء السياسي، وبالتالي لا يمكن أن يترتب عنه أثر التجريد من صفة العضوية التمثيلية المزاولة، لأن ذلك سيعتبر مساسا بالانتداب الانتخابي، وتوسعاً في تطبيق الفصل 61 من الدستور، وهو ما من شأنه أن يشكل مخالفة واضحة للدستور. كل هذه الخُلاصات تجعل مكتب مجلس النواب مُطالباً بإعفاء النواب الذين تم طردهم والتشطيب عليهم من قوائم العضوية داخل أحزابهم، من مسطرة التأكد من واقعة التّخلي عن الانتماء السياسي الذي ترشحوا باسمه للبرلمان، لأن الرابطة القانونية التي – كانت – تجمعهم مع تنظيماتهم الحزبية تم قطعها بقرار خارج إرادتهم الشخصية.