أنهت المحكمة الابتدائية بفاس، يوم الأربعاء، الجولة الأولى من محاكمة طبيبة بالقطاع الخاص، المتابعة في حالة سراح بكفالة مالية قدرها 3 ملايين سنتيم، التي اعتقلت شهر يونيو الماضي متلبسة بتلقي رشوة لاستصدار شهادة طبية وتسليم مدة عجز غير مستحقة وبناء على معطيات غير صحيحة، حيث أدانتها المحكمة بشهرين حبسا نافذا، وغرامة مالية قدرها 5 ملايين سنتيم، وحرمانها من منح الشواهد الطبية وتقلدها مهمة خبير طبي محلف لدى المحاكم لمدة خمس سنوات. ويقف وراء تفجير ملف الطبيبة فلاح من ضواحي مولاي يعقوب، تقدم بشكاية ضد الطبيبة بعد أن سلمت شهادة طبية لخصمه بدون أن يتعرض لأي ضرر في جسده، ما دفعه إلى طلب نفس الشهادة الطبية من الطبيبة مقابل مبلغ مالي، وسلمها عن طريق محاميه مرفقة بشكاية إلى وكيل الملك، الذي أمر عناصر الشرطة القضائية بوضع الطبيبة تحت المراقبة، حيث استعانت عناصر الأمن بموظفة بولاية الأمن، لوضع كمين للطبيبة التي زارتها الشرطية بعيادتها، وطلبت منها في سياق «سيناريو» محبوك من الشرطة، تمكينها من شهادة طبية تزيد عن 21 يوما، بعد أن ادعت الشرطية في سياق الكمين أنها تعاركت مع جارتها وتريد تقديم شكاية ضدها لاعتقالها، وهو ما دفع الطبيبة إلى طلب مبلغ 300 درهم، حيث فاجأها زملاء الشرطية باقتحام مكتبها وضبطها متلبسة بتلقي المبلغ المالي مقابل شهادة طبية بمعطيات غير صحيحة. وكان من نتائج محاكمة الطبيبة وتصاعد الاعتقالات في حق أطباء تلاعبوا بالشواهد الطبية بمدينة فاس، خروج النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر عن صمتها، وتنظيمها في أواخر رمضان الأخير ندوة فكرية بفاس حول موضوع «الشهادة الطبية وآثارها على القرار القضائي»، شارك فيها قضاة وأطباء من مختلف التخصصات بالقطاعين العام والخاص، أجمعوا على أن الشهادة الطبية باتت مساحة استعمالها يتسع بشكل متزايد وخطير، في النزاعات القضائية ذات الطابع الجنائي والجنحي والمدني، تترتب عنها إجراءات قانونية تمس بسلب حرية الأشخاص وإيداعهم السجن، وأخرى تطال حقوقهم المالية المنقولة وغير المنقولة، وهو ما يستوجب من الطبيب، بحسب ما انتهى إليه المشاركون في الندوة، التقيد بالشروط الشكلية والموضوعية كما حددها المشرع المغربي لإحداث شهادة طبية، وذلك لتفادي ارتكاب جريمة تزوير شهادة طبية وتلقي الأطباء لرشاوى لإنشاء شواهد مخالفة للحقيقة عمدا أو خطأ، والتي تسوق الأطباء بمختلف تخصصاتهم إلى المساءلة الجنائية أو التأديبية أو المدنية.