في يوم 26 يونيو المنصرم، استهدفت «داعش» ثلاثة بلدان مختلفة، هي تونسوفرنساوالكويت، بواسطة ما يسمى «الذئاب المنفردة». الحدث الإرهابي هزّ العالم، كما ألقى بظلاله على المشهد المغربي بقوة، مخافة تكرار هذا السيناريو المُرعب في بلد ظل لحد الآن «استثناء» في منطقة مفتوحة على منزلقات مرعبة. تفاعل المغرب مع تلك الهجمات بشكل سريع، حيث تم الحديث عن استنفار أمني في أعلى درجاته، همّ الأجهزة الأمنية بمختلف تخصصاتها. وقال مصدر أمني رفيع ل«أخبار اليوم»، مباشرة بعد الهجمات: «نقوم تلقائيا بالرفع من درجة الاستنفار في مثل هذه الحالات، حيث لا ننتظر التعليمات». وتجاوز الأمر الاستنفار إلى تحسيس وتعبئة المواطنين تجاه أي خطر داهم، عبر النداء الذي أذاعته جهات غير معروفة على «الفايسبوك»، ويدعو عموم المواطنين إلى الإبلاغ هاتفيا وبشكل فوري عن أي تحركات مشبوهة أو حيازة أشخاص لأسلحة. بالعودة إلى الوراء قليلا، يبدو أن قرار استهداف المغرب من قبل هذا التنظيم الإرهابي قد اتخذ في صيف 2013 على الأقل، حين أذيع شريط مسجل على «اليوتيوب»، مدته 10 دقائق، يتوعد المغرب بعمليات نوعية، ضد شخصيات رسمية ومدنية. اليوم يتأكد لنا أن محاولات داعش تكررت حوالي 27 مرة، هي عدد الخلايا الداعشية التي تم تفكيكها من قبل الأجهزة الأمنية. المعادلة تبدو واضحة؛ إصرار على الإرهاب، يقابله استنفار أمني وتعبئة وحذر دائم، والنتيجة أن داعش فشلت لحد الآن في الوصول إلى أهدافها. مجلة «جون أفريك» اختارت غلافا لأحد أعدادها يقول: «المغرب يقاوم»، فيما تحدثت الخارجية البريطانية عن «تهديدات إرهابية قوية يواجهها استعداد أمني كبير»، ليطرح السؤال: لماذا عجزت داعش عن تنفيذ مخططاتها ضد المغرب؟ لا حصانة لأحد مما لا شك فيه أن التهديد ضد المغرب قائم. خالد الشكراوي، الأستاذ الباحث بمعهد الدراسات الإفريقية بالرباط، يؤكد أن «ليس هناك أي بلد في مأمن من داعش»، أي أن الدرجة الصفر من الخطر حلم أقرب إلى الخيال، لكن المؤكد أيضا، وفق رأيه، أن «المغرب استطاع أن ينجو لحد الآن من العديد من العمليات التي جرى التحضير لها ضده». وهو رأي يشاطره عبد الرحمان المكاوي، الأستاذ المتخصص في الدراسات الأمنية والعسكرية، حيث يقول إن «التهديد وارد وقائم»، ولا يمكن لأية دولة أن «تدعي الحصانة من الخطر الإرهابي مهما كانت فعالية وسائلها وإمكاناتها». قبل أسبوع، أصدر معهد الاقتصاد والسلام العالمي تقريره السنوي «مؤشر السلام العالمي»، الذي يصنف الدول حسب درجة الاستقرار والأمن الداخلي، ومنح المغرب مركزا متوسطا والرتبة 86، اعتمادا على أربعة مؤشرات تتعلق بعدد العمليات الإرهابية التي يتعرض لها أي بلد، وعدد القتلى ضحايا الإرهاب، وعدد محاولات القيام بأعمال تخريبية، ثم الخسائر المادية نتيجة التهديد الإرهابي. التقرير جاء متفائلا بخصوص الدول التي تعرضت لهجمات يوم 22 يونيو، فتونس وضعها في الرتبة 76 متقدمة على المغرب بعشر نقط، أما الكويت فقد حصلت على الرتبة 33 عالميا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى فرنسا التي جاءت في الرتبة 45 عالميا. ومع ذلك، فقد طالتها جميعا يد الإرهاب الداعشي، الذي أسقط فيها ضحايا بالعشرات. لهذا يدرك المغرب أن التهديد الإرهابي جدي، إذا إن المؤشرات على ذلك عديدة ووفيرة. فوفقا لتقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول الإرهاب، الذي أعلنه قبل أسبوع ويغطي سنة 2014، فإن «القلق الكبير» الذي يزعج المغرب، يتمثل في «عودة الدواعش»، سواء عبر تركيا أو لبنان مباشرة إلى المغرب، أو عبر أوربا، حيث يمكنهم الاختلاط بالمهاجرين المغاربة المقيمين في أوربا والولوج إلى التراب الوطني بسهولة. القلق من الخطر الذي تشكله عودة المغاربة الملتحقين بداعش، دفع السلطات الأمنية إلى اعتقال كل العائدين من سورياوالعراق، عبر تركيا أو غيرها. وزير الداخلية، محمد حصاد، في حوار مع الأسبوعية الفرنسية «جون أفريك»، يوم الأحد 21 يونيو المنصرم، كشف أن عدد العائدين بلغ 156 شخصا، اعتقلوا وتم إيداعهم السجن، وذلك من أصل حوالي 1350 مغربيا التحقوا بداعش منذ 2013. ولا يقتصر التهديد على أولئك العائدين فقط، فثمة مؤشر ثان يتمثل في عدد الخلايا التي تم تفكيكها لحد الآن. حصاد أكد أن العدد وصل إلى 27 خلية إرهابية، ويبدو أن العدد ارتفع إلى 30 منذ 21 يونيو الماضي حتى هذا اليوم. ويكشف ذلك، بغض النظر عن مستوى الخطورة التي تمثلها أي خلية من تلك الخلايا، بنية تحتية خصبة للإرهاب وسط الشباب المغربي، ما يفاقم حجم التهديد الداعشي للاستقرار والأمن الداخلي. المواجهة مفتوحة في يونيو 2014، بدا أن داعش قررت استهداف المغرب، إذ أذاعت شريطا مسجلا، مدته عشر دقائق، هاجمت فيه عددا من الشخصيات الوطنية، من رموز ومرجعيات مختلفة، تتهمها ب«الظلم والعلمانية والحرب على الإسلام»، وقالت إن منهم «الكافر أو العلماني أو الرافضي»، وجمعت بين الشيخ السلفي عمر الحدوشي، والقيادي الاشتراكي محمد اليازغي، في الوقت الذي وصفت وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، ب«وزير الظلم»، والمجلس العلمي الأعلى ب«مفتي الطاغوت». لم يمر كثير من الوقت على ذلك التهديد العلني، حتى خرج وزير الداخلية، محمد حصاد، ليجيب عن سؤال بمجلس النواب، وليحذر من خطر داعش. حصاد قدم معطيات مثيرة عن خطورة التنظيم، منها أن عدد الذين التحقوا بداعش حتى ذلك الوقت من داخل المغرب كان في حدود 1122 فردا، بينهم 5 يتقلدون مناصب قيادية في التنظيم، وأن العدد الإجمالي منهم يتراوح بين 1500 و2000 مغربي، بمن فيهم أولئك الذين التحقوا بالتنظيم من بين مغاربة الخارج، خاصة في الدول الأوربية. وأعلن حصاد تبني سياسة أمنية حذرة لمواجهة هذا الخطر، تم تصريفها علنا وعلى مراحل، أولى خطواتها كانت توفير الحماية الأمنية للشخصيات الرسمية التي هدّدتها داعش، فجرى الحديث عن تعليمات ملكية من أجل حماية أمنية لكل من رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، ووزير الداخلية محمد حصاد، ووزير العدل والحريات مصطفى الرميد، ووزير الصحة الحسين الوردي. قانون للعائدين الخطوة الثانية تمثلت في وضع قانون يقضي بتجريم الالتحاق أو محاولة الالتحاق بمعسكرات التدريب التابعة للجماعات الإرهابية، وأقرت عقوبات تصل إلى 15 سنة سجنا ضد من يقاتل مع هذه الجماعات، كما تم تجريم تجنيد أشخاص بغرض تنفيذ أعمال إرهابية داخل أو خارج البلاد. وهو القانون الذي صادقت عليه الحكومة يوم 17 شتنبر 2014، ثم صادق عليه البرلمان خلال الدورة التشريعية الموالية. آلية حذر وفي أكتوبر 2014، جرى الإعلان عن إطلاق آلية «حذر»، وهي إحدى آليات تنزيل تلك السياسة التي أعلنها حصاد في البرلمان. وتعكس تنسيقا أمنيا عالي المستوى بين الجيش والدرك الملكي والأمن الوطني، حيث نزل الجيش لأول مرة إلى الشارع العمومي لمراقبة حركة الناس، رفقة باقي الأجهزة الأمنية، في الشوارع الرئيسة وأمام المؤسسات والمنشآت العامة. تعاون دولي بموازاة ذلك، كثّف المغرب تعاونه الدولي من أجل الحرب على داعش، ففي شتنبر 2014، جرى تشكيل تحالف دولي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبمشاركة دول عربية قريبة من منطقة الخطر، لكن لاحقا كشفت وزارة الخارجية الأمريكية مشاركة المغرب في التحالف، وأنه مكلف بمهام هجومية من خلال أربع مقاتلات من نوع «إف 16» على أهداف التنظيم في العراق، مع إمكانية شنّ هجمات كذلك فوق التراب السوري. وكشفت الصحيفة الأمريكية«نيويورك تايمز»، في نهاية نونبر 2014، أن المشاركة المغربية جاءت ردا على طلب مستعجل للإدارة الأمريكية باقتراح من وزارة الدفاع. نحن، إذن، أمام سياسة استباقية، تركز على الحضور الميداني المكثف من أجل مواجهة الخطر المحتمل، مع ما يقتضيه ذلك من يقظة وتعبئة ومراقبة وحذر، كما أنها تُدمج الجوانب القانونية والسياسية والدينية، وتفعل التعاون الدولي مع أجهزة أمنية واستخباراتية، حيث سلاح المعلومة يعتبر فعالا في هذه الحرب. وهي مقاربة يبدو أنها تأتي بنتائج مرضية لحد الآن. ففي مارس الماضي، أعلن رسميا إنشاء المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الذي يمثل الوجه المكشوف للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (مخابرات مدنية)، وخلال الندوة الذي نظمها مدير المكتب، عبد الحق الخيام، قدم معطيات جديدة عن نتائج المواجهة المفتوحة مع داعش، إذ كشف أن السلطات الأمنية أحصت 1354 مغربيا التحقوا بتنظيم «داعش» منهم 220 معتقلا سابقا، ومن بينهم 185 امرأة برفقتهن 135 طفلا، وقد قتل من المغاربة 286، مؤكدا أن الذين عادوا إلى أرض الوطن، ويوجدون رهن الاعتقال، بلغ عددهم 156. هذه الأرقام لم تتغير بين مارس ويونيو المنصرم، ففي حوار لوزير الداخلية، محمد حصاد، مع «جون أفريك» الفرنسية (عدد 21 يونيو 2015)، أكد أن عدد الخلايا التي تم تفكيكها ارتفع. حصاد أعلن أنه منذ صيف 2013 حتى يونيو 2015 تم تفكيك 27 خلية، وأبرز أنه جرى تفكيك 14 خلية سنة 2014، بينما تم تفكيك 8 خلايا بين يناير وماي 2015، علما أن حوالي ثلاث خلايا تم تفكيكها بعد هذا التاريخ، وهو ما يرفع العدد إلى 30 خلية لها صلة بداعش. لقد مكّنت الحرب الاستباقية ضد داعش من إرباك أية محاولة لتأسيس بنية تحتية للإرهاب، وحالت دون وصول التنظيم الإرهابي إلى أي من أهدافه لحد الآن. هذه النتيجة الإيجابية حظيت بإعجاب معدي تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول الإرهاب لعام 2014، الذي صدر قبل أسبوع، حيث جاء فيه أن «المغرب نجح بالفعل في التخفيف من مخاطر الإرهاب»، لكنه نبّه إلى أن التهديد قائم من قبل «مجموعات صغيرة لها إمكانيات محدودة تتبنى أفكار السلفية الجهادية». إشادة بالأمن عجزُ داعش عن إحداث اختراق للحصن الأمني المغربي، وفق هذا التحليل، يرجع إلى فعالية الأجهزة الأمنية والاستخبارات المغربية أساسا. عبد الرحمان المكاوي، متخصص في الدراسات الأمنية والعسكرية، قال ل« اليوم24» إن فشل داعش في الوصول إلى أهدافها يعني بشكل مباشر «قدرة كبيرة للأمن المغربي في التصدي للخطر الإرهابي»، وفسّر ذلك بعاملين مترابطين: قدرة الأجهزة الأمنية على التتبع والمراقبة والاختراق، وبالتالي، الامتلاك الفعال للمعلومة، ذلك السلاح الأكثر فتكا ضد الجماعات الإرهابية، من جهة، ومن جهة ثانية، وجود «بيئة طاردة» للفكر والسلوك الإرهابي. وأوضح المكاوي أن ثمة «إسناد قوي يقدمه المجتمع المغربي للأجهزة الأمنية، يتمثل في المعلومة الآنية والضرورية». هذا الرأي يدعمه محمد أكضيض، عميد شرطة ممتاز متقاعد، ففي حديث مع « اليوم24» نوّه أكضيض بفعالية الأجهزة الأمنية، خاصة ما سمّاه «البنية الاستخباراتية»، وقال: «لم تعد أجهزة الأمن كما كانت في السابق. لدينا اليوم شباب وأطر ذات كفاءات عالية، تشتغل بمهنية وبوسائل حديثة». وأوضح أكضيض أن المقاربة الأمنية تقوم على «سلاح المعلومة»، التي تُنتزع من الأشخاص الذين يُعتقلون بعد العودة من سوريا أو هنا فوق التراب الوطني، وعبر اختراق الجماعات الإرهابية، وكذا عبر مراقبة دقيقة للأنترنت، ومن خلال التنسيق والتعاون الدولي مع استخبارات دول حليفة كذلك. واضح، إذن، التركيز على دور الأجهزة الأمنية، وقدراتها المتعددة في التصدي للمخاطر. وهو «أمر لا يمكن نكرانه» يقول إبراهيم اسعيدي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر، وأضاف: «كمتخصص في الدراسات الأمنية، أقول إن مكافحة الإرهاب عمل استخباراتي أساسا»، يقوم على «المخابرات المدربة والمهنية»، التي تتميز بالقدرة على «المتابعة والرصد والمراقبة، والقدرة على الحركة، وعلى الاستباق والتنسيق، وبناء شبكات للتعاون»، ويعتبر اسعيدي أن «المخابرات المغربية تعد لحد الآن من أحسن المخابرات في العالم العربي». قوة الأجهزة الأمنية المغربية في التصدي للإرهاب لها شواهد تاريخية أيضا. فمنذ نهاية الحرب الباردة حتى اليوم، لم يعرف المغرب أية اهتزازات أمنية كبرى، باستثناء حدثين: الأول ما حدث في غشت من سنة 1994 حين تعرض فندق «أطلس آسني» بمراكش للهجوم من قبل مسلحين مغاربة وجزائريين، والثاني حدث 16 ماي 2003. وكلاهما حدثا في سياق إقليمي مضطرب، الأول نفّذ بينما كانت الجزائر تعيش ما يسمى ب«العشرية السوداء»، أما الثاني فقد تم القيام به في ظل الحرب العالمية على الإرهاب، الذي كان يتزعمه تنظيم القاعدة. اليوم نواجه موجة جديدة من المخاطر أبرزها خطر الإرهاب، الذي يُمثله تنظيم داعش، المختلف كثيرا عن تنظيم القاعدة، ويبدو بالنسبة إلى كثير من المراقبين مثل أي عصابة إجرامية تفتقر إلى كل شيء عدا القدرة الكبيرة على سفك الدم، سواء داخل سورياوالعراق، أو خارجهما. وثانيها، عدم الاستقرار السياسي في المنطقة العربية، بدءا بالجزائر مرورا بليبيا ومصر فسورياوالعراق، ناهيك عن اليمن، وهي دول تعيش توترات داخلية لأسباب سياسية وطائفية ومذهبية، تفجّرت عقب عملية إفشال الربيع العربي. لهذا فكفاءة الأجهزة الأمنية المغربية، حسب اسعيدي، «حقيقة ينبغي الاعتراف بها». لا نجاح بدون استقرار سياسي لكن هل المقاربة الأمنية وحدها هي التي استطاعت التصدي لخطر داعش؟ بالنسبة إلى محمد أكضيض، الضابط المتقاعد، فالجواب نعم. ويدافع عن رأيه قائلا: «داعش تهديد خارجي، وهذا التهديد لا يمكن مواجهته إلا أمنيا». يعتقد أكضيض أن محاربة الإرهاب تقوم أساسا على «امتلاك سلاح المعلومة»، وهذه لا ينتجها سوى رجل الأمن والاستخبارات، وليس أي طرف ثالث. موقف يتقاسمه مع أكضيض، الأستاذ الباحث، عبد الرحمن المكاوي، الذي يرى أن العامل السياسي، أي الاستقرار والانفتاح، «دوره محدود جدا»، والمبرر عنده أن «دولا ديمقراطية تعرضت للهجمات، مثل فرنسا، ولا يمكن تفسير ذلك بغياب الديمقراطية بل بخلل أمني حدث في موقع ما من النظام الأمني الفرنسي وليس أي شيء آخر». لكن خالد الشكراوي، أستاذ باحث بمعهد الدراسات الإفريقية، لا يرى ذلك، بل أكد، في حديث مع «أخبار اليوم»، أن «الأكيد أن الآليات الموضوعة، أمنيا وسياسيا ودينيا واجتماعيا، أثبتت فعاليتها»، إذ «استطاعت أن تنجينا من هذا الخطر لحد الآن». بالنسبة إلى الشكراوي، فإن المغرب يختلف عن تونس وليبيا أو مصر، حيث الأوضاع غير مستقرة، ويمتلك ثلاثة عناصر قوية جعلته في منأى عن خطر داعش لحد الآن، الأول أن «لدينا دولة مستقرة بشكل كبير، واستطاعت أن تتجاوز الانتفاضات التي حدثت عبر بناء توافقات واسعة»، وثانيا، «توفر المغرب على جهاز أمني متماسك وفعال ومستقر كذلك»، ثم ثالثا وجود «مجتمع مدني قوي وملتزم بالأمن والاستقرار». الشكراوي أشار إلى النداء الذي أطلقته جهات غير معروفة على الفايسبوك الأسبوع الماضي يدعو إلى الإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة قد تستهدف الأمن، لكي يؤكد التعبئة والوعي المرتفع لدى المواطن تجاه كل ما يهدد أمنه واستقراره. المغرب لم يعرف مشاكل استقرار سياسي لحد الآن، واستطاع احتواء الحراك الشعبي الذي تزعمته حركة 20 فبراير سنة 2011، والذي أفضى إلى إدماج جزء من الإسلاميين في السلطة، وبالتالي، توسيع القاعدة السياسية والاجتماعية للحكم، الأمر الذي يساهم في عزل الأصوات الجذرية أو تحييدها على الأقل. واضح، إذن، أن هذا التفسير يدفع باتجاه القول إن الاستقرار السياسي هو ما يسمح للأجهزة الأمنية بالتفرغ للعمل على التصدي للتهديدات الأمنية الحقيقية، وليس مراقبة المعارضين للنظام مثلا، وبالتالي، فالنجاح السياسي هو الذي يصنع النجاح الأمني وليس العكس.