أن تدخل إلى مسجدٍ يُذكر فيه إسم الله بنيّة تفجيره ليس أمراً هيّناً ، فمابالُك حين يكون الفاعل أحد المُتديّنين ، أنّ تلج فندقاً فيه ناسٌ أبرياء منهم أطفالٌ ونساء وشيوخ لاذنب لهم سوى حظّهم التعيس وببرودة دم تُغرق الجميع في بركة دم ، كلّ هذا ليس بالأمر الهيّن ولا الطبيعي ، الأشخاص الأسوياء يجدون صعوبة في ذبح ديكٍ أو كبشٍ ، فمابالك بإنسان من دم ولحم وكيف يضعونه على ركبتيه أو يُكبّلونه ، بعدَها يجعلون السكّين تجزّ رأسه مكبّرين بإسم الله مُنتشين بانتصارهم على إنسانيتهم ، من أين جاء هذا الشرّ وكيف تحوّل هؤلاء إلى وحوش ضارية تُهدّد أمن العالم ؟ وحوشٌ ترى جحيما كلّ من يخالفها الرأي وتجعل من قتله واجباً شرعيّاً ، جزء كبيرٌ من الجواب في كُتب التراث وفقه المذاهب ، والتي حوّلت كلّ المخالفين إلى شياطين ، من الشيعة إلى اليهود والنصارى وكلّ من لايدين بدين الإسلام " أين رسالة التسامح " بل تعدّى الأمر إلى تكفير حتّى المسلمين من نفس المذهب عند الإختلاف في فرع من فروع الدّين وتم تحديد نسبة ضئيلة للناجين من العذاب " واعتمادهم أحاديث على علتها في السند والمثن لإشباع هوسهم بالدّم كالحديث " تفترق أمتي على ثلاث سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة" ، إنّ ماتقوم به داعش وغيرها من تيارات الظّلام السياسي ، وكلّ مظاهر الإنحطاط في السلوك والعقل والفكر ، وكلّ هذا القتل والدمار والفتاوي العبيطة ووضع المرأة وحقوق الإنسان واحترام الحريات الفردية وتسطيح عقول المسلمين والتخلف البنيوي الذي تعرفه بلدانهم راجعٌ في جزء كبير إلى تراثنا الفقهي والمذهبي ولا خروج من هذه الحلقة المفرغة إلاّ بهدم هذا التراث من البخاري ومسلم إلى كلّ المذاهب وإعادة صياغة فكر ديني جديد على ضوء روح العصر واحترام حقوق الإنسان وكرامته ليعود الإسلام إلى جوهر رسالته : "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" .