لطالما ارتبطت كلمة "الشمس" بالفرح والحياة، لكن الأمر يختلف عند آخرين يعيشون بيننا مرغمين على نبذها ومفضلين الظلام ليستمروا في الوجود، هؤلاء هم "أطفال القمر"، الذين يتمنون دائما لو أن الحياة كانت من دون شمس! لأن الشمس بكل بساطة "العدو" الذي يقف في طريقهم نحو الاستمرار في الحياة.. "أطفال القمر" .."أعداء الشمس" أطفال القمر.. أشخاص يعيشون بيننا في عزلة وصمت قاتلين، هم أناس حولهم مرض قاس إلى فئة معزولة، ويعرفون مباشرة بشكلهم الخارجي، حيث تتناثر النقاط السوداء على وجوههم وأجسادهم بشكل لافت، وهذه النقاط قد تتحول إلى خلايا سرطانية كلما تعرضوا لأشعة الشمس. المرض يصطلح عليه ب"الكزيروديرما بيكمنتوزوم"، "Xéroderma Pigmentosum"، وهو مرض جلدي وراثي نادر، من أسبابه الرئيسية زواج الأقارب، حسب ما أكده المختصون. ألم مضاعف.. "اليوم24" إلتقى سناء وإيمان بوشان في الدارالبيضاء، شقيقتين تعيشان معاناة مضاعفة داخل منزل نوافذه مُغلقة بإحكام على الدوام، حيث لا مجال لدخول أشعة "عدوتهما"، الشمس. سناء، تبلغ من العمر 17 سنة، طالبة في السنة الأولى إعدادي، تعاني المرض لأكثر من 15 سنة ولا تزال إلى حدود الآن، وعلى الرغم من ذلك لديها أمل في الحياة يجعلها تتحدى الشمس، ونظرة المجتمع التحقيرية، لتخرج يوميا لممارسة حياتها بشكل طبيعي ولو أن ذلك فيه مجازفة. أما شقيقتها إيمان فألزمها المرض المنزل، ولا تستطيع مواجهة المجتمع، خصوصا أن وجهها الدائري أضحى يحمل تشوهات نتيجة تعرضها للشمس، وهي اليوم تعاني عدة أمراض، على رأسها المرض النفسي. عثمان.. معاناة المرض والعائلة عثمان، يبلغ من العمر 30 سنة، ويعاني المرض لأزيد من 20 سنة، وشقيقاه أيضا توفي أحدهما على إثر المرض نفسه، ولا يزال شقيقه الأصغر يتقاسم معه معاناة "الكزيروديرما بيكمنتوزوم". ولا تقتصر معاناة عثمان على هذا المرض فقط، بل إن فقده للبصر قبل 10 سنوات، وتنكر عائلته له زاد من معاناته "عائلتي ما راضياش بيا"، يقول بكلمات متقطعة تحمل في طياتها الكثير من الألم. جمعية التضامن مع أطفال القمر.. وأمام غياب الاحصائيات الرسمية عن عدد المرضى المصابين، قدرت نزهة الشقندي، رئيسة "جمعية التضامن مع أطفال القمر" في تصريح ل"اليوم24″، عدد المصابين ب500 حالة في المغرب، وتضم كل من مراكش والدارالبيضاء أكبر عدد ب12 و34 حالة على التوالي. والجمعية التي تضم أزيد من 220 مريضا، لا تملك مقرا قارا، وتكتفي فقط بتنظيم لقاءات داخل دار الشباب بحي عادل في الدارالبيضاء، وتحاول بإمكانيات بسيطة جدا الترفيه عنهم وتوزيع مراهم واقية من الشمس وأغطية رأس. غياب الجهات المسؤولة.. وتزداد معاناة "أطفال القمر" عاما بعد آخر بازدياد العدد، خصوصا أن وزارة الصحة والجهات المختصة لا تقدم لهم لا الرعاية ولا المساعدة اللازمتين، معاناة تُعمق من جراحهم وسط غرفهم المظلمة، بعيدا عن أعين المجتمع.