معطيات مثيرة كشفت عنها جلسة محاكمة أعضاء المجموعة الثانية من الشبكة المتخصصة في الاتجار الدولي في مخدري الكوكايين والشيرا، التي انعقدت، أول أمس الاثنين، بابتدائية مراكش. فقد أكد دفاع المتهمين أن العنصر الذي وردت الإشارة في محضر الضابطة القضائية إلى دوره المحوري في الشبكة ليس سوى السياسي الإسباني من أصول مغربية، «عبد الرحيم.س»، العضو ببلدية مليلية المحتلة. وأدلى المحامي خالد الفتاوي للمحكمة بوثيقة عبارة عن شهادة مسلمة من محكمة الأرشيف القضائي بالعاصمة الإسبانية مدريد تفيد بأن السجل العدلي للمعني بالأمر خال من أي سوابق عدلية أو إدانة قضائية. مرافعات الدفاع تتناقض تماما مع التحقيقات الأمنية التي أجرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي تؤكد بأن المتهم بزعامة الشبكة، «أحمد.ش»، الملقب ب «روتردام»، سبق له أن سافر رفقة «عبد الرحيم.س» في سنة 2011 إلى فنزويلا، حيث التقيا هناك ببعض مروجي الكوكايين بمدينة «ميكيتيا» الواقعة شمال غرب العاصمة كاراكاس، ونجحت المفاوضات بينهم على أساس اقتناء الكيلوغرام الواحد من الكوكايين الخام بمبلغ 20 مليون سنتيم تتضمن مصاريف إيصاله إلى السواحل الجنوبية للمغرب، في الوقت الذي كان يروج الكيلوغرام بمبلغ 30 مليون سنتيم في المغرب، و80 مليون سنتيم للكيلوغرام في أوربا، قبل أن يعود أحمد روتردام إلى المغرب ويعقد صفقة مع المسمى «مصطفى .د»، وهو أحد أبرز مساعدي «إدريس.ح»، المعروف باسم «عمّي»، المدان بعشر سنوات نافذة بتهمة زعامة المجموعة الأولى من الشبكة، على أساس أن يتولى «روتردام» تمويل جميع عمليات التهريب، بينما تتكلف شبكة «عمّي» بتوفير مراكب الصيد في أعالي البحار والشاحنات. وتوضح التحقيقات الأمنية أن الشبكة نجحت في القيام بعمليات لاستيراد أطنان من الكوكايين من فنزويلا تولى المهربون الدوليون إيصالها إلى سواحل «كاب بارادس» بجنوب المغرب، بينما كان «مصطفى .د»، القابع حاليا في سجن بولمهارز، هو من يتسلم تلك الكميات في أعالي البحر من يخوت تابعة للبارونات الفنزويليين، ويدخلها إلى المغرب انطلاقا من السواحل الجنوبية، ثم يشرف على إيصالها إلى ضواحي مدينة بوزنيقة على متن سيارات وشاحنات، قبل أن تُنقل إلى مليلية، ويتم تخزينها هناك بمستودع في ملكية «عبد الرحيم.س»، قبل ترويجها بأوروبا. جلسة أول أمس، التي استغرقت زهاء ساعتين من الزمن، استجابت خلالها المحكمة لملتمسات الدفاع باستدعاء مترجم، على اعتبار أن 4 متهمين لا يتواصلون سوى باللغتين الهولندية والريفية، وباستدعاء الشهود الذين ليسوا سوى أعضاء اللجنة المكلفة ببناء وتجهيز مسجد «بلال بن رباح» بالحسيمة، إذ يصر الدفاع على أن جهاز قطع الاتصال بشبكة التغطية الهاتفية الذي حجزه الأمن بمنزل «روتردام» بحي سيدي عابد بالحسيمة، خلال توقيفه يوم الأحد 22 فبراير المنصرم، لم يكن سوى هبة منه للمسجد،علما أن المحجوزات شملت أجهزة متطورة أخرى عبارة عن 22 هاتفا نقالا وحاسوبين محمولين، و24 خازنا للمعلومات، وأربع كاميرات عبارة عن أقلام، وكاميرا متحركة عن طريق نظام التحكم عن بعد، وجهاز لتحديد المواقع على مستوى البحر، فضلا عن سيارتين من نوع بورش باناميرا وميتسوبيشي مرقمتين بالمغرب. ومن المقرّر أيضا أن تستمتع المحكمة، خلال الجلسة المقبلة، إلى إفادة شهود عيّان حضروا عملية التفتيش والحجز، التي يقول الدفاع إنها لم تكن قانونية، موضحا أنها تمّت في غياب المتهم الأول، الذي تم توقيفه وإحالته على مفوضية الشرطة بالحسيمة قبل إجراء التفتيش. كما يطالب الدفاع باستدعاء ضباط الشرطة محرّري محضر الضابطة القضائية، ملوحا بالطعن فيه بالزور أمام قاضي التحقيق بالمحكمة نفسها، وموضحا أن الشرطة القضائية لم تحترم شكليات وضمانات الوضع تحت الحراسة النظرية الواردة في قانون المسطرة الجنائية. في المقابل، من المنتظر أن تطالب النيّابة العامة بالإدانة وفق فصول المتابعة، بالنظر إلى خطورة الأفعال المرتكبة من طرف المتهمين، خاصة «روتردام» الذي كان مبحوثا عنه على الصعيد الوطني من أجل تهمة الاتجار الدولي في المخدرات، كما سبق وأن صدر في حقه حكم غيابي من طرف القضاء الهولندي، أدانه بثماني سنوات حبسا نافذا بتهمة الاتجار الدولي في المخدرات، وتبييض الأموال، قبل أن يحصل على جواز سفر مزور وينتحل اسما آخر منذ سنة 2010، ويتمكن من السفر بكل حرية إلى دول مختلفة، ويستمر في نشاطه في مجال ترويج المخدرات. هذا، وقد أجلت المحكمة للمرّة الثانية على التوالي إجراء مواجهة بين «روتردام» و»عمّي»، الذي تمّ إحضاره من سجن «بولمهارز» إلى جانب ثلاثة من أبرز مساعديه، قبل أن ترجئها لجلسة الاثنين 15 يونيو الجاري.