في خضم الجدل الدائر حول لغات التعليم في المملكة، خرج مجموعة من الفاعلين السياسيين والمدنيين والعلماء والمثقفين ليستنكروا ما اعتبروه "حروبا معلنة وخفية على اللغة العربية والهوية المغربية"، داعين إلى حماية هذه اللغة على اعتبار أن "أي اعتداء على مكانتها هو اعتداء على السيادة الوطنية". وفي نداء وقعه ما يناهز 240 شخصية، تم تقديمه صبيحة اليوم الإثنين في ندوة صحافية بالرباط، اعتبر الفاعلون أن "حضور اللغة العربية بوصفها مكونا من مكونات الهوية الوطنية ورمزا للوحدة الحضارية للشعب المغربي، وهو حضور ملازم لمفاهيم الانتماء والسيادة "، معتبرين على هذا الأساس أن "أي اعتداء على مكانتها الرمزية والمادية هو اعتداء على السيادة الوطنية، يوازي في الجرم الاعتداء على الثوابت السياسية والعقدية". وذهب الموقعون على النداء أبعد من ذلك، مشددين على أن "أي محاولة لإحداث الشرخ بين مكونات الهوية الواحدة، الأمازيغية والعربية" هو تهديد لوجود الوطن وسيادته وأمنه"، مؤكدين في نفس السياق على أن إشكال لغة التدريس "لا ينبغي أن يتم طرحه من خلال الإشكال العرضي، بل من خلال الأسئلة الحقيقية"، حسب ما جاء في ذات النداء الذي اعتبر أن "نسب الفشل إلى لغة الضاد مغالطة ايديولوجية بالنظر إلى ما عانته العربية لعقود من عراقيل وعقبات". على هذا الأساس، سجل الموقعون على النداء أن "مدخل التنمية المنشودة هو اللغة العربية، فليست هناك دولة متقدمة واحدة تدرس بلغة أجنبية"، ما يعني بالتالي أن "كل عودة إلى الوراء، سواء بفرنسة التعليم أو تلهيجه أو تنويعه، هو رهان على نخبوية الثقافة، وحصر التقدم في فئة قليلة تمتلك نواصي المعرفة"، هذا إلى جانب كونه "تهديدا للأمن الثقافي واللغوي للمغاربة". ولم يخل النداء من رسائل إلى مجلس عزيمان، وذلك من خلال التأكيد على أن "مخرجات النقاش داخل المؤسسات الدستورية ومن بينها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لا يمكنها أن تصادم عناصر التوافق الوطني في رسمية اللغة العربية"، مع ما يتبع ذلك من "إلزامية التعامل والتواصل العلمي والتربوي بها"، مسجلا في نفس الصدد أن "أي تحريف لتنزيل النصوص القانونية يعد انقلابا على الدستور والوطن والمجتمع". واسترسل ذات المصدر في الدفاع عن لغة الضاد، وذلك بدعوة الهيئات التشريعية والتنفيذية إلى إصدار قانون "حماية اللغة العربية" وتنمية استعمالها، هذا مع إخراج "أكاديمية محمد السادس للغة العربية" إلى الوجود وتمكينها من "مراقبة التزامات الدولة بحماية اللغة العربية باعتبارها لغة رسمية"، يورد المصدر ذاته. وجدير بالذكر أن "النداء من أجل اللغة العربية" تم توقيعه من طرف 240 شخصية مغربية، ضمنها أحمد الريسوني نائب رئيس التحاد العالمي لعلماء المسلمين، سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، الوزير السابق امحمد الخليفة، القيادية في حزب الاتحاد الدستوري بشرى برجال، إلى جانب وزير الثقافة السابق بنسالم حميش والحقوقي النقيب عبد الرحمان بنعمرو ، علاوة على مفكرين من قبيل عبد الله ساعف والعربي المساري.