دخلت قضية شركة جنرال كونتراكتور، التي تضرر منها أزيد من 685 زبونا في مدينة تامسنا، منعطفا جديدا بدخول القيادة العليا للدرك الملكي على الخط، بفتح تحقيق في هذه القضية، تحت إشراف الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط، لتحديد المسؤوليات في هذه الاختلالات. فبعد الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، الأسبوع الماضي، الذي ألغى قرارا استعجاليا من المحكمة الإدارية بالرباط بطرد الشركة من مشروع هبة 5، وتولي العمران إتمام المشروع لتسليم الشقق إلى أصحابها، تولى رجال الجنرال حسني بنسليمان مهمة فتح التحقيق، باستدعاء عدد من المعنيين بهذا الملف، حيث ستشمل التحقيقات الاستماع إلى مسؤولي «جنرال كونتراكتور»، ومجموعة العمران، وكذا الزبناء الضحايا. وأفادت مصادر أن التحقيق سيشمل مختلف المراحل التي مر منها التعامل مع شركة جنرال كونتراكتور، والاتفاقيات التي ربطتها بمجموعة العمران، والتغييرات التي عرفتها الشركة على مستوى مسؤوليها، وكيف أنها حصلت على تسبيقات بقيمة 8 ملايير سنتيم من الزبناء دون أن تكمل المشروع. مصادر من ضحايا الشركة أفادت أن الحصة الأكبر من التسبيقات التي حصلت عليها الشركة تمت ما بين 2009 و2010، أي في عهد المسؤولين الحاليين بالشركة، الذين يتكونون من مواطنين مغاربة وأجانب، ضمنهم موثق مغربي يمثل الشركة في الاجتماعات مع العمران. التحقيقات ستنصب على الحسابات التي كانت توضع فيها التسبيقات، وكيف صرفت هذه التسبيقات، علما أن المصادر تقول إنها تسبيقات كانت «كافية لإنجاز المشروع كله»، خاصة وأن أغلب الضحايا الذين يصل عددهم إلى 685 شخصا قدموا تسبيقات تفوق 50 في المائة من قيمة الشقق. مصادر مقربة من شركة جنرال كونتراكتور تقول إن التسبيقات وظفتها الشركة في إنجاز الأشغال الكبرى في المشروع المتكون من عدة عمارات، والذي توقفت به الأشغال حاليا، لكن الزبناء الضحايا يقولون إن الشركة وظفت أموالهم خارج المشروع. من جهة أخرى، هناك مسؤوليات أخرى ينتظر أن تظهرها التحقيقات. فمن جهة، برز هذا المشكل بشكل واضح منذ سنة 2009، عندما حصلت الشركة على تسبيقات مهمة بناء على مذكرة تفاهم مع ممثلي الزبناء، بعد تعديل اتفاقية الشركة مع العمران، لكنها أوقفت الأشغال فيما بعد، مما أثار استياء الزبناء وسخطهم. واتضح المشكل عندما طالبت الشركة مجموعة العمران بتمكنها من تفويت الأرض التي سنجز فيها مشروع هبة 5، حتى تتمكن من الحصول على قرض من البنك لإتمام المشروع، معتبرة أن إنجازها ل25 في المائة من المشروع يعطيها الحق في الاستفادة من التفويت، إلا أن العمران طالبتها بإنجاز 60 في المائة من الأشغال من أجل إتمام التفويت. أما الزبناء الضحايا، فإنهم يعارضون بشدة تفويت الأرض للشركة، حتى لا تصبح مرهونة لدى البنك في حالة تعقد المشاكل وضياع حقوقهم. كما أنه اتضح أن هذا المشكل بقي مسكوتا عنه، لسنوات إلى أن وجه الضحايا شكاية إلى الديوان الملكي في دجنبر 2014، حينها صدرت التعليمات، وتحركت العمران لرفع دعوى أمام القضاء الإداري ضد الشركة، علما أن العمران سبق أن وجهت إنذارا إلى الشركة وشركات أخرى في تامسنا بسبب تأخرها في الأشغال. وبالموازاة مع تحقيقات الدرك الملكي، تحت إشراف النيابة العامة، قام عدد من زبناء الشركة بوضع شكايات منفردة بالنصب والاحتيال لدى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بتمارة، كما قامت شركة العمران بالطعن بالنقض في حكم محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، التي قضت بعدم اختصاص القضاء الإداري الاستعجالي للبت في هذا النزاع، محيلة الملف على المحكمة التجارية. وفي انتظار حل هذا المشكل الذي تعقد كثيرا، تفيد مصادر مقربة من شركة جنرال كونتراكتور أنها مستعدة لقبول كل الحلول الحبية، بما فيها دخول العمران كشريك لإتمام المشروع، أو تعويض الشركة من طرف العمران، لتتولى وحدها إتمام المشروع.. لكن السؤال المطروح هو هل لا يزال هناك مجال للحلول الحبية بعدما تعقدت هذه القضية، ووصلت إلى القضاء، وتدخلت فيها أطراف متعددة؟