لازالت التصريحات والتصريحات المضادة تتعالى حول «فضيحة» حجب جائزة الشعر في دورتها الأخيرة. وآخر الخرجات الإعلامية ما كتبه الشاعر أحمد عصيد، في رسالة عمّمها على وسائل الإعلام أول أمس، حيث اتهم الناقد حسن مخافي بخرق قواعد الحياد الموضوعي في تقييم الأعمال المتبارية. بعد الجدل الذي أثارته وسائل الإعلام وبعض الفعاليات الثقافية حول حجب جائزة الشعر في دورتها الأخيرة، بدأت بعض خيوط اللعبة تنكشف، لتسلط الضوء على ما جرى بالضبط. إذ خرج الشاعر أحمد عصيد، الذي ترأس اللجنة، عن صمته، في رسالة عمّمها على وسائل الإعلام أول أمس، مقدما ما سمّاه ب»المعطيات الضرورية لفهم ما جرى». ومن أبرز ما جاء في هذه الرسالة اتهام عصيد الناقد والباحث حسن مخافي ب»خيانة الأمانة»، حيث كشف أن «عملية تسريب النقاشات الداخلية للجنة» تمت على يد هذا الأخير، معتبرا أنه «أفسد كل شيء». كما اتهمه بالإخلال بالمسؤولية، عندما «نقل مناقشات اللجنة ومداولاتها السرية إلى أحد الشعراء المتبارين من أجل الجائزة، أو إلى دار النشر التي قامت بترشيحه». والمقصود هنا بقول عصيد هو الشاعر المعروف محمد بنطلحة، الذي سحب ترشيحه في الأيام الأخيرة من موعد إعلان النتائج النهائية. ولم يكتف عصيد بهذا الحد، بل عمد إلى كشف بعض الأوراق التي ظلت مستورة إلى حدود الأيام الأخيرة. إذ قال إن حسن مخافي «اقترف خطأ آخر لا يُغتفر وهو إخبار مبدعين آخرين بما يجري، مما حذا ببعضهم إلى الاتصال بأعضاء اللجنة من أجل الضغط عليهم لإعطاء الجائزة للشاعر المذكور معتبرين عدم فوزه «سابقة». كما أوضح عصيد أن مخافي حاول الضغط عليه من أجل تتويج الشاعر محمد بنطلحة، بداعي أن اللجنة ستتعرض لهجومات وانتقادات إذا لم تتوج صاحب «ليتني أعمى». وفي معرض رده، فنّد الناقد حسن مخافي اتهامات أحمد عصيد، حيث أشار إلى أن «كل ما هنالك هو أن أحد المرشحين سحب عمله في أوج المداولات، وأن أعضاء اللجنة لم يستطيعوا الدفاع عن عمل آخر». كما اعتبر أن اتهاماته «تُنم عن شعور بالذنب تجاه ما اقترفه في حق الشعر المغربي وشعرائه الكبار، وفي مقدمتهم الشاعر محمد بنطلحة». كما قال إن ما جاء في مكتوب عصيد «بعيد عن الحقيقة، وليس له ما يبرهن عليه»، مشيرا إلى أنه يعبر عن «فشله في إدارة أشغال اللجنة». من جهة أخرى، قال مخافي، في اتصال مع « اليوم24» إن «المؤامرة على جائزة الشعر كشفت عن نفسها منذ اللقاء الأول الذي عقد من أجل فرز خمسة أعمال من مجموع الترشيحات»، موضحا أن بعض الأعضاء، ومن بينهم عصيد، لم يرشحوا ديوان الشاعر محمد بنطلحة ضمن الأعمال الخمسة. أما فيما يتعلق بالاتهامات الموجهة بشكل مباشر إليه، فقد تحدى مخافي عصيد بإثبات واقعة تسريب مداولات اللجنة أو اتصاله بأشخاص آخرين خارج اللجنة، موضحا أنه اقترح على اللجنة تحديد المسؤول عن ذلك، لكن اللجنة تحفظت على المسألة. كما أكد أنه تحفظ على استعمال كلمة «تسريب»، مادام لا يوجد ما يثبتها. كما بيّن أنه تحفظ على استعمال كلمتي «ابتزاز» و»ضغط» في التقرير النهائي. ونفى مخافي، أيضا، الحوار الجانبي الذي دار بينه وبين عصيد بخصوص ضرورة تتويج بنطلحة، لتفادي أي حملة إعلامية في حال عدم تتويج بنطلحة. من جهة أخرى، قال مخافي إن عصيد كتب رسالته بصفته رئيسا للجنة، موضحا أن هذا الأخير هو الذي طلب الرئاسة. كما أكد أن اختيار أعضاء اللجنة تم بناء على معيار اللغة، مضيفا أن اختيار عصيد جاء لكونه يتقن اللغة الأمازيغية. وتأسف أن هذا الأخير لم يرشح أي عمل بالأمازيغية، متهما اللجنة بالضعف، لأنها لم تنجز تقارير حول اختياراتها. غير أن مخافي لم يخف نيته تتويج الشاعر محمد بنطلحة، حيث قال إنه رشح هذا العمل «لأسباب شعرية محض». كما أشار إلى أن «إسناد جائزة المغرب للكتاب لهذا الشاعر هو تشريف للجائزة، قبل أن يكون تشريفا لهذا الشاعر»، بتعبير الناقد. جدير بالذكر أن الدواوين الثلاثة، التي تنافست في النهاية على الجائزة، هي بحسب ما كشفه عصيد كالتالي: «ألهو بهذا العمر»، للشاعرة وداد بنموسى، و»أخسر السماء وأربح الأرض» للشاعر محمد بنطلحة، وأخيرا «وصايا.. لا تلزم أحدا» للشاعر مصطفى الشليح. يشار، أيضا، إلى أن هذا الأخير أثار جدلا واسعا من خلال صفحته على الفايسبوك، كما بعث رسالة إلى وزارة الثقافة، عبر جريدة وطنية، محتجا على طريقة تدبير الجائزة وتعيين أعضاء اللجان.