أياما قليلة بعد الخرجة القوية التي قام بها رئيس مجلس المنافسة عبد العالي بنعمور، للمطالبة بإصدار المرسوم التطبيقي للقانون الجديد المتعلق بالمجلس، وتلويحه بورقة «العودة إلى النضال» مجددا من أجل استصدار هذا النص الضروري للشروع في العمل بالمقتضيات الجديدة؛ تفاعلت الحكومة بشكل سريع، حيث بادر وزير الحكامة والشؤون العامة محمد الوفا، إلى توزيع مشروع المرسوم التطبيقي على باقي الوزراء، تمهيدا لإمكانية المصادقة عليه في المجلس الحكومي الخميس المقبل. المرسوم، وفي حال المصادقة عليه، سيكون آخر خطوة قبل دخول مقتضيات غير مسبوقة للقانون الخاص بمجلس المنافسة، حيث سيصبح هذا الأخير متمتّعا بصلاحيات حقيقية وسلطات تقريرية بعدما ظلّ استشاريا على مدى 15 سنة تقريبا. فيما تعتبر الخطوة المتبقية لاستكمال مسار إخراج «دركي الاقتصاد» إلى الوجود، هي تعيين الملك لرئيس المجلس وكاتبه العام. بنعمور قال في لقاء مع مسؤولي باقي القطاعات الحكومية وهيئات التقنين المعنية بموضوع المنافسة يوم الخميس الماضي، إنه وبعد صدور المرسوم التطبيقي للقانون الخاص بالأسعار والمنافسة، «ننتظر صدور المرسوم التطبيقي الخاص بمجلس المنافسة أيضا، كما ننتظر تعيين الأعضاء الذين انتهت ولايتهم منذ أكتوبر 2013، وحتى الرئيس والكاتب العام نصّ القانون الجديد على أن جلالة الملك هو من يعيّنهم لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، ونأمل أن يتم ذلك في أقرب وقت، واش عاود غادي نبدا نناضل من أجل هادي؟ خاص التعيينات تتم باش المجلس يبدا العمل ديالو». مشروع المرسوم، الذي كشف عنه الوفا أمس، نصّ على اعتبار رئيس المجلس ممثلا له أمام جميع الهيئات الوطنية والدولية ويوقع جميع التصرفات باسم المجلس، كما أهل المرسوم الرئيس لإقامة الدعاوى باسم المؤسسة والدفاع عنها وتقديم الملاحظات أمام المحاكم باسم المجلس. في المقابل، جعل مشروع المرسوم رئيس الحكومة المخاطب الرسمي والوحيد من جانب الحكومة، كما حدّد طريقة تعاطي الحكومة مع التوصيات التي يخلص إليها المجلس. «يُخبر رئيس الحكومة مجلس المنافسة بالتدابير التي تم اتخاذها أو المزمع اتخاذها لتطبيق التوصيات التي وجّهها المجلس إلى الإدارة لتفعيل التدابير اللازمة لتحسين السير التنافسي للأسواق، وذلك داخل أجل 60 يوما الموالية لتاريخ تبليغ هذه التوصيات، كما يخبره عند الاقتضاء بالتوصيات التي لم يتم اعتمادها وكذا أسباب الرفض»، يقول مشروع المرسوم، مضيفا أن جميع طلبات الرأي والاستشارة التي تتقدم بها الحكومة إلى مجلس المنافسة، تمرّ عبر رئيس الحكومة، إما بطلب منه أو بمبادرة من القطاع الحكومي الذي يتبع له النشاط المعني بهذه الاستشارة. وفيما ألزم القانون الجديد لمجلس المنافسة هذا الأخير بالرد على طلبات الحكومة داخل أجل 30 يوما، منح مشروع المرسوم التطبيقي للمجلس إمكانية مطالبة الحكومة بتدقيق طلبها أو تعديله، ولا يبدأ احتساب أجل الثلاثين يوما إلا بعد توصّله بالطلب كاملا. كما يُلزم المشروع الحكومة بإرفاق جميع النصوص التشريعية والتنظيمية التي تطلّب إنجازها الاستعانة الإجبارية برأي المجلس، بمذكرة توضيحية تبيّن التوصيات التي أخذت بها الحكومة وتلك التي لم يتم الأخذ بها مع تبيان أسباب ذلك. عبد العالي بنعمور الذي قضى ست سنوات على رأس هذا المجلس، وركّز كل جهوده في الترافع و»النضال» من أجل إخراج المؤسسة من الخانة الاستشارية التي وُلدت فيها، وتمكينها من سلطات حقيقية تسمح بتحوّلها إلى دركي حقيقي للسوق الاقتصادية بالمغرب؛ شدّد في الفترة الأخيرة من لهجته، وقال في لقائه الأخير إن سلطات مجالس المنافسة عبر العالم لا تقتصر على المقاولات، بل تشمل حتى السلطات الحكومية كلّما أقدمت على أفعال تمسّ بالمنافسة الحرة، موضحا أن مجلسه وقف خلال السنوات القليلة الماضية، على عروض للصفقات العمومية «فيها امتياز لصالح طرف ضد طرف، لهذا لا تقتصر التجاوزات على المقاولات، بل تشمل السلطات أيضا، وهناك أمثلة نعيشها حاليا في المغرب لقطاعات تدعم فيها الدولة طرفا ولا تدعم طرفا آخر، وهذا مناف لقواعد المنافسة الحرة التي تُلزم الدولة بمعاملة الفاعلين الاقتصاديين على قدم المساواة».