أصدرت منظمة فريدوم هاوس، تقريرا عن حرية استعمال الإنترنت في العالم، حيث وضعت المغرب ضمن الدول التي يتمتع مواطنوها بحرية نسبية في مجال حرية الإنترنت المنظمة تحدثت أيضا عن التحول الذي عرفه المغرب في مجال مراقبة الإنترنت والمواقع الإلكترونية. هذا، واعتبرت المنظمة أن الربيع العربي شكل علامة فارقة في تعامل الدولة مع مراقبة الإنترنت، حيث انتقل المغرب من فرض مراقبة مباشرة على المواقع الإلكترونية من خلال حجب عدد كبير منها، وخاصة تلك التي تتحدث عن الصحراء المغربية أو مواقع بعض الجماعات الإسلامية، إلى طريقة جديدة في التعامل، وذلك عن طريق رقابة ناعمة سماها التقرير «منشورات الظل»، أي أن الدولة أصبحت تخلق عددا من المواقع الإلكترونية دون أن تظهر بأنها تابعة لها وتقوم ببعث الرسائل التي تريد إيصالها للمواطن عن طريق هذه المواقع، وهذا ما يفسر، حسب التقرير، ارتفاع عدد المواقع بالمغرب، والتي تهتم بالشأن العام. وسيلة أخرى تحدث عنها التقرير لمواجهة المواقع التي تشكل إزعاجا للدولة وهي طريق منع الإشهار عنها وتجفيف جميع منابع التمويل لكي تضطر هذه المواقع إلى الإغلاق. كما أشار التقرير إلى أن الدولة تراقب كل ما يدور في الإنترنت حتى وإن فتحت المجال أمام جميع المواقع، حيث أصبحت نتهج وسيلة توجيه الرأي العام من خلال التدخل والتعليق على المواضيع وأيضا من خلال خلق حسابات ومجموعات على مواقع التواصل الإجتماعي لتمرير بعض الرسائل السياسية، ويقول التقرير إن الدولة قامت بهذا الأمر بشكل كبير خلال الحراك العربي وظهور حركة 20 فبراير، حيث تم إنشاء عدد من المجموعات الافتراضية لمهاجمة شباب الحركة. أما عن المواقع الاجتماعية، فقد تحدث التقرير عن دورها في «التربية والترفيه وتأطير المواطنين، حيث كانت وراء تعبئة الناس للخروج في 20 فبراير وما تلتها من احتجاجات، كما أصبحت وسيلة للتأطير السياسي»، ويشار إلى أن عدد مستعملي الفايسبوك قد انتقل بين سنتي 2009 و2012 من 860 ألف مستعمل إلى أكثر من 5 ملايين مستعمل. وتعتبر مواقع التواصل الاجتماعي أكثر المواقع زيارة بالمغرب، ولهذا السبب يقول التقرير بات المدونون يعتمدون على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل التعبير عن آرائهم وجمع أكبر عدد من المتظاهرين للاحتجاج على المشاكل الاجتماعية والسياسية، كما أصبح الشباب يعتمد على الهواتف المحمولة لنشر كل ما يدور حولهم من أحداث على الإنترنت وذلك لمواجهة «الرقابة التي تفرضها الدولة على النشر»، هذه الرقابة «اضطرت عددا من المواقع إلى أن تُؤسس من خارج المغرب حتى لا يتم إغلاقها أو قرصنتها». الخطوط الحمراء لا توجد في الصحف الورقية فقط، بل أيضا على مستوى المواقع الإلكترونية، فحسب فريدوم هاوس، يمثل الحديث عن الأسرة الملكية والصحراء خطا أحمر على مستوى المواقع الإلكترونية، الأمر الذي خلق نوعا من «الرقابة الذاتية» لدى المشتغلين في تلك المواقع. من جهته اعتبر مروان حرماش مستشار في الإعلاميات «أن الدولة أصبحت واعية بأن توجيه الرأي العام لم يعد مقتصرا على وسائل الاتصال الكلاسيكية، أي التلفاز والراديو والصحافة الورقية، والتي بإمكان الدولة التحكم فيها وتوجيهها، بل تجاوزه إلى الشبكات الاجتماعية التي تؤثر بشكل كبير على المواطن»، أما على مستوى التعليقات التي تتدخل في موضوع معين لتوجيه الآراء، فقد اعتبر مروان حرماش بأنه «من الصعب الادعاء أن الدولة هي المسؤولة عن هذه التعليقات، رغم أن صياغتها تتم بطريقة احترافية قريبة من وجهة نظر الدولة». أما عن المواقع الإخبارية التي أصبحت تتكاثر بشكل كبير في المغرب، فقد أكد مروان أن «إنشاء المواقع الإخبارية من طرف أشخاص غير معروفين وبموارد مالية مهمة، وتتبنى رأيا مساندا للدولة، مرده إلى أن الدولة فهمت بأن المواقع الإلكترونية أصبحت المصدر الرئيسي للمعلومة في المغرب، ولهذا نلاحظ ظهور هذا العدد الكبير منها «. تقرير فريدوم هاوس وضع الدول العربية في مؤخرة ترتيب الدول الذي يتمتع مواطنوها بالحرية الإعلامية، حيث صنفها إلى دول تنعدم فيها حرية التعبير وهي السعودية وسوريا والبحرين والإمارات و السودان، بينما تتمتع كل من تونس والمغرب ولبنان وليبيا والأردن ومصر بهامش من الحرية، أما صنف الدول الحرة في مجال الإنترنت فقد غابت عنه الدول العربية.