يحتفل الأمازيغ في المغرب برأس السنة حسب تقويمهم في اليوم الذي يوافق 13 يناير الجاري. وبخلاف التقويمين الميلادي والهجري، لا يرتبط التقويم الأمازيغي بأي حدث ديني أو نحوه، بل بحدث تاريخي، إذ وحسب المؤرخ الأمازيغي، محمد حنداين، فإن "التقويم الأمازيغي يعود إلى حدث تاريخي يتمثل في انتصار الأمازيغ، بقيادة الملك شيشنق (ويكنى أيضا شيشونغ)، على فرعون مصر (الحاكم لدى قدماء المصريين) عام 950 قبل الميلاد". وأضاف حنداين أن "هذا الانتصار التاريخي شكل انطلاق السنة الأمازيغية". ويرجح معظم الباحثين أن "شيشنق" تمكن من الوصول إلى الكرسي الفرعوني بشكل سلمي في ظروف مضطربة بمصر القديمة، حيث استعان به مصريون قدماء ضد الاضطرابات التي عمت مصر القديمة جراء تنامي سلطة العرافين والكهنة. وفي المغرب، تتعدد مظاهر الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، لكنها تشترك في تحريم الطبخ ليلة رأس السنة، ليكتفي المحتفلون بتناول وجبة "تاكلا"، وهي مزيج من الدقيق والماء والملح والزبد والعسل، وفي زراعة شجر الزيتون في أول أيام السنة الجديدة التي تصادف هذا العام الذكرى 2965 للانتصار على الفراعنة. وقال حسن إدبلقاسم، وهو خبير سابق لدى الأممالمتحدة حول حقوق الشعوب الأصلية، لوكالة الأناضول، إن "هذه الطقوس تُبرز الاحتفاء بخصوبة الأرض وبتمنيات الأمازيغ أن تكون السنة الأمازيغية الجديدة خصبة وكثيرة النعم، فهذا الاحتفال له ارتباط بالأرض وبمنتجات الأرض". ولفت إلى أن "طقوس احتفالات الأمازيغ برأس السنة الأمازيغية لا يزال محتفظا بها في المغرب وبقية دول شمال أفريقيا وغربه، وفي موريتانيا ومالي والساحل، حيث يوجد الطوارق، إضافة إلى نيجيريا". ومظاهر الاحتفال ببداية السنة الأمازيغية كثيرة، فالرجال يضعون قصبا طويلا في المزارع والحقول حتى تكون غلال السنة الفلاحية الجديدة جيدة وتنمو بسرعة، فيما الأطفال يقطفون الزهور والورود عند مداخل المنازل، ويرتدون ملابس جديدة ويحلق الصغار رؤوسهم. ومن بين الوجبات الأكثر شعبية في رأس السنة الأمازيغية الجديدة، "التاكلا" أو "العصيدة"، وهي مزيج من الدقيق والماء والملح والزبد والعسل، إلى جانب وجبات وأطباق أخرى من قبيل "أوركيمن"، وهي حساء من الخضر، و"إينودا"، وهي مزيج من الفواكه الجافة المكونة من لوز وجوز وزبيب وتين وفول سوداني. فضلا عن الكسكس بلحم الدجاج أو اللحم بسبعة أنواع من الخضر أو أكثر، والمعروف بكثرة لدى أهالي مناطق دادس وإيمغران وتدغت وأيت عطا جنوب شرقي المملكة المغربية. ودعت العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان المغربية الحكومة إلى "إقرار فاتح السنة الأمازيغية عطلة رسمية مؤدى عنها ترسيخا للاعتراف الدستوري باللغة الأمازيغية لغة رسمية وتعبيرا عن إرادة حقيقية لمصالحة المغاربة مع تاريخهم". وأقر المغرب في دستوره لعام 2011 بكون اللغة الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية. وقال بوبكر أونغير، المنسق الوطني للعصبة الأمازيغية، لوكالة الأناضول، إن "مطلبنا بشأن إقرار فاتح السنة الأمازيغية عطلة رسمية مؤدى عنها هو مطلب كل التنظيمات الأمازيغية إثر ترسيم المغرب للغة الأمازيغية بالبلاد". ولا توجد أرقام رسمية تحدد أعداد الناطقين بالأمازيغية كلغة أم في المغرب، غير أنهم يتوزعون على ثلاث مناطق جغرافية (منطقة الشمال والشرق ومنطقة الأطلس المتوسط ومناطق سوس في جبال الأطلس) ومدن كبرى في البلاد، فضلا عن تواجدهم في الواحات الصحراوية الصغيرة.