ريتشارد مينيتر صحافي أمريكي مشهور ينشر تحقيقاته وتحليلاته في كبريات الصحف الامريكية هذا الصحافي عثر على طريقة خاصة ليزيد من دخله ،فوجد ان مقالاته وتحقيقاته يمكن بيعها لجهتين، الاولى هي الجريدة او المجلة التي تنشر العمل الصحافي ، والجهة الثانية هي بلد في العالم الثالث يمكن ارضاء السلطة فيه ببعض الجمل والفقرات مع اختيار مناسب للتوقيت ،هكذا بدت الصورة من فوق، ففي اخر تسريبات كوليمان حيث كتب الصحافي الامريكي مقالا كله افتراء على حكومة بنكيران التي تقود المغرب الى النموذج الايراني على حد زعمه، والتي تقطع إعلانات شركة الخطوط الملكية الجوية عن وسائل الاعلام التي تنشر اشهارات الخمور حسب افترائه، والتي يمنع وزير اعلامها برامج ترفيهية في التلفزات العمومية لكي يعوضها بخطب دينية متزمتة ( المقال نشر في مجلة رجال الاعمال في فوربيس يوم 25 ابريل 2012 اي بعد سنة بالضبط من فوز حزب العدالة والتنمية بأول انتخابات تشريعية بعد الربيع العربي وأوصى من توسط له بترجمة المقال ونشره في الأحداث المغربية وفي ليكونميست وفي المواقع الالكترونية ) المقال الذي طلب مينيتر 20 الف دولار مقابله كان تحت عنوان ( هل الربيع العربي سيء للمستثمرين؟ ) الجواب جاء واضح طبعا في المقال ، انه اكثر من سيء، ففي المغرب حكومة تغير فلسفة البلد وتتجه به الى النموذج الايراني والسعودي المنغلق وغير المرحب تماماً بالأجانب، وفي المغرب وزير إسلامي متعصب يمنع الأغاني والبرامج الترفيهية ويعوضها بالبرامج الدينية وكأننا تحت حكومة الطالبان ، وفي المغرب حكومة تنكرت لكل وعودها بعد سنة من تنصيبها( كان الصحافي الامريكي المحترف جداً ينتظر من حكومة بنكيران ان تحقق نسبة نمو تصل الى 7٪ في السنة الاولى من تنصيبها وهي معجزة لم تحققها أية حكومة في العالم ) المهم ان هذا الكلام غير المنطقي وهذه الادعاءات الكاذبة وجدت من يدفع مقابلها في المغرب 20 الف دولار ،ومن جيوب دافعي الضرائب الذي اختار اغلبهم هذه الحكومة بما لها وما عليها …. هنا نأتي الى مربط الفرس ان يقوم اي شخص بالتوسط لدى وسائل إعلامية غربية للدفاع عن مغربية الصحراء والرد على مناوشات الجزائر هذا شيء، وتمويل مقالات ضد الحكومة المغربية المنتخبة في امريكا هذا شيء اخر تماما ( وان كنت التحفظ على الخلط بين عمل الإعلاميين وعمل اجهزة التجسس ومكافحة التجسس لكل واحد هوية وأسلوب ومنهجية وأدوات عمل ،وكل واحد عليه ان يختار الموقع الذي يتحرك فيه وان لا يخلط بين الأمرين لان في الخلط ضرر بالاعلام وبالاجهزة معا لكن هذه قصة اخرى ) رجعت لقراءة مقال( فوربيس) مرة واثنين وثلاث فوجدت انه متحامل وغير مهني ومبني على معلومات ومعطيات خاطئة، علاوة على افتقاده الى وجهة نظر اخرى غير تلك التي استمع اليها الصحافي الامريكي ولهذا فانه ضحى بمهنيته من اجل 20 الف دولار…. مقارنة المغرب بإيران في واشنطن امر خطير جداً، وهو لا يسئ الى الحزب الذي يقود الحكومة فقط، بل يسئ الى المغرب ومصالحه الكبرى، ويسئ الى سمعة اقتصاده وينفر المستثمرين منه ،وفوق هذا ندفع من جيوب المواطنين 20 الف دولار لصحافي يسئ الى سمعتنا في امريكا و يخلط جملة منافقة عن الملك محمد السادس بآلاف الكلمات المسيئة للتجربة المغربية في الخروج من عاصفة انتفاضات الربيع العربي ،هذا امر غير مقبول وهذا يعزز اتهامات بنكيران للتماسيح والعفاريت بالسعي للإطاحة بحكومته بوسائل غير مشروعة ، وهذه الألاعيب قد تفتح الشهية لما هو اكبر من تمويل مقال في مجلة امريكية … نشر وثائق وكيليكس المغربي هذه مناسبة لفتح نقاش سياسي وقانوني وإعلامي وأخلاقي عميق ورصين حول عمل اجهزة الدولة، وحدود هذا العمل ومسوغاته، اعرف ان الكثير من هذه الاجهزة تقوم بجهد كبير لحماية امن الوطن والمواطنين والدفاع عن مصالح الدولة الاستراتيجية، لكن هذا لا يمنع من وجود حلقات ضعيفة تخدم اجندات اخرى وهي في طريقها لأداء عملها الأصلي، وتتصور ان لها حماية مطلقة باسم الدفاع عن الأمن القومي المغربي ،نحن بلاد تبني تجربة ديمقراطية لهذا وجب ان نفتح جروحنا كلها للشمس حتى تتعافى، لا ان نغطيها حتى تتقيح وتلعب الديدان فيها لعبتها…