الهذيان العصابي لتبون وعقدة الملكية والمغرب لدى حاكم الجزائر    إعطاء انطلاقة خدمات 5 مراكز صحية بجهة الداخلة وادي الذهب        جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    دعوات لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الفلسطينيين بالمدارس والجامعات والتصدي للتطبيع التربوي    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    «كوب-29».. الموافقة على «ما لا يقل» عن 300 مليار دولار سنويا من التمويلات المناخية لفائدة البلدان النامية    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    الدرهم "شبه مستقر" مقابل الأورو    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    نهيان بن مبارك يفتتح فعاليات المؤتمر السادس لمستجدات الطب الباطني 2024    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    مع تزايد قياسي في عدد السياح الروس.. فنادق أكادير وسوس ماسة تعلم موظفيها اللغة الروسية    إقليم الحوز.. استفادة أزيد من 500 شخص بجماعة أنكال من خدمات قافلة طبية    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    موجة نزوح جديدة بعد أوامر إسرائيلية بإخلاء حي في غزة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    الأمن الإقليمي بالعرائش يحبط محاولة هجرة غير شرعية لخمسة قاصرين مغاربة    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    "طنجة المتوسط" يرفع رقم معاملاته لما يفوق 3 مليارات درهم في 9 أشهر فقط    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزوغي: مهرجان مراكش فرنسي ويحتقر الفنانين المغاربة
نشر في اليوم 24 يوم 22 - 11 - 2014

يكشف حميد الزوغي، الفنان المسرحي والسينمائي، في هذا الحوار ، عن رأيه في مهرجان مراكش الدولي الذي يعتبره فرنسيا لا يفيد السينمائيين المغربية في شيء، ويدلي بدلوه بخصوص سير باقي مهرجانات السينما، ويعود إلى البدايات ليتحدث عن علاقته ببعض الشخصيات المعروفة، كالطيب الصديقي، كما يكشف بعض زوايا مسيرته الفنية التي بدأت في الستينيات من القرن الماضي، ويلقي الضوء على حقيقة ارتباطه بالمجموعتين الغنائيتين الشهيرتين ناس الغيوان وجيل جيلالة.
{‬نعرف أنك تقاطع مهرجان مراكش السينمائي، الذي اقترب موعده، منذ دوراته الأولى، لماذا هذا القرار رغم أن هذا الموعد يشكل فرصة أمامك كسينمائي لاكتشاف جديد السينما العالمية؟
كانت آخر دورة حضرتها هي الدورة الثالثة، ولن أحضر دورة هذه السنة أيضا، لأني تلقيت دعوة غير كاملة من المهرجان، إذ وصلتني دعوة لحضوره ما بين 5 إلى 9، رغم أن المهرجان سيستمر إلى غاية اليوم الثالث عشر. وما يغيظني في مهرجان مراكش هو السياسة العامة لمنظمي المهرجان الفرنسيين تجاه السينمائيين المغاربة، وهي سياسة تنظر إليهم نظرة دونية وتحتقرهم، وتعامل الفنانين المغاربة بتعال وترفع.
{‬ لكن المفروض أن المهرجان مغربي؟
لا، مهرجان مراكش مغربي بالاسم لا غير، فبعد وفاة دانييل توسكان دوبلونتيي الذي كان يشرف على تنظيم المهرجان ورثته زوجته ميليتا، أما المغاربة فإنهم يستخدمون فقط، كأثاث للفضاء العام حين تدعو الحاجة إليهم، إذ لا قيمة لوجودهم، ولا يعترف بهم، ولا يستدعون إلى الحفلات التي تنظم، والتي تقام في إطار دوائر خاصة، يصلها بعض المحظوظين أو بعض الذين يقبلون أن يكونوا «كومبارس». هذه الأشياء لمستها في الدورة التي حضرتها، وقررت بناء عليها عدم الحضور ما لم تتغير سياسة المهرجان تجاه المغاربة.
{‬ يعني أن إدارة المهرجان الفرنسية تحرم أمثالك من السينمائيين المغاربة من مشاهدة الجديد الذي يتيحه المهرجان الأول في بلدهم؟
كنت أتمنى ارتباطا بما قلت مشاهدة أفلام السينما اليابانية المكرمة هذه السنة، حسب البرنامج المسطر، لكن لا يمكنني فعل هذا في ظل ظروف مهينة. والحمد لله أن هناك مهرجانات ووسائل أخرى تتيح لنا فرصة مشاهدة هذه الأفلام.
{‬ إذن، ماذا يضيف هذا المهرجان إلى السينما المغربية؟
إذا كان مهرجان مراكش يمثل بشكل ما واجهة دعائية للسياحة المغربية، فأنا لا أعتقد أنه يضيف شيئا لنا كسينمائيين وفنانين مغاربة، إذ لا نستفيد منه، رغم أنه كان من الممكن أن يمثل سوقا للسينما المغربية، نعرض عبره أفلامنا ونعرف بها أكثر، ونلتقي موزعين من شأنهم توزيعها خارج المغرب. لكن للأسف حتى فرص التواصل مع ضيوف المهرجان من أمثال هؤلاء لا تتيحها إدارة المهرجان للسينمائيين المغاربة، وإن أتيحت فهي مرتبطة بسياقات معينة.
{‬ علاقة بالمهرجانات، المغرب يشهد تنظيم مهرجانات كثيرة على مدار السنة، هل تؤدي برأيك دورها المفترض في تقريب المواطن من عالم السينما وترويج المنتوج السينمائي المغربي؟
أعتقد أن هذه المهرجانات تستفيد من السينما أكثر مما تفيدها. وما ألاحظه في جميع المهرجانات هو تكرر اجتماع الوجوه نفسها، فنجد معظم المديرين في كل المهرجانات، وكأنها فضاء لتبادل الزيارات، ما يدفع إلى التساؤل عن جدوى هذه المهرجانات وقيمتها بالنسبة إلى المدن التي تنظم فيها، خاصة وأن عروض الأفلام غالبا ما تقدم داخل قاعات شبه فارغة، وحتى هذه الأفلام غالبا ما تتكرر في كل المهرجانات.
من جهة ثانية، أغلب المدن التي تحتضن هذه المهرجانات لا تتوفر على قاعات سينمائية، ما يدفع إلى عرضها في الهواء الطلق، أو ما شابه. إذن ماذا تفيد ثلاثة أيام من العروض أو أكثر؟ اللهم إن تحدثنا عما يشبه التنشيط الثقافي.
{‬ لكن هذه المهرجانات تُدعم من طرف الدولة؟
صحيح، لكن المفروض أن تقيم الدولة هذه المهرجانات ونعرف جدوى استمرارها. للأسف نحن لا نتوقف لتقييم ما مضى، من خلال جمع مثقفين ومهتمين ومستشارين ومسؤولين لمناقشة أين وصل كل مهرجان ومدى نجاحه، وكيف يمكن تطويره لخدمة المنطقة وتقريبه من جمهورها.
كما أن هناك صراعات على الاعتمادات، وحديث عن كون الإمكانيات غير كافية، علما أنها تصرف على أشياء لا فائدة منها.
ربما تكون نظرتي قاصرة، لكني لا أرى أية فائدة من هذه المهرجانات في عمومها، وأنتظر أن يجيبني أحد عن فائدتها، باستثناء القليل منها، كمهرجان الداخلة، وهو ذو بعد سياسي في المنطقة.
{‬ بمناسبة حديثك عن مهرجان الداخلة، هل كنت راضيا عن مستوى عرض فيلمك في الهواء الطلق ضمن فقرة بانوراما؟
لا، بل كنت سأتدخل لأوقف عرض فيلمي «بولنوار»، بعدما اكتشفت ظروف العرض الرديئة جدا للفيلم الذي سبق عرضه، «المغضوب عليهم»، لمحسن البصري. إذ لم تتوفر في ساحة العرض أي كراسي، كما أن الإضاءة في الساحة كانت تشوش على الصورة، وبالكاد يتفرج الجمهور عن طريق الاستماع إلى الصوت، وهو ما أثار استياءهم. واستفسرت عن الأمر لدى المنظمين، فكانت الظروف المادية هي السبب. وتفهمت الأمر، لكني لا أفهم ما جدوى برمجة هذه العروض إن لم يستفد منها جمهور المدينة بشكل لائق، وهذا أمر يسيء إلى السينما المغربية ولا يساهم في انتشارها. وعموما أرجو أن تتحسن هذه الظروف في الدورات المقبلة من مهرجان الداخلة، ويقام في ظروف أكثر احترافية.
{‬ إذا تحدثنا عن أوضاع المخرجين والفنانين الرواد اليوم، ألا ترى أن ما تعيشونه من حيف ونكران لما قدمتموه من تضحيات يعتبر حبا في الفن المغربي؟
هذا الحيف لا أراه في حقي فقط، وإنما يطال فنانين كبارا آخرين مهملين، كالشعيبية العذراوي مثلا، من بينهم بعض الفنانون الذين قادتهم الظروف ليشتغل أحدهم اليوم، في نهاية مساره كسائق «طاكسي». وهذه للأسف عادة سائدة في المغرب، إذ لا اعتراف بالفنانين ولا بالرياضيين الذين عملوا بصدق في بلدنا.
في هذا الصدد، قرأت في الأيام الأخيرة أن الملك خصص مبلغ 10 آلاف درهم شهريا للعربي اليعقوبي، وهو من مؤسسي المسرح في المغرب من الرعيل الأول، كيف يعقل ألا يتم الالتفات إلى هذا الرجل إلا بعد وصوله 90 سنة، وهو يعيش حياة بؤس لا تتصور؟
وأقول الحمد لله إن كثيرا من الفنانين لديهم أبناء وعائلات ترعاهم وما تزال تحضنهم، لكن أطرح السؤال: ماذا سيكون مصير من لم يعد قادرا يوما ما على العمل، من هؤلاء الفنانين، كعائشة ساجد وعبد الرزاق البدوي ونعيمة إلياس وغيرهم؟ سنجد أنفسنا يوما في دور العجزة إن لم نعد قادرين على العمل.
{‬ لكن لديكم بطاقة الفنان؟
لماذا تصلح هذه البطاقة؟ أريد من رئيس نقابة محترفي المسرح أن يخبرني ما هي صلاحية هذه البطاقة التي لا تخول للفنان دخول قاعات السينما أو المسارح مجانا، ولا تسمح له بركوب القطار أو الطائرة بنصف الثمن. ما تسمح به هو أنها تخول للفنان الحق في أن يسجل اسمه ضمن التعاضدية الصحية للفنانين.
{‬ بعيدا عن هذا، وباعتبارك واحدا من رواد المسرح والسينما في المغرب، كيف تجد مستوى سينما الشباب اليوم مقارنة مع سينما جيلكم؟
السينما المغربية في عهد جيلنا كانت لها صبغة نضالية، بخلاف سينما اليوم، رغم أنها كانت تنتج في ظروف لم يكن ممكنا معها إخراج فيلم سينمائي. مثلا في بداية السبعينات، في فيلم مصطفى الدرقاوي «أحداث بلا دلالة»، كنا نجوب بيوت الفنانين التشكيليين لطلب مساعدتهم، وكانوا يمنحوننا لوحاتهم ونبيعها للحصول على موارد مالية لإنجاز الفيلم، ولم يكن بيننا من يشتغل للحصول على المال أو لإعالة أسرته، كان الهدف الأساس هو تطوير السينما المغربية.
{‬ هل كان لتلك المساعدات مقابل؟
الفنانون التشكيليون في تلك الفترة، وبينهم فريد بلكاهية وحفيظي وحميدي، كانوا يقدمون لنا لوحاتهم بصدر رحب ودون مقابل لنبيعها ونستفيد من مدخولها قصد شراء الشريط الخام للتصوير السينمائي.
اليوم، بعدما صارت الإمكانات متاحة والتقنية متطورة، تغيرت الأمور واضمحلت القيم، تماما مثلما حدث في مجال كرة القدم، إذ في الماضي كان القميص الوطني هو الهدف الأسمى، واليوم صار الربح وأشياء أخرى هي الهدف الأول.
{‬ وكأنك تريد أن تقول إن الحس الوطني قل لدى المغاربة؟
لا أقول إنه قل، وإنما انتزع الحس الوطني من المغاربة، لأن الظروف التي عاشها المغرب على مدى 40 سنة، جعلت المغربي يفقد الإحساس بأنه يعيش داخل وطنه ويفقد معه الإحساس بالانتماء. ذلك أن السياسة التي طبقت على مدى سنوات في المغرب نزعت عنه حس الوطنية وجعلت مركز اهتمامه هو فردانيته، ولم يعد يهمه الشأن العام وما يقع حوله، وصار الهم الأساس هو أن يربح الكثير من المال في ظرف زمني وجيز.
{‬ وهذا ينطبق أيضا على المجال السينمائي؟
صحيح، الهم الأول صار هو الربح وليس العنصر الإبداعي في حد ذاته، ومثال ذلك ما حصل مع طاقم فيلم «إرهاب» لمخرجه هشام عين الحياة، الذي هرب منتجه ومعه 200 مليون سنتيم، دون أن يتمم الفيلم، حسب ما نشر.
{‬ ارتباطا بالميزانيات التي ترصد للأفلام المغربية، كثيرا ما يتحدث المخرجون اليوم عن ضعفها ويعتبرونها أحد أسباب ضعف بعض الأفلام؟
لا أعتقد ذلك، لأن كثيرا من الأفلام، ومنها مثلا الأفلام الإيرانية تنتج بميزانيات أقل من التي ترصد للأفلام المغربية ومع ذلك تتفوق عليها من حيث النتيجة. إذن فمشكل الأفلام المغربية لا يكمن في الجانب المادي، وإنما في عنصر الخلق والإبداع وفي انتقاء المواضيع، وطريقة التناول.
{‬ لِمَ برأيك لم تستطع هذه السينما أن تتطور وترتقي؟
من أبرز أسباب ذلك وجود صراعات داخلية، فمثلما أمضينا سنوات الرصاص داخل نسق من الصراعات، عشنا أيضا صراعات داخل المنظومة السينمائية، إذ أن هناك فرقا تكونت يسارا وأخرى يمينا.
{‬ متى بدأت هذه الصراعات؟ وما طبيعتها؟
بدأت تقريبا مع خلق صندوق الدعم، وكانت على عهد سهيل بنبركة، مثلما كانت أيضا خلال عهد نور الدين الصايل وهو على رأس المركز السينمائي.
وهي صراعات تتمركز حول الاستفادة من صندوق الدعم، وصراعات حول التقرب من مركز الدوائر المسؤولة، التي يمكنها أن تميل إلى جانب على حساب آخر وتؤثر فيه.
وهذه السياسة، وأقصد سياسة فرق تسد، هي سياسة قديمة ومعروفة، بهدف الاستمرار عرفها مجال السينما أيضا.
{‬ غير هذا، قبل الإخراج، بدايتك كانت في التمثيل، حدثنا عن هذا؟
مسار حياتي عرف عدة تحولات، فبعد مغادرتي لمقاعد الدراسة بحصولي على الباكالوريا، كان هدفي الحصول على تكوين أكاديمي في الإخراج السينمائي، إذ كنت متأثرا ومغرما بأفلام المخرج السويدي بيركمان، الذي اشتهر آنذاك. بعد تخرجي سنة 1964، اشتغلت في مجال السكك الحديدية، واغتنمت حينها فرصة حصولي على بطاقات سفر بالمجان، فاستقليت القطار مباشرة إلى ستوكهولهم بالسويد، حيث كان يدرس المخرج بيركمان، والتقيته وأخبرته أني قدمت من المغرب لدراسة السينما. ورد علي أنه من سوء حظي أن الامتحان كان قد مر بمدة قصيرة، وأنه حتى لو حضرت في الوقت المطلوب لن تتيسر لي المشاركة في الامتحان، لأنه يكون باللغة السويدية، والمقاعد المتوفرة لا تتاح إلا ل13 شخصا، ولا نقبل الأجانب ولا ينظم الامتحان إلا كل سنتين.
وأمام إلحاحي أخبرني المخرج أنه بإمكانه قبولي استثناء، فبقيت هناك ودخلت الجامعة لدراسة اللغة السويدية لمدة ستة أشهر، قبل أن أعيد التفكير وأقرر المغادرة إلى باريس حتى لا أضيع مزيدا من الوقت، لكن في فرنسا أيضا لم يتم قبولي لاجتياز الامتحان، لأن الطلبة المغاربة الذين كان مسموحا لهم بالدراسة في مدرسة السينما هم الذين يأتون عبر المركز السينمائي، فعدت إلى المغرب لأجد حلا، لكن وجدت أن المركز استوفى العدد وأرسل الفوج الجديد. فاتجهت نحو المسرح البلدي الذي كان يديره آنذاك الطيب الصديقي، والذي درسني المسرح من قبل، إلى جانب أحمد الطيب لعلج وأحمد امبارك.
{‬ حسنا، هذا عن بداية التمثيل، وماذا عن أول خطوات لك في تعلم الإخراج؟
بعد عودتي من السويد وفرنسا، حيث لم أوفق في دراسة الإخراج، وكنت قد تركت عملي نهائيا في السكك الحديدية. توجهت مباشرة إلى المسرح البلدي إلى حيث يوجد الطيب الصديقي، لأني آمنت أنه الأفضل الذي يمكنني أن أتلقى على يديه دروس المسرح، وأخبرته أني أريد أن أتعلم الإخراج، فرد علي: «تريد من أول وهلة أن تصير مخرجا؟»، فأجبته نعم، فوافق وأعطاني في تلك اللحظة مكنسة وأمرني بالقيام بكنس الخشبة، وفعلت ذلك مدة شهرين متتالين، لا أدري لم فعل ذلك، لكني أعتقد أنه ربما كان يختبر طول نفسي، ومدى تحملي، خصوصا وأني كنت شخصا مثقفا كان يمكنه أن يمل ويرفض في أية لحظة، لكني أطعت لأتعلم إلى آخر نفس.
بعدها بدأت في الاشتغال في الديكور مع الصديق الصديقي، رحمه الله، ثم اشتغلت في الإضاءة، قبل أن أشتغل في الملابس إلى جانب ماريا الصديقي. واستمر تعلمي هناك لأسس الإخراج المسرحي، إلى حدود سنوات 70 و71، فترة تكوين فرقة ناس الغيوان، و72 مع بداية تكوين فرقة جيل جيلالة، التي أسستها.
{‬ كان لك دور في تكوين هاتين الفرقتين كما هو معروف..
أجل، لقد شاركت في تأسيس فرقة «ناس الغيوان»، وكنت المؤسس الحقيقي لفرقة «جيل جيلالة»، وتكوين هذه الفرق بالنسبة إلي كان مندرجا في إطار الحراك النضالي آنذاك، وكنا نستفيد مما نربحه من فرقة جيل جيلالة لنصرف على إنتاج فيلم مصطفى الدرقاوي الذي تحدثنا عنه من قبل.
{‬ متى كان أول عرض لك مع ناس الغيوان، على اعتبار أنك من مؤسسيها؟
أول عرض قدمته عناصر هذه الفرقة، ولم تكن تحمل حينها اسم «ناس الغيوان»، يعود الفضل فيه للفنان الحاج يونس، إذ استقبل مدرس عود سوداني ومعه طلبة أمريكيون يدرسون الدارجة المغربية، وأتوا إلى المغرب للتمرس على اللهجة بين أهلها، وكانوا في حاجة إلى تنظيم سهرة يسمعون خلالها أغاني باللهجة المغربية، فأخبرني بذلك الحاج يونس باعتباري واحدا من عناصر هذه المجموعة التي عرفها تهتم بالملحون وغيره في انتظار الصعود إلى مسرح الطيب الصديقي، قبل أن تنفصل عنه.
جمعت كلا من علال وعمر السيد وبوجمعة… وغنينا في تلك السهرة لأول مرة وتقاضينا مبلغ 400 درهم. وبعد هذه البادرة تكلف بالمجموعة علي القادري، وهو أيضا صهر الصديقي، شقيق أخته حليمة، والذي كان مديرا إداريا للمسرح البلدي قبل أن يقع خصام بينه وبين الصديقي، إذ كان يهيئ لهم فرص التمرين في بيته وصمم لهم الملابس، وصمم الملصقات المعلنة عن المجموعة لتقديم أول عرض في سينما الملكي والعرض الثاني في سينما السعادة بالحي المحمدي.
استمرت علاقتي ببوجمعة، رحمه الله، ومحمد مفتاح والعربي باطما الذين كنت من استقدمهم للاشتغال مع فرقة الطيب الصديقي، لأننا كنا أبناء الحي نفسه، إلى أن تغيرت بعض الأمور. على إثرها صرت أهدد بوجمعة بأن أترك المجموعة وتأسيس فرقة أخرى، حيث أسستها فعلا (وهي فرقة المشاهب)، بعدما خرج عن الخط الملتزم الذي سطرناه.
{‬ قلت إن بوجمعة خرج عن الخط، ماذا فعل بعد ذلك؟
كان لدينا عرض موسيقي في مدينة الجديدة، إذ سبقتني عناصر المجموعة ولحقت بها، لكني فوجئت بها في سهرة خاصة في الفندق، في الوقت الذي كان عليهم الحضور على الخشبة من أجل التمرن على أرضيتها، وضبط الإنارة والصوت وغيره، وهذا ما كان سبب انفصالي عن المجموعة بعدما ثرت في وجه بوجمعة، خاصة وأني كنت أهدد بذلك من قبل.
{‬ بعدها خلقت مجموعة جيل جيلالة، كيف كان ذلك؟
أجل، كان معي مولاي الطاهر الأصبهاني، ومحمود السعدي الذي طرد من مجموعة ناس الغيوان بسبب مشكل بينه وبين مولاي عبد العزيز الطاهري، ثم استقطبت سكينة التي كنت أعرفها من قبل، لكن بقي أمامي إيجاد من يعزف على آلة «السنتير»، فبحث عن مصطفى باقبو في مراكش ولم أجده، وتوجهنا بعدها إلى أكادير، حيث التقينا عبد الرحمان باكا، وعدنا إلى الدار البيضاء، وتدربنا مدة شهرين في شقة خاصة بي كنت أكتريها، وأنتجنا أربعة أغاني، وهكذا تكونت مجموعة جيل جيلالة.
{‬ لكنك غادرتها بعد ذلك؟
الحياة والاستمرار داخل المجموعات صعب، لأن داخل كل مجموعة تخلق صراعات بناء على تكثلات تكونت، بعدما تغيرت ملامح شخصياتها تبعا لتحسن الأوضاع المالية للأعضاء، إذ صار من بين عناصر المجموعة من يملك شقة وأثاثا وغير ذلك، وصارت أهم لديهم مما يقدمونه من فن. من ثم بدأت ممارسة الرقابة على الذات، تبعا لهذا التخوف، حيث اضمحلت الروح النضالية التي الْتأمنا من أجلها، لذلك كان من المستحيل أن أستمر داخل المجموعة.
{‬ وأين كانت الوجهة بعدها؟
عدت إلى المسرح، وأنتجت مجموعة من الأعمال، من بينها «سعدك يا مسعود» و»الجيلالي ترافولتا» مع سعد الله عزيز وخديجة أسد، وغيرها واشتغلت مع مسرح الثمانين وقمنا بعدة جولات مسرحية.. انفصلت بعدها عن المسرح نحو السينما العالمية بوارزازات، حيث بدأت ممارسة السينما كتقني في المحافظة، وبعدها في المحافظة العامة، ثم إدارة الإنتاج، قبل أن أشتغل مساعد مخرج في أفلام عالمية. وبعد العودة من وارزازات اشتغلت في الإخراج التلفزيوني وقدمت مجموعة من الأفلام، قبل أن أخرج أفلامي السينمائية، وآخرها فيلمي «بولنوار»، الذي يعرض حاليا في القاعات السينمائية.
{‬ كيف كانت علاقتك بالطيب الصديقي آنذاك؟
لم تكن علاقتي به مستقرة، بل كانت متغيرة صعودا ونزولا تبعا لشخصية الطيب الصديقي المزاجية. إذ كان الصديقي يعتبر نفسه أستاذا أكاديميا أدرى من غيره، وكان يبدو ذلك جليا في سلوكياته، بخلاف الطيب لعلج رحمه الله.
{‬ هل حدث اصطدمت به في إحدى المرات؟
في إحدى المرات تخاصمت مع الصديقي، وذلك سنة 1961، بسبب قيامي بحركة مسرحية على الخشبة أمامه أثناء التمارين، علمني إياها الطيب لعلج، وطلب مني الصديقي حذفها، لكني بعدما أجبته أن لعلج هو من طلب مني القيام بها أثناء تمريني معه من قبل، انزعج لمعرفته أني تمرنت أيضا لدى لعلج، ولم يتقبل الأمر وطلب مني مغادرة الخشبة، لكني رفضت النزول وأخبرته أني أتيت للتعلم، لا لشيء آخر حتى أطرد، وأن لا أحد من بين أساتذتنا (كنتُ حينها طالبا في الباكالوريا) وبينهم فلاسفة، تجرأ على رفع صوته وإهانتي كما هو الشأن بالنسبة إلى باقي زملائي، وقصدت من ذلك أن أوضح له أنه كان عليه إقناعي بالعقل بما يراه مناسبا، وهذا هو المفروض في من يمنح المعرفة أيا كانت، لا التعامل معي كديكتاتور. انفعل وبدأ بالصراخ، وحتى لا يستمر الأمر تكلمت بهدوء وأخبرته أني سأنسحب، وعدت في اليوم الموالي لتصحيح العلاقة حتى لا أواجه مشاكل معه، لأنه أستاذي وسيكون ضمن لجنة الامتحانات، وقد يساهم ذلك في رسوبي، رغم أنه لم تطاوعن نفسي لأعتذر له، لأني آمنت بأني لم أخطئ في شيء، إلى أن فاتحني هو في الموضوع، معتبرا أن رد فعلي أمامه بالأمس لم يكن لائقا، فطلبت منه الاعتذار عما صدر مني، وعدت إلى الخشبة، ومنذ ذلك الحين توطدت صداقتنا.
{‬ هو اليوم صهرك، شقيق زوجتك ماريا الصديقي.
شاءت الأقدار أن ألتقي ماريا هناك، بدأ الحب وبعده الزواج الذي توج بالأولاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.