مع المخرج السينمائي والتلفزيوني حميد الزوغي تتلمذت على يد مخرجين سينمائيين عالميين كان للفنان حميد الزوغي إسهام كبير في نشوء مجموعتين غنائيتين ذائعتي الصيت: ناس الغيوان وجيل جيلالة.. وهو لهذا الاعتبار يحتفظ بالكثير من الذكريات حول الفترة التاريخية التي شهدت ميلاد الظاهرة الغيوانية. كما أن له ذكريات عديدة مع رواد المسرح والسينما: الطيب الصديقي، الروداني، لطيف لحلو، عبد الرحمن التازي، فرانسيس فورد كوبولا.. ومع مجموعة من الفضاءات الثقافية: المسرح البلدي المأسوف على حذفه من خريطة الدارالبيضاء، دار الشباب الحي المحمدي.. في هذه الحلقات من ذاكرته، يسرد حميد الزوغي لبيان اليوم، جوانب عديدة من المسار الفني والحياتي الذي قطعه حتى اليوم. سنوات حافلة بالإبداع والكد والاجتهاد لإنجاز أعمال فنية خالدة في الوجدان.. مسرحيات ودراما تلفزيونية: الجيلالي طرافولطة، ستة من ستين، تيار الغضب، حلوف كرموس، على عينك يا بن عدي.. أشرطة سينمائية طويلة وقصيرة: أربع وعشرون ساعة من حياة بحار شاب، خربوشة، بولنوار.. وبالرغم من مرور سنوات عديدة على جوانب كثيرة من هذه الذكريات؛ فإنها لا تزال تحتفظ بطزاجتها في ذاكرته، وهو هنا يسردها بصدق مشوب بالحنين. - 4 - وقعت بعض الخلافات بيني وبين عضو مجموعة ناس الغيوان الفنان بوجميع رحمه الله، وعلى إثر ذلك قررت تكوين مجموعة غنائية ثانية هي مجموعة جيل جيلالة، التي قدمت أولى عروضها بتاريخ أكتوبر 1972 بمسرح محمد الخامس بالرباط، خلال الجزء الأول من الحفل الغنائي للمطرب عبد الهادي بلخياط، هذه إذن هي أسباب نزول مجموعة جيل جيلالة، أنا كنت مسؤولا عن هذه الفرقة وتكوينها، وأنا من تولى جمع أعضائها بكاملهم، كنت مسؤولا إداريا وفنيا عن هذه الفرقة في نفس الوقت. هناك مراحل فنية قطعتها، وهي في المجمل يمكن اعتبارها مترابطة ومتسلسلة، فبعد أن مررت بمرحلة جيل جيلالة، التي دامت بالنسبة إلي حوالي خمس سنوات، وبعد أن قمنا بجولة في المشرق العربي، التي كانت من تمويل المرحوم حسن برادة، طغت بعض النزاعات بين أعضاء الفرقة، حول مسألة مادية بسيطة بصفة خاصة، وهو ما جعلني أترك الجمل بما حمل، وأدع بقية الأعضاء يتكلفون بمصاريفهم، وتابعت المجال الفني الذي تكونت فيه، والمتمثل في المسرح، حيث قمت بإخراج مجموعة من المسرحيات: الجيلالي طرافولطة، ستة من ستين، حلوف كرموس، على عينك يا بن عدي، إلى غير ذلك من العروض المسرحية، ليس هناك موضوع مشترك بين هذه المسرحيات، لأن كل مسرحية من هذه المسرحيات تتناول موضوعا معينا، فقد تطرقنا إلى قضية الانتخابات، والهجرة القروية وما يترتب عن ذلك من انتشار السكن غير اللائق،كما تطرقنا لظاهرة الجيلالي طرافولطة وانسياق الشباب نحوها، مما يبين أن هناك مواضيع وقضايا مختلفة اشتغلنا عليها في مسرحياتنا في ذلك الإبان، وبعد ذلك توجهت نحو الاشتغال على الدراما التلفزيونية، حيث قمت بإخراج مجموعة من الأعمال الدرامية، من قبيل: تيار الغضب، مسلسل ستة من ستين، ومجموعة أخرى من الأعمال، ثم انتقلت بعد ذلك إلى الإخراج السينمائي، حيث قبل أن أعمل على إخراج أفلامي السينمائية، شاركت في السينما العالمية، ممثلة في نماذج لكبار المخرجين السينمائيين، كما هو الحال بالنسبة للمخرج الأمريكي من أصول إيطالية فرانسيس فورد كوبولا، والمخرج الإيطالي برناردو برتلوتشي، والمخرج الأمريكي مارتن سكورسيزي، حيث تم تصوير مجموعة من أفلامهم الكبيرة ببلادنا، فمن خلال مشاركتي في هذه الأفلام تعلمت الكثير من تقنيات العمل السينمائي، على اعتبار أنني تعاقبت على مجموعة من المهام: المحافظة العامة، المساعدة في الإخراج، إدارة الإنتاج، إلى غير ذلك من المهام المرتبطة بتقنيات العمل السينمائي، والتي كان لها إسهام كبير وحاسم في تكويني السينمائي. بعد ذلك، وبالضبط في سنة 1994 قمت بإخراج أولى أعمالي السينمائية، وكان عبارة عن شريط قصير، تحت عنوان: أربع وعشرون ساعة من حياة بحار شاب، وفي 2008 قمت بتصوير أولى أشرطتي السينمائية الطويلة، وهو المتمثل في خربوشة (الذي يتناول حياة شاعرة ومغنية شعبية مغربية عاشت نهاية القرن التاسع عشر في إقليم عبدة، وخلفت رصيدا من الأشعار يشكل رافدا هاما لتراث العيطة. وتوثق هذه السيرة لملحمة صمود أسطوري لامرأة عادية تشحذ كبرياءها وتجهر بصوتها شعرا فاضحا لطغيان واستبداد أحد قياد ما يسمى بعهد السيبة، الذي نكل بأهلها وقبيلتها) ، وفي 2011 قمت بتصوير شريطي السينمائي الثاني: بولنوار، المقتبس عن رواية للدكتور عثمان أشقرا، بنفس العنوان، وسيناريو لبلعيد أكريدي (يتناول الفيلم فترة اكتشاف مناجم الفوسفاط في بداية القرن التاسع عشر بهضاب أولاد عبدون بإقليمخريبكة، وتجري الأحداث في قرية منجمية صغيرة توجد على مشارف مدينة خريبكة تدعى بولنوار، وتعكس مدى التغيير الذي حصل لأحد شبان القرية من خلال تحوله من فلاح أمي صغير إلى عامل بمناجم) وقد عرض هذا العمل السينمائي أخيرا في المهرجان السينمائي بخريبكة.