بعد الحملة الأخيرة التي انخرطت فيها "لجنة محاربة احتلال الملك العام" بوجدة، برز من جديد النقاش حول جدوى الأسواق النموذجية التي انخرطت فيها السلطات المحلية عبر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية للقضاء على هؤلاء الباعة، وتمكينهم من أماكن منظمة للبيع، لكن معظم الأسواق تعيش الأن حالة من "الضياع" بعدما هجرها المستفيدون الذين يرون بأن الربح بالبيع تجوالا أضمن من الأسواق. أسواق مهجورة سوق "بودير" النموذجي بشارع عبد الخالق الطريس بتراب المقاطعة الحضرية الثامنة من بين الأسواق النموذجية التي عوّلت عليها السلطات لامتصاص الباعة الذين يغلقون الملتقيات الطرقية المجاورة. السوق الذي استفاد منه 60 من الباعة المتجولين وبائعي الفواكه بساحة سيدي يحيى بالقرب من سوق مليلية، أنجز في إطار برنامج محاربة الاقصاء الاجتماعي بالوسط الحضري برسم سنة 2012 على مساحة إجمالية قدرها 1500 متر 1200 منها مغطاة. 47 مستفيدا من أصل 60 توصلوا في 31 مارس الماضي بإنذارات من الجهة المختصة عن طريق البريد المضمون "لم يتم توجيه الانذارات إلا بعد سلسلة من المعاينات قامت بها الجهة المختصة ورغم توصلهم بالإنذارات ظلت المحلات مغلقة" يقول مصدر متابع للملف. المصدر نفسه أكد بأن تقريرا لفرق تنشيط الأحياء العاملين في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، كشف بأن عملية حصر لوائح للمستفيدين من المحلات "لم تخضع للمقاربة التشاركية وإنما اعتمدت على ما قدمته السلطات المحلية"، وهو الأمر الذي أزّم من وضعية السوق فتوجه المستفيدون من جديد إلى خارج السوق "على إثر المنافسة الغير شريفة والفوضى المترتبة عن الباعة المتجولين المتمركزين في الأحياء والأزقة المجاورة مستغلين الحدود الترابية بين الملحقة الادارية الثانية والملحقة الادارية الثامنة، قام بعض المستفيدين من المحلات التجارية داخل السوق إما بإغلاقها أو تفويتها للغير مساهمين في تأزيم الوضعية للأخرين". سوق "سيدي ادريس" النموذجي ليس أفضل حالا من سوق بودير، فالسوق الذي أنجز على مساحة اجمالية قدرها 1495 مترا و استفاد منه 76 بائعا متجولا، يعيش وضعية "لا تبعث على الاطمئنان" حسب تقرير فريق تنشيط الحي الذي رصد وضعية السوق والذي تتوفر "اليوم24″ على نسخة منه. وفق نفس المصدر فان عدد المحلات المغلقة ناهزت 22 محلا، الأمر الذي دفع بلجنة مختلطة سبق لها أن عاينت الوضع إلى حث السلطات على "توجيه انذارات لأصحاب المحلات المغلقة تحت طائلة سحب الاستفادة بالنسبة لمن لم يسبق لهم التوصل بالإنذار من قبل، وسحب الاستفادة من أصحاب المحلات المغلقة الذين سبق لهم التوصل بالإنذار الأول طبقا لبنود عقد الاستغلال". التقرير المذكور يورد أيضا أن عملية الاستفادة لم تخضع هي الأخرى لمعيار "التشخيص التشاركي والتقنيات الموضوعية للاستهداف، وإنما اعتمدت فقط على الجرد الذي قام به رجال السلطات المحلية حسب المهام التي تدخل في نطاق اختصاصاتهم والطلبات المعروضة على مصالح الولاية والجماعة واقحام مستفيدين جدد في المشروع". سوق نموذجي أخر من بين الأسواق الأولى التي شيدت بالمدينة الألفية، لكنه لا يختلف وضعه عن باقي الأسواق النموذجية، فسوق "واد الناشف" ولد لدى الباعة المتجولين "حالة من النفور واعتبار المستفيدين من المحلات قناصي فرص استفادوا من حق مشروع للباعة المتجولين"، فالمستفيدون الذين يوجد بينهم العديد ممن لا تربطهم علاقة بالبيع بالتجوال "لا زالوا يبحثون عن مصلحتهم الشيء الذي يفسر سبب غياب الأثر" وتوجه الباعة المتجولين إلى البيع في الشوارع. توصيات للنجاة معظم التقارير التي اطلع عليها "اليوم24″ والتي ترصد حالة الأسواق النموذجية بمدينة الألفية، تحمل توصيات عديدة للحد من الفوضى خارج هذه الأسواق وتسعى إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه في هذا المجال. من بين التوصيات التي حملتها هذه التقارير تلك المتعلقة "بتفعيل محتوى الانذارات الموجهة وأجرأة القانون واحترام هيبة السلطة"، مع التوصية أيضا "بتغيير بنود حق الاستغلال في مسألة التفويت للغير لأن طبيعة الاستفادة لها خصوصياتها"، ولم ترى الفرق المنجزة للتقارير من حرج في التوصية ب"متابعة الذين قاموا بتفويت محلاتهم بغير موجب قانوني وتجريمهم"