حكم على نائب برلماني وصحافي رياضي بالسجن بعد إدانتهما باختلاس تذاكر مخصصة لمشجعي المنتخب المغربي خلال كأس العالم لكرة القدم في قطر عام 2022. وسلطت المحكمة الابتدائية في الدارالبيضاء عقوبة الحبس 18 شهرا على النائب البرلماني محمد الحيداوي. والحيداوي نائب منتخب عن التجمع الوطني للأحرار (حزب رئيس الحكومة عزيز أخنوش)، ورئيس نادي أولمبيك آسفي الناشط في دوري الدرجة الأولى، وهو أيضا عضو الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. في أوراق محاكمة الحيداوي، التي لا يبدو أنها قد أسدلت الستار على القضية بالكامل، سيطر على المحققين القضائيين هاجس كبير يتعلق باسم محمد بودريقة أكثر من اسم المتهم الرئيسي. بودريقة نائب منتخب في البرلمان بدوره عن حزب التجمع الوطني للأحرار، وهو رئيس نادي الرجاء البيضاوي في الوقت الحالي. على طول نص الحكم الممتد على 44 صفحة، يستمر اسم بودريقة في الظهور، هو وزوجته وأبناؤه وأشقاؤه وأصحابه. لماذا كان المحققون يركزون على بودريقة في قضية يلاحق فيها الحيداوي؟ هل كانت العملية بمثابة تمهيد لبناء أدلة قضية منفصلة؟ في هذه المادة المستخلصة من محاضر الشرطة، ومداولات المحكمة في قضية التلاعب بتذاكر المونديال، نتابع الطريقة التي طارد بها القضاء بودريقة لكن من دون نتيجة في هذه المرحلة. شهادات "غنية" لنبدأ بشهادة طارق يونس، وهو منخرط سابق في فريق الرجاء البيضاوي، وإطار بنكي. هذه الشهادة كانت بين أولى الخيوط التي بدأت بها الشرطة عملها في هذه القضية. وفق روايته، فقد تواصل يونس مع محمد بودريقة، من أجل الحصول على تذاكر مباريات المنتخب المغربي خلال دور المجموعات بحكم العلاقة الودية التي تجمعهما، وبدأت خلال فترة رئاسة بودريقة لنادي الرجاء (2012-2016). يونس سبق أن سافر إلى قطر عام 2020 رفقة البعثة الرسمية لفريق الرجاء، حيث جرت مباراة مع الأهلي المصري برسم كأس السوبر الإفريقية. وبعد عودته، وبمناسبة إجراءات الحجر الصحي آنذاك، شاءت الصدف أن يلاقي ابن بودريقة، وشقيقه، وبواسطتهما تعرف أكثر على محمد بودريقة. سيسافر يونس إلى قطر خلال المونديال مرتين، مرة خلال دور المجموعات وكان برفقة ابني بودريقة، عبد العالي وآدم، على نفقة محمد بودريقة. سلمهم 3 تذاكر تتعلق بمباراة المغرب ضد كرواتيا. في مباراة المغرب ضد بلجيكا، ثم كندا، فإن بودريقة هو من تكلف بولوج يونس إلى الملعب بدون تذكرة. في المرة الثانية لسفره إلى قطر خلال تلك الفترة، فقد كان يونس يرافق زوجة محمد بودريقة، واسمها دالية خضرة، وابنهما آدم وزوجته كذلك، وأيضا ابنة زوجته. كل شيء كان على نفقة بودريقة بهدف مشاهدة مباراة المغرب ضد فرنسا في نصف النهائي. يقول يونس إن زوجة بودريقة سلمته ثلاث تذاكر لتلك المباراة بدون مقابل. سيحدث الأمر نفسه خلال مباراة الترتيب بين المغرب وكرواتيا. يقول يونس إن بودريقة سلمه قبل أن تبدأ بطولة كأس العالم، 21 تذكرة تخص مباريات المنتخب المغربي في دور المجموعات، وكلفه بتوزيعها على ابنيه وشقيقه وصديق. لكنه سيعيد التذاكر المتبقية من عملية التوزيع لاحقا، وعددها بحسب تصريحه، 14 تذكرة، فيما احتفظ يونس بثلاث تذاكر فقط لنفسه. سيؤكد هذا الشاهد عدم رؤيته محمد بودريقة بأي شكل من الأشكال، وهو بصدد بيع التذاكر. مع ذلك، صرح أن بودريقة كلفه بتسليم 4 تذاكر تتعلق بمباراة المغرب ضد إسبانيا، إلى شخص من معارفه يعمل في بنك مغربي. كذلك كما يضيف، فقد أخبره مدير موقع infosport، باقتنائه ما بين 30 إلى 40 تذكرة بطلب من بودريقة. بعد عودته إلى المغرب، سيتصل بودريقة بيونس طالبا منه مرافقة زوجته وابنه على نفقته إلى قطر لمشاهدة مباراة المغرب ضد فرنسا. في قطر، سيستلم يونس من بودريقة ما مجموعه 9 تذاكر. مدير موقع Infosport، عمر كاميلي، سيقدم روايته أيضا لما حدث مع بودريقة. وقال للشرطة التي استجوبته، إن المعني سلمه 6 تذاكر: ثلاث تخص دور المجموعات تسلمها بالمغرب قبل السفر إلى قطر، وثلاث أخرى تتعلق بمباريات الثمن والربع ونصف النهائي. وقد تسلمها في قطر. سيقر مدير هذا الموقع برواية الشاهد طارق يونس حول بودريقة، وسيؤكد للشركة أن بودريقة "طلب مني شراء تذاكر لم أعد أتذكر عددها مقابل مبلغ 2000 يورو بواسطة بطاقتي البنكية التابعة للبنك الشعبي الدولية، لأن بودريقة لم يكن يتوفر على بطاقة مشابهة". عدلي إدريس، عضو بفريق الرجاء البيضاوي، سيحصل أيضا على تذاكر من لدن بودريقة. سيسلمه تذكرة واحدة بالمغرب تتعلق بمباراة كندا بدون مقابل، ولاحقا، في قطر، سيسلمه أربع تذاكر إضافية: واحدة تتعلق بمباراة كندا، وثلاثة تخص مباراة إسبانيا، ثم البرتغالففرنسا.
تذاكر للجميع أسامة بنعبد الله، صحفي رياضي، قدم تحليلات لمباريات المونديال على قناة "الكأس" القطرية، لكنه سيخضع لاستجواب الشرطة في قضية السمسرة بتذاكر مباريات منتخب المغرب. قال للشرطة إن بودريقة سلمه تذكرتين تتعلقان بمباراة المغرب ضد فرنسا في نصف النهائي. يقر الصحفي أن الجامعة المغربية لكرة القدم سلمته تذكرتين، كما أن وكيل أعمال لاعبين مغاربة في الإمارات سلمه أيضا تذكرتين. وفق زعمه، فقد وزع تلك التذاكر على أبنائه ومعارفه، فهو لم يكن بحاجة إليها وهو حاصل على اعتماد ولوج الملاعب. تسلم بنعبد الله أيضا مبلغ 20 ألف درهم من الجامعة الملكية لكرة القدم كأموال تستعمل لتغطية المعيش اليومي في قطر خلال تلك الفترة. سيستخدم هذا الصحفي جزءا من هذا المال لشراء تذاكر إضافية لبعض أصدقائه. عبد الرزاق النوة، شاهد استمعت إليه الشرطة في هذه القضية، سيثير اسم بودريقة مجددا. فقد قال إن هذا المسؤول سلمه تذكرة مباراة المغرب ضد إسبانيا في ثمن النهائي، ثم تذكرة أخرى تتعلق بمباراة الربع حيث واجه المنتخب المغربي نظيره البرتغالي. لكن ومع وصول المنتخب إلى نصف النهائي، ستتعدد مطالب هذا الشاهد من بودريقة، فقد طلب منه ثلاث تذاكر: واحدة له، واثنتين لابن عمه وابنه. وفق رواية هذا الشخص، فإن بودريقة طلب منه التوجه إلى فندق "فيرمونت"، حيث يوجد مكتب "الفيفا" الخاص بتوزيع التذاكر، وأن يخبرهم بأن بودريقة هو من أرسله. تلقى الشاهد النوة ظرفا يشتمل على 10 تذاكر، لكن بشرط أن يحتفظ بالتذاكر الثلاث لنفسه، على أن يوزع السبع الأخرى على فنانين معينين. سيحاول هذا الرجل بيع تذكرة في السوق السوداء، لكنه تراجع على ذلك بسبب الفضيحة على حد زعمه. لم تحصل الشرطة بناء على هذه الشهادات، على دليل حاسم يؤكد تورط بودريقة في إعادة بيع أي تذكرة، لكنها تلقت الكثير حول توزيعه تذاكر المباريات بالمجان على مقربيه. في استجوابها للشهود، كانت الشرطة تصمم على جعل بودريقة هدفا للتحقيق، حتى إن رئيسا لوكالة أسفار كان يعمل كمقدم خدمات لصالح شركة "إفريقيا غاز"، جرى استجوابه لتسليط مزيد من الضوء على الكيفية التي كانت توزع بها التذاكر في المونديال، سئل عن بودريقة. لكن في نهاية هذه المرحلة، لم تنجح على ما يبدو، سوى في مراكمة مزيد من الأدلة في حق الحيداوي.
حُكم في القضية ذاتها على الصحافي الإذاعي الرياضي عادل العماري بالحبس عشرة أشهر وغرامة قدرها 1000 درهم. لكن أبقت المحكمة على العماري في حال سراح. ووجهت إلى الرجلين تهم "محاولة النصب وبيع تذاكر المباريات بسعر أعلى، وبيع تذاكر المباريات بدون ترخيص، والمشاركة في النصب". أثارت الفضيحة ضجة في خضم منافسة منتخب "أسود الأطلس" في مونديال قطر، عندما حرم العديد من المشجعين من تذاكرهم المجانية التي وعدتهم بها الجامعة المغربية لكرة القدم بعد توجههم إلى الدوحة. بيعت تلك التذاكر في السوق السوداء بأربعة أو خمسة أضعاف قيمتها، بحسب شهادات. وفي مواجهة موجة السخط العام، تعهدت السلطات المغربية بمعاقبة المسؤولين عن اختلاس التذاكر. وكانت الشرطة القضائية قد استمعت إلى المتهمين في مطلع ماي في إطار تحقيق فتحته النيابة العامة. وتنامى السخط من عملية الاحتيال بعد أن وصل المنتخب المغربي إلى نصف النهائي، محققا إنجازا تاريخيا لمنتخب إفريقي وعربي.