يلتقي الرئيس الصيني شي جينبينغ الجمعة مع قادة عرب في السعودية في قمتين وصفتا بأنهما "معلم" في تاريخ العلاقات الصينية-العربية والعلاقات الصينية- الخليجية. وتأتي هذه اللقاءات في ثالث وآخر أيام زيارة يقوم بها الرئيس الصيني إلى السعودية للمرة الأولى منذ 2016، وثالث رحلة له إلى الخارج منذ دفعت جائحة كوفيد-19 الصين إلى إغلاق حدودها والشروع في سلسلة من عمليات الإغلاق، مما أضر باقتصادها العملاق. والتقى شي الخميس العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، ووقعا بحضور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان "اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين المملكة والصين"، حسبما أفادت وكالة الأنباء السعودية. وقد أتفقا كذلك على عقد اجتماع لقادة الدولتين كل عامين. وقال البلدان في بيان مشترك صدر الجمعة إن البلدين أكدا على "همية استقرار أسواق البترول العالمية". كما تحدث الجانبان عن "ضرورة تنفيذ الاتفاقيات المناخية بالتركيز على الانبعاثات دون المصادر" وهي مقاربة تدعو لها دول الخليج الغنية بالنفط. وتم الإعلان عن 46 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين من بينها تعليم اللغة الصينية. ويسعى الجانبان إلى تعميق التعاون بين البلدين. وبحسب البيان فإن الجانبين اتفقا على "أهمية استمرار العمل المشترك في جميع المجالات وتعميق العلاقات في إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين والوصول بها إلى آفاق جديدة وواعدة". ومن المقرر أن يشارك الرئيس الصيني الجمعة في قمتين واحدة خليجية-صينية والثانية عربية-صينية يحضرهما قادة دول المنطقة. ووصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس حكومة تصريف الإعمال اللبنانية نجيب ميقاتي والرئيس الفلسطيني محمود عباس وقادة آخرون الخميس إلى الرياض.كذلك سيحضر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وأكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس الوزراء المغربي عزيز أخنوش حضورهما. وقال الرئيس الصيني حسبما نقل عنه الاعلام الرسمي الصيني إن بلاده تتطلع إلى " بذل جهود مشتركة مع الجانب السعودي والدول العربية، لتصبح القمتان حدثين كبيرين كمعلم في تاريخ تطور العلاقات الصينية العربية والصينية الخليجية، يسهمان في الارتقاء بالعلاقات الصينية العربية والصينية الخليجية إلى مستوى جديد". وتعمل الصين أكبر مستهلك للنفط السعودي، على تعزيز علاقاتها التجارية والسياسية مع منطقة تعتمد منذ فترة طويلة على الولاياتالمتحدة في الحماية العسكرية لكنها أعربت عن مخاوفها من تراجع الوجود الأميركي. وبدأ قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست- ومن بينهم أمير قطر وملك البحرين- اجتماع القمة الخليجية، بحسب مقاطع بثها التلفزيون السعودي. وبعدها، وصل الرئيس الصيني إلى مقر انعقاد القمتين الخليجية-الصينية والعربية- الصينية، وكان ولي العهد السعودي في استقباله، بحسب التلفزيون السعودي. لم يعلن عن تفاصيل كثيرة حول اجتماعي الجمعة، لكنهما قد يشكلان فرصة لاستئناف المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي الست التي بدأت في 2004. ويقول روبرت موجيلنيكي من معهد دول الخليج العربية في واشنطن إن "الصين سترغب في إنهاء المفاوضات التي طال امدها، حيث تشكل اتفاقات التجارة الحرة مع تكتلات تجارية ضخمة تمثل مسألة هيبة لبكين". وأضاف "الأمر ليس بهذه البساطة لدول مجلس التعاون الخليجي التي تبدو مهتمة أكثر بتقديم العلاقات الثنائية وتشارك بدرجات متفاوتة بمنافسة اقتصادية إقليمية مع الدول الاعضاء المجاورة لها". وسيشكل تحقيق اختراق في اتفاق التجارة خطوة ستساعد السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم واكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، في تنويع الاقتصاد في توافق مع "رؤية 2030" الإصلاحية التي قدمها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وذكرت وسائل إعلام سعودية أن الزيارة تشهد توقيع اتفاقيات بنحو 29,3 مليار دولار في مجالات عدة، في وقت تريد فيه الصين تعزيز اقتصادها المتضرر من فيروس كورونا. ولكن موجيلنيكي أشار إلى أن أهمية هذه الاعلانات ستتوضح في حال تجاوزت مرحلة التعهدات. وتابع "عندما يتعلق الأمر بعلاقات الصين الثنائية مع الخليج والشرق الأوسط، يجب أن يتذكر الجميع أن توقيع مذكرات التفاهم والتعهد بالقيام باستثمارات أسهل بكثير من الالتزام برأس المال". وكان البيت الأبيض حذر من "النفوذ الذي تحاول الصين تنميته حول العالم". قال الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي للصحافيين الأربعاء "نحن مدركون للنفوذ الذي تحاول الصين توسيعه حول العالم". وأضاف أن "الشرق الأوسط هو بالتأكيد من هذه المناطق التي يرغبون في تعميق مستوى نفوذهم فيها". وتابع "نعتقد أن العديد من الأمور التي يسعون إليها، وطريقة سعيهم إليها، لا تتلاءم مع الحفاظ على النظام الدولي الذي تحكمه قواعد" محددة. وتابع كيربي "لا نطلب من الدول الاختيار بين الولاياتالمتحدةوالصين، لكن كما قال الرئيس مرات عدة، نعتقد أن الولاياتالمتحدة هي بالتأكيد في وضع يتيح لها القيادة في إطار هذه المنافسة الاستراتيجية".