شكّلت دورة الألعاب الأولمبية الشتوية مناسبة مهمة للرئيس الصيني شي جين بينغ لعقد لقاءات مهمة وإبرام اتفاقيات مع قادة وزعماء حضروا افتتاح الدورة، الذي قاطعته أعداد من الدول الغربية في مقدمتها الولاياتالمتحدة. وأجرى الرئيس الصيني على هامش حفل افتتاح أولمبياد "بكين 2022" اجتماعات مع عدد من الرؤساء والقادة، بينهم ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حيث أبدى الطرفان حرصا على تحقيق نقلة نوعية في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين. وقال الرئيس شي إن الصين تعتزم التعاون مع الإمارات في بناء "شراكة استراتيجية شاملة بينهما في العصر الجديد"، مشيرا إلى أن بلاده تتجه للمشاركة بفاعلية في مشاريع التنمية الكبرى بالإمارات، وتوسيع نطاق التعاون بين البلدين في مجالات مختلفة، من بينها الطاقة الجديدة والطاقة المتجددة والفضاء والطيران. وتبدي الصين في السنوات الأخيرة اهتماما كبيرا بتعزيز العلاقات مع دول الشرق الأوسط، ولاسيما مع منطقة الخليج العربي، التي تشكل مركز جذب اقتصادي ونفوذ دولي باعتبارها مصدرا مهما للطاقة. وتحاول الصين الاستفادة قدر الإمكان من التحول المسجل في نهج دول الخليج لجهة التخفيف من الارتباط بالنفط، والذهاب نحو بناء تنمية شاملة، وما يفرضه هذا التمشي من توطين لتكنولوجيا الصناعات المدنية والعسكرية، وجلب الاستثمارات الأجنبية. وقال الرئيس الصيني خلال لقائه بولي عهد أبوظبي إن بلاده مستعدة للعمل مع دول مجلس التعاون الخليجي، لتسريع مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة. وأضاف شي أن "تسريع مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة سيضخ حيوية جديدة في اقتصاد الجانبين والاقتصاد العالمي أيضا". وحققت التبادلات التجارية بين الصين والخليج قفزة نوعية، حيث تجاوزت الأرقام مئتي مليار دولار. ويرى مراقبون أن هناك حرصا متبادلا بين الصين ودول الخليج على تعزيز التعاون بينهما، بالرغم مما قد يثيره ذلك من تحفظات أميركية. ويشير المراقبون إلى أن دول الخليج دخلت مرحلة جديدة لتنويع اقتصادها، وهو ما يجعلها في حاجة إلى تنويع الشركاء الإقليميين والدوليين، للاستفادة ما أمكن من ذلك، وتعد الصين أحد أهم الشركاء باعتبارها تمثل القوة الاقتصادية الثانية على الصعيد الدولي بعد الولاياتالمتحدة. ويلفت المراقبون إلى أن للتقارب مع الصين خلفيات أخرى، لعل أبرزها المواقف الأميركية حيال جملة من الملفات، ومنها الرغبة في تخفيف حجم حضورها وتعاطيها المتردد مع التهديد الإيراني في المنطقة، الأمر الذي يدفع دول الخليج إلى البحث عن بديل. وقال ولي عهد أبوظبي إن تعزيز العلاقات مع الصين يعد أولوية في السياسة الخارجية للإمارات. وأشار الشيخ محمد بن زايد، وفق ما نقلت عنه وكالة شينخوا الصينية، إلى أن بلاده ستظل ملتزمة بترسيخ الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع الصين وتعميقها. وسبق وأن أبدت الولاياتالمتحدة تحفظات على العلاقات بين الإماراتوالصين، وقد وضعت جملة من الاشتراطات لاستكمال صفقات أسلحة متطورة مع الإمارة الخليجية، بينها أن تتخلى الأخيرة عن استخدام منتجات شركة "هواوي" الصينية العملاقة في شبكات الاتصالات الخاصة بها. ويرى مراقبون أن محاولات الولاياتالمتحدة لعرقلة التقارب الصيني – الخليجي لا تبدو ناجعة حتى الآن، وأن واشنطن تبدو في حاجة ماسة إلى إعادة مراجعة سياساتها تجاه دول المنطقة في حال أرادت فعلا قطع الطريق على بكين. ويشير المراقبون إلى أن حضور قادة دول الخليج افتتاح أولمبياد بكين بالرغم من المقاطعة الغربية، لا يخلو من رسائل سياسية تعكس حرص هذه الأطراف على الذهاب قدما في خيار تعزيز العلاقات مع الصين. وأعلن مجلس التعاون الخليجي في الثاني عشر من يناير الماضي عن اتفاق مع الصين، خلال زيارة للأمين العام للمجلس نايف الحجرف ووزراء خارجية كل من السعودية والإمارات والبحرين والكويت إلى بكين. وتضمن الاتفاق "ضرورة إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مجلس التعاون والصين في أسرع وقت، بهدف زيادة مجالات التعاون المتبادلة وتعميقها". كما أوصى ب"التوقيع على خطة العمل المشتركة للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون والصين بين عامي 2022 و2025 في أسرع وقت". ونص الاتفاق على "ضرورة إتمام المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون والصين في أسرع وقت ممكن، وإقامة منطقة التجارة الحرة بين مجلس التعاون والصين في وقت مبكر".