خدعوا الشعوب بالكفاءات التكنوقراطية لاستبعاد الأحزاب،،لا أقل ولا أكثر: (؟!!! )    الجزائر تزداد عزلة دوليا: مواقف النظام تجاه تركيا والقضية الكردية تكشف هشاشة سياسته الخارجية    استنفار وسط مدارس طنجة لتعزيز التلقيح ضد "بوحمرون"    محكمة النقض تنقض 23% من القضايا المعروضة عليها في 2024.. وعرض 59 قاضيا على المجلس التأديبي    غليان في قطاع الصحة.. إضراب وطني ووقفات وتهديد بتصعيد غير مسبوق    قبيل شهر رمضان.. حماية المستهلك تدعو لتخفيض الأسعار ومواجهة الوسطاء    مخاطر الإرهاب تجمع المغرب وإسبانيا    فرق الإطفاء تنجح في إخماد حريق بغابة "أغاندرو" في الحسيمة    موجة برد وتساقطات ثلجية تهم عدة مناطق بالمغرب من الأربعاء إلى السبت    حاملاً رسالة إلى الملك.. مباحثات تجمع وزير خارجية غامبيا وبوريطة بالرباط    أنغام زورا تانيرت تعيد الحياة لذكريات شهداء زلزال أكادير    تسجيل إصابة 79 نزيلة ونزيلا بداء "بوحمرون".. وسجن طنجة في المقدمة    العدوي: يتعين الحفاظ على مجهود الاستثمار العمومي    الرباط .. الصناعات الثقافية والإبداعية وتحديات التحول الرقمي في صلب أشغال الدورة ال24 لمؤتمر وزراء الثقافة العرب    رسميا.. الكاف يعلن عن تأجيل بطولة أمم إفريقيا للمحليين إلى غشت المقبل    تخليق الحياة العامة: النيابات العامة تضبط 61 حالة رشوة عبر الخط المباشر في 2024    مصرع امرأة في العرائش بعد اندلاع حريق داخل منزلها    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    عمر نجيب يكتب: معركة غزة تعدل مفاهيم وقواعد الحرب الحديثة غير النظامية    العدوي: الحصيلة المنجزة في مجال محاربة الأمية "غير مرضية" رغم الغلاف المالي المعبأ الذي بلغ 3 ملايير درهم    انطلاق مهرجان آنيا تحت شعار "الناظور عاصمة الثقافة الامازيغية"    الرباط.. مؤتمر حول مكافحة الإرهاب والأمن البحري على طول السواحل الإفريقية الأطلسية    بعد أخبار مصرية حول تأجيل كأس أفريقيا للأمم.. الجامعة الملكية المغربية توضح    تسجيل نمو ملحوظ في المبادلات التجارية بين المغرب وإسبانيا في سنة 2024    أشرف حكيمي يوضح حقيقة وضع أملاكه باسم والدته    "تضخيم أرباح" يورط مستوردين مغاربة في شبهات تبييض أموال    "بوحمرون" يقتحم أبواب السجون المغربية وينتشر بين المساجين    أخنوش يترأس حفل بمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة 2975    العدوي تقدم عرضا أمام مجلسي البرلمان حول أعمال المجلس الأعلى للحسابات برسم 2023/2024    الفنان ياسين احجام يروج لشخصية المعتمد بن عباد    3 آلاف شرطي يعتقلون رئيس كوريا الجنوبية المعزول    غياب مدرب الجيش الملكي عن مواجهة صن داونز بعد خضوعه لعملية جراحية ناجحة    "الكاف" يضع المنتخب المغربي في القبعة الأولى الخاصة بقرعة كأس إفريقيا للمحليين    مجلس الحسابات يحذر من تأخر إنجاز مشاريع الطاقات المتجددة ويدعو إلى تحسين الحكامة    انتشار "بوحمرون" في 13 مؤسسة سجنية: تسجيل 79 إصابة و27 حالة شفاء    تداولات الإفتتاح ببورصة الدار البيضاء    فاروق لايف: التغيير بدأ قبل حملة التنمر وسأجعله مصدر إلهام للآخرين    نادي مولنبيك البلجيكي يتعاقد مع بنجديدة على سبيل الإعارة    اختيار جامعة محمد السادس لقيادة قطب الاستدامة بمنتدى مستقبل المعادن بالرياض    استثمارات خليجية تنقذ نادي برشلونة من أزمته المالية الكبرى    اليوبي: الوضعية الوبائية "عادية" وفيروسات الموسم مألوفة لدى المغاربة    تسجيل 25 إصابة بداء بوحمرون في السجن المحلي طنجة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    أرسنال يفتقد خدمات مهاجمه البرازيلي خيسوس بسبب الاصابة    بلقصيري تحتفي بالكتاب الأمازيغي والغرباوي في "آيض يناير"    إيض يناير 2975: الدار البيضاء تحتفي بالتقاليد والموسيقى الأمازيغيين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الاتحاد العام للصحفيين العرب يجدد دعمه للوحدة الترابية ولسيادة المغرب على كامل ترابه    تقرير يكشف أن 66 قضية أمام المحاكم تخص نساء ورجال التعليم خلال 2024    للمرة الثانية.. تأجيل إعلان ترشيحات جوائز الأوسكار بسبب حرائق لوس أنجلس    مؤتمر إسلام آباد يدعم تعليم المرأة    العاهل الإسباني يؤكد على الطابع الخاص للعلاقات مع المغرب    لجنة الأوراق المالية الأمريكية ترفع دعوى ضد إيلون ماسك بسبب "تويتر"    العيون تحتفل بحلول "إيض إيناير"    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماركيز: أديب السحر والعزلة
نشر في اليوم 24 يوم 19 - 04 - 2014

وقد استطاع هذا الأديب، الذي يعتبر آخر عمالقة القرن العشرين، أن يبصم الحياة الأدبية العالمية ببصمة خاصة، كان قوامها السحر والعزلة، بعدما كاد ناشر أن يغرقه في بحر الإحباط والفشل، وهو ينصحه بالابتعاد عن كتابة الرواية.
«اسمي غابرييل غارسيا ماركيز. آسف، فأنا، شخصيا، لا يروقني هذا الاسم، لأنه سلسلة من كلمات عادية لم أستطع قط أن أربطها بنفسي. تمكنت حتى الآن، على الأقل، من البقاء على قيد الحياة بفضل الكتابة. مهنتي الحقيقية هي مهنة ساحر، أحاول القيام ببعض الحيل التي أضطر إلى أن ألوذ بها. اهتمامي منذ أن كنت طفلا منصب على أن يحبني الناس. هل نجحت في ذلك في رواياتي؟! سيسعدني الأمر.» هكذا كتب الكاتب العالمي الأشهر معرفا بنفسه وباهتماماته الأدبية والإنسانية، واصفا نفسه بالساحر الذي يتقن ألاعيب الكلمات ويصنع سحرها من أجل شيء واحد: بلوغ حب الناس. وقد استطاع ذلك بفضل كتاباته الصحافية والأدبية المتنوعة، بل تمكن من أن يتوج بأرقى وأغلى الجوائز الأدبية العالمية -ومن بينها نوبل- وأن يجعل من نفسه واحدا من عمالقة الأدب خلال القرنين العشرين والحادي والعشرين.
ولد «غابرييل غارسيا ماركيز»، أو «غابو» كما يناديه الأصدقاء والمقربون، يوم سادس مارس 1927 في بلدية «أراكاتاكا» الكولومبية. تربى في أحضان جده وجدته إلى غاية سنة 1936، قبل أن يلتحق ببيت والديه، الذي عاش به نوعا من الاغتراب في البداية، لأنه عاش طفولة مختلفة في بيت جده وألف أجواء الحكايات التي كان يرويها له جده. إذ تشكلت آراؤه السياسية والفكرية بفضل هذه الحكايات، حيث قال في حوار مع أحد أصدقائه: «جدي الكولونيل كان ليبراليا. ربما كان مصدر أفكاري السياسية». إلى جانب هذا، لعبت جدته أيضا دورا حاسما في تربيته، ذلك أنه استلهم طريقتها في «التعامل مع ما هو استثنائي باعتباره أمرا طبيعيا تاما».
بدأ «ماركيز» حياته المهنية صحافيا، وهو يدرس القانون بالجامعة الوطنية الكولومبية، حيث زاول مهنة الصحافة في العديد من الجرائد بين سنتي 1948 و1952. إذ قال في هذا السياق: «أكتب مقالة، فيؤدون لي ثلاث بسيطات مقابل ذلك، وربما افتتاحية من أجل ثلاث أخرى». فأصبح بعد تجربة قصيرة واحدا من أنشط الكتاب والصحافيين ضمن مجموعة عرفت باسم «مجموعة بارانكويلا»، وهي جمعية كانت تقدم حافزا كبيرا من أجل الكتابة الأدبية. وقد تعرف من خلال أنشطة هذه الجمعية على أعمال كتاب عالميين كبار أمثال «فرجينيا وولف» و«وليام فولكنر»، وعمل من خلالها على تشكيل منظور موحد حول ثقافة الكرايب. وبعد تجربة طويلة نسبيا في مجال الصحافة، أصبح «غابو» سنة 1958 رئيس تحرير جريدة «فنزويلا غرافيكا».
تعتبر رواية «الأوراق الذابلة» أول عمل أدبي يكتبه «ماركيز»، حيث تطلب منه نشرها سبع سنوات. وقد كاد يستسلم على إثرها للإحباط والفشل، بعدما تلقى رد أحد الناشرين يقول فيه: «ليس لديك أي مستقبل في كتابة الرواية يا ولدي، وأقترح عليك أن تبحث عن مهنة أخرى». وتدور أحداث هذه الرواية في مدة نصف ساعة يوم 12 شتنبر 1928، وتروي قصة كولونيل يحاول أن يمارس طقوسا مسيحية لدفن طبيب فرنسي مجهول، بحضور ابنته وحفيده. كما تكشف الرواية تجربة الحفيد مع الموت. عن هذه الرواية، قال «غابو» إنها أفضل ما كتب منذ بداياته الأولى إلى حدود سنة 1973.
أما روايته الأشهر «مائة عام من العزلة»، التي صدرت سنة 1967 وحققت مبيعات قياسية في العالم كله، فهي تقوم على حلم كتابة رواية حول بيت جده حيث ترعرع خلال طفولته. لكن الفكرة كانت تعانده، إلى أن واتته في إحدى سفرياته رفقة الأسرة. فباع سيارته، ليؤمن مصدر عيش أسرته، وينكب على الكتابة. لكن العملية استغرقت فترة أطول، رغم أنه ظل معتكفا على تأليفها يوميا طيلة 18 شهرا، وظلت أسرته تعيش على الاقتراض طيلة تسعة أشهر. ومن حسن الحظ أن الرواية حققت نجاحا كبيرا، خاصة بعدما ترجمت إلى لغات أخرى، وقادته إلى إحراز جوائز عالمية من بينها «نوبل» وجوائز أخرى. لكن «ماركيز» نفسه عبر ذات مرة عن حيرته تجاه اللغز الذي حقق نجاح هذه الرواية بالقول: «لم يدرك أغلب النقاد أن رواية مثل «مائة عام من العزلة» هي بمثابة نكتة مليئة بالإشارات إلى الأصدقاء المقربين».
بعد «مائة عام من العزلة»، توالت نصوص «غابو» الأدبية، من أعمال مسرحية وحكايات وقصص وروايات، وكذا المقالات الصحافية، إلى أن تمكن من كتابة رواية أخرى لا تقل شهرتها عن «مائة عام من العزلة»، ويتعلق الأمر ب«الحب في زمن الكوليرا»، التي تروي قصة عشق بين «حبيبين يكتشفان حبهما في «سنواتهما الذهبية»- في سبعينات عمرهما، عندما أحاط بهما الموت من كل جانب». وتقوم فكرة هذه الرواية على تجربة والدي «ماركيز»، مع فارق بسيط يكمن في أن والديه متزوجان، أما شخصيتا الرواية «فيرمينا داثا» و«فلورنتينو أريثا» فلم تكونا ذلك.
وفي سنة 2002، نشر «ماركيز» كتاب مذكراته بين سنتي 1927 و1952 تحت عنوان «عشت لأروي». إذ يركز هذا الكتاب على أسرته ودراسته وبداياته المهنية الأولى وتأليفاته الأدبية الأولى، خاصة في مجال القصة القصيرة، كما يحيل، في الآن ذاته، على بعض وقائع حياته، بما في ذلك «مجزرة إضراب عمال مزارع الموز»، التي يشير إليها الكاتب في روايته «مائة عام من العزلة».
في أعماله الأولى خصوصا، تميزت كتابة «ماركيز» بنزعة واقعية سحرية، حيث يمثل الواقع تيمة مهمة تعكس الواقع الكولومبي، بل وتحدد بنية كتبه. لكن «ماركيز» اعترف: «لا آسف على كتابتها، لكنها تنتمي إلى نوع مقصود من الأدب، يقدم رؤية ثابتة وخاصة عن الواقع». أما في أعماله المتأخرة، فقد قارب الواقع بطريقة مختلفة تقوم على السرد دون إقحام عبارات باردة وجامدة، وهو ما وصفه الناقد الكوبي «أليخو كاربينتر» ب«الواقعية السحرية».
ثمة تيمة أساسية أخرى تخترق أغلب أعمال «ماركيز»، وهي العزلة. إذ «تكشف رواية «الحب في زمن الكوليرا»، شأنها شأن أغلب أعمال «غابرييل غارسيا ماركيز»، عزلة الفرد والإنسانية… وهي ترسمها عبر عزلة الحب والوقوع في مخالبه». فإذا كانت العزلة، كما يقول «ماركيز» نفسه، هي تيمة كل كتاباته، فلأنها تمثل بالفعل مشكلة لكل إنسان، ذلك أن «كل واحد يمتلك طريقته الخاصة في التعبير عنها، حيث يخترق هذا الشعور أعمال العديد من الكتاب، رغم أن البعض منهم قد يعبر عنه بطريقة لاشعورية»، حسب تعبير الراحل. إذ يربط «ماركيز»، حسب ما جاء في خطابه أثناء حفل تسلم جائزة نوبل الموسومة ب«عزلة أمريكا اللاتينية»، تيمة العزلة بتجربة شعوب أمريكا اللاتينية كلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.