يبدو أن الصراع حول الماء بالجماعات التي تعرف زراعة الكيف بدأ يتخذ أشكالا أكثر حدة وخطورة، حيث كشفت مصادر مطلعة أن جماعة سيدي بوتميم بنواحي «تارجيست» عرفت، أول أمس، مواجهات دامية بين سكان بدوار «ألمسا» بقبيلة «بني مزدوي»، التابعة للجماعة المذكورة، بعد صراع حول أحقية الاستفادة من المياه التي تستعمل لري المحاصيل. ووفق المصادر ذاتها، فإن المواجهات بدأت بمشادات كلامية بين عائلتين، قبل أن تتطور إلى اشتباك استعملت فيه العصي والهراوات والأسلحة البيضاء (الشاقور)، قبل أن يستل أحدهم بندقية صيد ويصيب اثنين بالرصاص. الحادث -وفق نفس المصادر- أسفر عن إصابة 8 أفراد نقلوا إلى المستشفى المحلي ب «تارجيست»، قبل إحالتهم على المستشفى الجهوي محمد الخامس بمدينة الحسيمة لتلقي العلاج، فيما هرعت إلى عين المكان مختلف المصالح الأمنية للوقوف على الحادث، وتهدئة الوضع لتفادي تطوره إلى مواجهات واسعة. وأكدت المصادر ذاتها، أن 5 من المصابين غادروا المستشفى، أمس، بعد تلقيهم للعلاج، فيما كان 3 أفراد مصابين يرقدون بنفس المستشفى إلى غاية صباح أمس الاثنين. حادث أول أمس، أعاد إلى الأذهان عدة حوادث شبيهة عرفتها المنطقة بسبب الصراع حول المياه. وكان نشطاء من منظمات المجتمع المدني أطلقوا تحذيرات سابقة في وجه السلطات المحلية التي طالبوها بالتدخل لردع بعض الأباطرة والفلاحين الكبار الذين يتوفرون على ضيعات شاسعة لزراعة الكيف، يقومون باستغلال المياه بشكل يؤثر سلبا على محاصيل الفلاحين والمزارعين الصغار، ويهددهم في فترات الصيف حتى بالعطش، وتكمن أساليب هذه «المافيا» في استعمال مضخات عملاقة لضخ المياه إلى هذه الضيعات، ما يؤثر على منسوب المياه! من جانبه، كشف شريف أدرداك، رئيس جمعية «أمازيغ صنهاجة الريف»، أن مثل هذه الحوادث تعرف ذروتها في هذه الفترة بالذات، وإلى غاية اقتراب موسم الحصاد، وأكد أدرداك في تصريح ل «أخبار اليوم» أن هذه الحوادث الدامية ظهرت بعدما اقتحم المنطقة كبار المزارعين الذين يضخون المياه بوسائل حديثة، وهو ما أثر بشكل سلبي على الفرشة المائية، وتسبب في شح المياه الذي أدى بدوره إلى تخلي الفلاحين عن عرف كان سائدا في عموم مناطق زراعة الكيف هو الري ب «النوبة». وكشف نفس المتحدث، أن الجمعية سبق وأن نبهت إلى خطورة الوضع، وجددت مطالبها بضرورة تدخل السلطات أولا لمحاربة بعض الأباطرة القادمين من خارج المنطقة، والذين يستغلون الغابات لإقامة مزارع للكيف، والتأثير على المخزون المائي، كما حصل نهاية الأسبوع الماضي عندما قدم إلى منطقة «بني بونصار» أحد هؤلاء الأباطرة من مدينة طنجة، وشرع على مدى يومين باجتثاث الأشجار قبل تدخل الساكنة المحلية لتوقيفه. وأيضا دعت إلى ضرورة التدخل على مستوى توفير بعض الحلول، خاصة إنجاز السدود التلية لتخزين المياه الضرورية لري محاصيل الفلاحين الصغار، تجنبا لاندلاع مواجهات في المستقبل قد تكون أعنف.